بعد أن خارت قوى التنظيمات الإرهابية وانحسرت مناطق نفوذها وفقدت تأثيرها الجزئي على بعض المجتمعات، فضلاً عن سقوط القناع عن وجهها القبيح وافتضاح أمرها، اتجهت تلك التنظيمات إلى إستراتيجية استغلال المناسبات كي تبث الرعب في نفوس الآمنين؛ للإيعاز بأنها ما تزال موجودة وما زال تأثيرها قائمًا. ويمكن القول إن هذه الإستراتيجية تكاد تكون الوحيدة التي تلجأ إليها الجماعات المتطرفة في الفترة الأخيرة، بعد أن أصبحت في مرحلة الترنح الشديد قبل السقوط، بفضل زيادة التضييق عليها أمنيا وفكريا.
وفي هذا السياق تابع مرصد الأزهر لمكافحة التطرف الحادث الإرهابي الأليم الذي أسفر عن مقتل 4 أفراد وإصابة 10 آخرين في تفجير استهدف حافلة سياحية بمنطقة الهرم في محافظة الجيزة غربي القاهرة، حيث أعلنت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها ـــ مساء الجمعة 28/12/2018م ـــ عن انفجار عبوة بدائية الصنع كانت مخبأة بجوار سور بشارع المريوطية بمحافظة الجيزة أثناء مرور أتوبيس سياحي، مما أسفر عن وفاة أربعة أشخاص من بينهم المرشد السياحي وإصابة 10 من السائحين، بالإضافة إلى سائق الأتوبيس ومندوب شركة السياحة.
ويدين مرصد الأزهر هذا الحادث وأمثاله من الأعمال الإرهابية بشدة، التي لا تمتُّ لتعاليم الإسلام بصلة؛ بل هي أعمالٌ تنكرها الأديان السماوية وترفضها الأعراف الإنسانية.
وقد تابعت وحدة الرصد باللغة الإسبانية أصداء هذا العمل الإرهابي في وسائل الإعلام المختلفة الناطقة بالإسبانية، والتي سلّطت الضوء بشكل كبير على هذا الحادث وتداعياته، فضلا عن تناقل مختلف وكلات الأنباء لتفصيلاته. وفي هذا السياق أشارت صحيفة "إلموندو" الإسبانية إلى الخبر تحت عنوان: "مصر: مقتل أربعة في انفجار حافلة سياحية بالقرب من الأهرامات". وجاء في الخبر أن التحقيقات الأولية أظهرت أن الحافلة سلكت طريقًا مختلفًا عن المسار الذي خصصته الأجهزة الأمنية لها. وأضافت أن رئيس الوزراء المصري "مصطفى مدبولي" قد زار الجرحى، وأكد على أن جميع الرحلات السياحية ومساراتها مؤمنة من وزارة الداخلية؛ لكن الحافلة التي تعرضت للحادث قد غيرت مسارها دون إبلاغ مسبق للشرطة.
وتحت عنوان: "سقوط ما لا يقل عن أربعة سائحين في هجوم بالقرب من الأهرامات المصرية"، أشارت صحيفة "لا راثون" الإسبانية إلى مقتل اثنين من السائحين، فضلًا عن المرشد السياحي المصري وإصابة عشرة آخرين. وأضافت الصحيفة أن هذا الهجوم هو الأول ضد السائحين في مصر منذ هجوم أكتوبر 2015 والذي نُفّذ ضد الطائرة الروسية التي تحطمت في سيناء بعد انفجارها، مما تسبب في وفاة 224 راكبًا.
وقد سلطت صحيفة "إل باييس" الإسبانية الضوء على تفاصيل الحادث، وأكدت عدم إعلان أية منظمة إرهابية مسؤوليتها عن هذا العمل الإجرامي حتى لحظة إذاعة البيان. جاء ذلك في خبر بعنوان: "أربعة قتلى بانفجار قنبلة في طريق حافلة سياحية بالقرب من أهرامات الجيزة".
كما ذكرت صحيفة "إنفوباي" الأرجنتينية تفاصيل الحادث الإرهابي تحت عنوان: "تفجير في مصر: انفجار حافلة سياحية بالقرب من هرم الجيزة وسقوط أربعة ضحايا". وأشارت الصحيفة إلى بيان وزارة الداخلية المصرية، والذي جاء فيه أن العبوة الناسفة وُضعت على حائط في شارع المريوطية في حي الهرم بالقرب من أهرامات الجيزة. وأن الوزارة ـــــ دون الخوض في تفاصيل ــــ قد انتقلت إلى المنطقة على الفور وفتحت تحقيقاً لهذا الهجوم.
من جانبها أدانت الحكومة الإسبانية هذا الحادث الإرهابي، وذلك وفقًا لما ذكرته وكالة أنباء "أوروبا برّيس" الإسبانية، حيث ذكرت أن الحكومة الإسبانية أدانت بأشد العبارات الهجوم على الحافلة في مصر، كما أعربت عن تعازيها لأسر الضحايا. وجاء في بيان الحكومة أنها تعرب عن تعازيها لأسر الضحايا وتكرر دعمها للسلطات المصرية ضد آفة الإرهاب والتهديد الذي تمثله على عملية التعايش والتنمية الاقتصادية في البلاد. بالإضافة إلى ذلك فقد أدانت السفارة الإسبانية في مصر هذا العمل الإرهابي.
وقد سلطت العديد من الصحف الضوء على هذا الحادث أيضا ومنها: "لا بانجوارديا" و "بينتي مينوتوس" و "كلارين" و "إلكومرثيو" و "آه بيه ثيه" وغيرها من الصحف والمواقع الإخبارية المتعددة الناطقة بالإسبانية سواء في إسبانيا أو أمريكا اللاتينية.
ويدين مرصد الأزهر لمكافحة التطرف مثل هذه الأعمال الإجرامية التي تبرأ منها جميع الأديان والأعراف الإنسانية، كما يؤكد على مواصلته التكاتف مع جميع القوى الوطنية في مواجهة ودحر هذا الإرهاب الأسود. كما يعمل المرصد على تصحيح المفاهيم المغلوطة ويضطلع بدور توعوي للمساهمة في تجنيب الشباب الوقوع في براثن الجماعات الإرهابية واعتناق الفكر المتطرف.