قانون المواطنة في ولاية آسام الهندية بين مؤيد ومعارض

  • | الثلاثاء, 19 فبراير, 2019
قانون المواطنة في ولاية آسام الهندية بين مؤيد ومعارض

مع بداية العام الجديد كان مسلمو ولاية "آسام الهندية" على موعد مع أزمة جديدة تضاف لسلسلة الأزمات التي بات يتعرض لها بعضهم؛ فعلى الصعيد الشعبي والحقوقي تظاهر آلاف المحتجين في شمال شرق الهند في 7 من يناير الماضي، ضد مشروع القانون الداعي لمنح الجنسية الهندية للأقليات الدينية في الولاية -باستثناء المسلمين- حيث هاجموا المشروع واعتبروه متحيزًا ضد المسلمين، ويسعى لكسب ود الهندوس قبيل الانتخابات المقرر انعقادها قريبًا في مايو المقبل.

 

 

Image

جانب من التظاهرات المنددة بالقانون

وقام المتظاهرون -خلال احتجاجاتهم- بإحراق نسخ من مشروع هذا القانون، وجابت مسيراتهم عددًا من مناطق الولاية التي فر إليها الملايين من دول الجوار خلال العقود الأخيرة.

 

 

Image

جانب من التظاهرات المنددة بالقانون

من جانبه صرَّح "بالاش تشانجامي" سكرتير عام إحدى المنظمات الطلابية التي شاركت في المسيرة قائلًا: "لن تكونَ المسيرة الأخيرة، بل هي المرحلة الأولى من احتجاجاتنا.. لقد أحرقنا اليوم نسخًا من مشروع القانون ورفعنا الأعلام السوداء في مختلف أنحاء الولاية احتجاجًا على هذا المقترح".

جدير بالذكر أن مشروع القانون المثير للجدل يمنح حق المواطنة والجنسية لستة من الأقليات الدينية الوافدة إلى الولاية، وهم: "السيخ" و"المسيحيون" والهندوس" و"البوذيون" و"البارسيون" و"الجينيون" - باستثناء المسلمين القادمين من: "بنجلاديش" و"باكستان" و"أفغانستان" و"ميانمار" (بورما) ودول الجوار، ومكثوا بها لمدة ستة أعوام على الأقل، ليثير بذلك ضجة كبيرة في الأوساط الهندية، ويصبح محل نزاع كبير في الولاية وغيرها من ولايات الشمال الشرقي، والتي شهدت العديد من أعمال العنف بين سكانها الأصليين والوافدين.

ويرى المعارضون على مشروع القانون المقترح أنه خطوة جديدة من خطط حزب "بهارتيا جانتا" -الحزب الحاكم بالهند- لتعزيز التواجد الهندوسي في البلاد على حساب الأقليات، واعتبره البعض الآخر من المعارضين انتهاكًا لاتفاق "آسام" الموقع عام 1985، والذي يقضي باعتبار الفارين من دول الجوار والقادمين إلى "آسام" هربًا من الاضطهاد الديني قبل عام 1971 مواطنين هنود، أما من جاء منهم بعد هذا التاريخ (25 مارس من عام 1971) فلا يعتبر مواطنًا هنديًا، وهذا يعني أن جميع المهاجرين غير الشرعيين بصرف النظر عن دينهم سيتم تحديد هويتهم وحذفهم من قاعدة الناخبين وترحيلهم خارج البلاد. وبموجب قانون المواطنة لعام 1955 فإن أحد شروط منح الجنسية أن يكون المتقدم قد أقام في الهند اثنى عشر عامًا على الأقل، وأن يكونَ مقيمًا إقامة متصلة دون انقطاع خلال الاثني عشر شهرًا السابقين على التقدم بطلب منح الجنسية، ثم تم تخفيض المدة من 12 إلى 6 أعوام لكل من ينتمي للديانات الستة ولثلاثة من الدول فقط.

وحسب مشروع القانون المقترح، فإن ما يقرب من 4 ملايين شخصًا لم يشملهم السجل، وهو ما يعني أنهم أصبحوا بلا جنسية، وسيواجهون حتمًا مستقبلاً غامضًا ما بين الترحيل أو الاعتقال. كما أنه بموجب هذا القانون أُجبر 33 مليون شخص في الولاية على تقديم وثائق تثبت وجودهم فيها قبل عام 1971 -عام حرب استقلال بنجلاديش عن باكستان- وبسببه أيضًا أصبح ما يقرب من 4 ملايين شخص "بلا جنسية"، وهو الشيء الذي أثار تخوف خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الأخرى.

