من أسباب الإرهاب (10)...صمت المجتمع الدولي وغياب الضمير العالمي

  • | الأربعاء, 13 مارس, 2019
من أسباب الإرهاب (10)...صمت المجتمع الدولي وغياب الضمير العالمي

     تتطلب محاربة الإرهاب الذي ترفضه الأديان السماوية كافة وفي مقدمتها الإسلام، من المجتمع الدولي بذل مزيد من الجهد والوقوف على الأسباب التي أدت إلى نشأة تلك الظاهرة، والتي من بينها صمت المجتمع الدولي وازدواجية المعايير فيما يحدث في العالم من انتهاك لحقوق الإنسان وخرق للقانون الدولي.
إنه لمن المؤسف أن يصمت المجتمع الدولي عن حروب الإبادة العرقية والمجازر البشرية وحملات التهجير القسري التي يتعرض لها المسلمون في شتى أنحاء العالم، ولا نجد إلا أصواتًا تعلو لتُدينَ الأعمال الإرهابية التي تنسبها إلى الإسلام والمسلمين، وتتناسى دورها الحقيقي في الحفاظ على حقوق الإنسان والتنديد بانتهاكها.
على سبيل المثال، لم تكن قرارات الأمم المتحدة فاعلة فيما يخص التدخل الأجنبي في دول بعينها كـ"سوريا والعراق"؛ بل زاد الأمر سوءً غياب المحاسبة، رغم ما ترتب على هذا التدخل من آثار سلبية ومدمرة على هذه الشعوب، وكذلك لم تكن القرارات الدولية فاعلة في الحرب السورية والتي نشأت عنها أزمة إنسانية هي الأكبر في التاريخ منذ الحرب العالمية الثانية، ولم تكن تلك القرارات حاضرة في المذابح التي تُرتكب ضد مسلمي بورما، التي قُتل وهُجِّر خلالها مئات الآلاف من مسلمي الروهينجا؛ بل وقف المجتمع الدولي صامتًا أمام معاناة تلك الشعوب، لكن في الوقت ذاته كانت بعض هذه القرارات فاعلة مما أدى إلى التدخل العسكري، أو فرض عقوباتٍ على دول بعينها.
 وقد دفعت هذه الأسباب الكثير من الشباب إلى التطرف، بعد أن فقدوا كل أمل في سيادة القوانين الدولية وتفعيلها لحل مشكلات بلادهم؛ لذا فإن توقف المجتمع الدولي عن الكيل بمكيالين سيمثل سدًّا منيعًا يحول دون وقوع هؤلاء الشباب فريسةً لأتباع الفكر المتطرف، لقد تكاسل المجتمع الدولي عن إرسال لجان تقصي حقائق للاطلاع عن كثب على الأوضاع المأساوية التي تشهدها هذه البلدان، واتخاذ الإجراءات المناسبة لوقف سياسات القمع والتهجير، الأمر الذي يكشف مدى استهانة المعتدين بالقوانين الدوليَّة بهذه الاعتداءات، خاصةً مع استمرار صمت المجتمع الدولي إزاءها.
 إن مثل هذا الصمت الرهيب له أثر سلبي مزدوج يُفسره المُعتدي بمثابة الضوء الأخضر لما يقوم به، ويعزز سياسة الإفلات من العقاب بداخله، ويُمهِّد لظهور الأفكار المتطرفة المتشبعة بمشاعر الظلم والقهر في نفوس الشباب وعدم اهتمام المجتمع الدولي بقضيتهم، وهنا يأتي دور الجماعات الإرهابية التي تدسُّ السُّمَّ في العسل، وتحتضن مثل هذه الطاقات المفعمة برغبة الانتقام وتوجهها أداةً لقتل الأبرياء تحت ستار الدين والجهاد والاستشهاد في سبيل الله للفوز بالجنة والحور العين، على حد زعمها.
هذه المواقف المُتخاذلة التي يتبناها المجتمع الدولي ستقود بدورها إلى مزيدٍ من العنف وعدم الاستقرار، ليس في هذه البلدان فحسب، بل في مناطق كثيرة من العالم؛ بما يهدد الأمن والسِّلم الدوليين، واستبعاد أية فرص لتحقيقهما على أرض الواقع.
ومن ناحية أخرى، تساهم بعض وسائل الإعلام الغربية والعالمية في تعزيز روح كراهية المواطن الغربي للمسلمين، من خلال طرحها رؤيةً غير مُنصفة عن الأحداث الإرهابية التي تقع حول العالم، وفي دراسة أُعدَّت مؤخرًا في جامعة "ألاباما" الأمريكية، وُجِد أن الهجمات الإرهابية التي يرتكبها مسلمون متطرفون أو منتسبون اسمًا إلى الإسلام تحظى بتغطية إعلامية تزيد 357% عن الهجمات التي يرتكبها أشخاص غير مسلمين، وقلَّما نجد من ينتقد هؤلاء الذين يقومون بجرائم كراهية بحقِّ المسلمين لمظهرهم الذي يدل على أنهم مسلمون.
ونحسب أنه قد آن للضمير العالمي أن ينتفض من سباته ويواجه ما يحدث من خروقات للقانون الدولي، ويلتزم بواجباته نحو حماية هذه الشعوب وتخليصها من ويلات الحروب.
 وبدوره يهيب مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بالمجتمع الدولي أن يلتفت إلى هذه القضية الخطيرة التي قد تكون ذريعةً لانحرافات متعددة تعتري الأفراد والجماعات، وتدفعهم إلى أن يسلكوا مسلكًا متطرفًا يرفض القوانين ويتمرد عليها، ولا يعترف بغير لغة القوة واستخدام السلاح وتهديد السِّلم داخل مجتمعه وخارجه، هذا إذا كان المجتمع الدولي حريصًا –بحقٍّ- على اجتثاث جذور الإرهاب ومعالجة أسبابه.

وحدة الرصد باللغة الإسبانية

 

طباعة