تجدر الإشارة إلى أن حكومة الولاية كانت قد منحت فرصة أخيرة للمواطنين حتى نهاية ديسمبر الماضي لتقديم الإثباتات التي تؤكد أن آبائهم وأجدادهم كانوا يعيشون في البلاد قبل حرب عام 1971؛ وذلك حتى يتم الاعتراف بهم كمواطنين هنود.

أيضًا، منذ عقود عانت ولاية "آسام" -التي يبلغ عدد سكانها 33 مليونًا- من العنف بين السكان الأصليين والوافدين الذين فروا إلى الولاية المعروفة والمشهورة بزراعة الشاي الأخضر.

على الصعيد الدولي، أبدت الأمم المتحدة تحفظها على مشروع القانون الذي تم تمريره مؤخرًا من قبل "لوك سبها" (مجلس الشعب الهندي) وأُعلن عنه في يوليو من العام الماضي (2018) وجاء متزامنًا مع استعداد "ناريندرا مودي" رئيس وزراء الهند الحالي لخوض الانتخابات القادمة المقرر انطلاقها في غضون أشهر. وحذرت الأمم المتحدة من احتمالية تسببه في إشعال فتيل التوترات العرقية في الولاية التي تعاني في الأساس من حالة من الاضطراب.

لم يثر مشروع القانون المقترح غضب المسلمين أو المدافعين عن حقوق الإنسان وحدهم، بل أثار أيضًا تخوف شريحة أخرى من الهنود ممن اعتبروا أنه سيسمح "للغرباء" -حسب وصفهم- بأن يكونوا أكثرية في الولاية على حساب سكانها الأصليين؛ لهذا نظم ثلاثة من المنتمين لمنظمة KMSS (Krishak Mukti Sangram: Samiti) -إحدى المنظمات الموجودة في ولاية آسام- وقفة احتجاجية للتنديد بالقانون، ورفعوا فيها لافتات معارضة لرئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي" ورئيس وزراء ولاية "آسام".

وعلى الصعيد السياسي والحزبي، هدد حزب "جانا بريشاد" حليف حزب "بهارتيا جانتا" بقطع علاقته مع الأخير إذا طبق هذا القانون؛ لأنه من وجهة نظرهم يعمل ضد الهوية والثقافة اللغوية والعرقية للولاية. وعارضه أيضًا العديد من الأحزاب السياسية الأخرى وعلى رأسها حزب المؤتمر الوطني وغيره من الأحزاب الهندية، و"تحالف ميجلايا الديمقراطي" والذي وصفه بـ"القانون الخطير".

من جانبه صرَّح "هايثنج بيل لوثا" أحد الزعماء البارزين بحزب "بهارتيا جانتا" الحاكم بالهند بأن الأزمة التى تشهدها البلاد مؤخرًا بسبب مشروع قانون المواطنة في ولايات شمال شرق الهند منتهية، لأنه من غير المرجح أن يقوم "راجيا سبها" (مجلس الشيوخ الهندي) بتمرير مشروع هذا القانون.

كما أشاد "لوثا" برئيس وزراء ولاية "ميغالا" "كونراد سنجاما" لرفضه مشروع هذا القانون، ووصفه بـ"بطل شمال شرق الهند"، بينما أعاد "أربام شيام شارما" مخرج الأفلام الهندي جائزة "بادما شارما" التي حصل عليها عام 2006؛ اعتراضًا منه على مشروع قانون المواطنة.

لكن الحكومة أخفقت في تمرير مشروع القانون بمجلس الشيوخ الهندي، رغم نجاحها في تمريره بمجلس الشعب الهندي في يناير من العام الجاري لتضع حدًّا لواحدة من الأزمات التي يواجهها بعض مسلمي الهند منذ فترة، في ظل تزايد حالة الاحتقان الداخلي التي تعاني منها بعض المناطق الهندية، وتزامنًا مع أزمة الروهينجا الفارين إلى الهند وغيرها من دول الجوار، وما تبعه من ترحيل لبعضهم، تلك الأزمات التي قد تستغلها داعش للتحريض ضد الأبرياء.

وحدة رصد اللغة الأردية

 

 

 

طباعة