ورقة اللاجئين في أيدي أطراف الصراع

  • | الثلاثاء, 3 مايو, 2016
ورقة اللاجئين في أيدي أطراف الصراع

تطالعنا الصحف بصورة شبه يومية بأخبار عن طالبي اللجوء السوريين إلى دول الاتحاد الأوروبي ومدى معاناتهم سواء في الخروج من بلادهم مشردين بلا مئوى ولا مؤن، أو الوصول إلى وجهتهم والحصول على موافقة إحدى الدول على استضافتهم؛ وبخاصة أن مرصد الأزهر يتوقع زيادة عدد اللاجئين بعد الهجوم الأخير على مدينة حلب الذى استمر أكثر من عشرة أيام وراح ضحيته العديد من القتلى من الأطفال والرجال، لكن المتمعن في الصراع الدائر في سوريا والعراق يجد أن كل الأطراف تستخدم قضية اللاجئين لتخدم مصالحها.
فقد طالعتنا صحيفة (Sunday Express) بخبر حمل عنوان "اللاجئون السوريون يلقون باللوم على ضربات روسيا الجوية لاستهدافها المدنيين"، جاء فيه أن اللاجئين السوريين يلقون باللوم على الضربات الروسية التي استهدفت أماكن المدنيين وألحقت ضررًا بالمنازل والمنشآت المدنية مما أدى إلى مغادرة الآلاف لمنازلهم، وأشار التقرير إلى أن النازحين من سوريا يرون أن الضربات الروسية أضرت بالمدنيين أكثر مما فعلت ضربات تنظيم داعش، وأوضح اللاجئون في أحد المعسكرات أن الضربات الروسية كان هدفها ترسيخ حكم الأسد، وذكر أحد اللاجئين أنهم لم يفروا من داعش بل من الضربات الجوية التي استهدفت منازلهم؛ وقالت إحدى الفتيات اللاجئات إن الحياة في سوريا باتت صعبة جدًا، حيث الأطراف المتناحرة بما فيها نظام الأسد والجيش السوري الحر وتنظيم داعش الإرهابي.
وعلى الجانب الآخر من الصراع نجد أن تنظيم داعش الإرهابي يستهدف معسكرات اللاجئين كما عمد منذ ظهوره إلى تهجير عدد كبير من المواطنين العراقيين ليستفيد من هذه الأزمة لاحقًا، وفي تأكيد لذلك، نشرت صحيفة "The Week" خبرًا يفيد بأن تنظيم داعش شن هجومًا على عدد من المخيمات التي أُعدت لاستقبال النازحين السوريين بالقرب من الحدود التركية، وقد أسفر هذا الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن 3 أشخاص، كما دفع مجموعة جديدة من اللاجئين للفرار، وقد ذكرت وكالة الأنباء الروسية "سبوتنيك" بأن تنظيم داعش استعاد 5 قرى من الجيش السوري الحر في محافظة حلب، وأثناء تقدمه لاذ المدنيون السوريون بالفرار تجاه مركز السكن "Oncupinar" بالقرب من الحدود السورية مع تركيا، وجدير بالذكر أن القوات التركية قد فتحت النيران على المدنيين في محاولة لإبعادهم عن الحدود، وقال أحد اللاجئين: "عندما اقتربنا من جدار الحدود، ومن ثم شاهدنا القوات التركية على هضبة خلفنا تطلق النيران علينا"، وفي سياق متصل دعت منظمة حقوق الإنسان الحكومة التركية لفتح حدودها، وقد صرح رئيس مخيم "إيدا" للاجئين بأن تنظيم داعش سيطر على المخيم الذي يضم ما يقرب من 10000 شخص وأن الأشخاص الذين لم يتمكنوا من الفرار كانوا يحفرون خندقًا للاختباء به.
ويتضح جليًّا من هذين الخبرين أن أطراف الصراع يدفعون المدنيين للهروب واللجوء دفعًا لأغراض تخدم مصالحهم، فالنظام السوري مدعومًا بالقوات الروسية تسببوا في تهجير عدد ضخم من المدنيين –كما يبدو- لتكون ورقة ضغط على الاتحاد الأوروبي ليخضع لرؤيتهم الخاصة لإنهاء الصراع، وفي المقابل نرى أن تنظيم داعش - من الجهة الأخرى- يدفع في نفس الإطار ليستغل زيادة أعداد اللاجئين ليسهل على أفراد التنظيم دخول الاتحاد الأوروبي متخفين في وسطهم كما يستغلها أيضًا كورقة ضغط لإنهاء الصراع لصالحه من خلال الاعتراف به دوليًّا.
وبالرغم من أن دولًا مثل بريطانيا اضطرت لقبول بعض اللاجئين بسبب صغر سنهم خاصة من لا عائل لهم إلا أنها بمجرد وصول هؤلاء الأطفال لسن 18 عامًا تقوم بترحيلهم مرة أخرى إلى بلادهم لتتفاقم مشاكلهم مرة أخرى، وهو ما قد يدفع البعض منهم للانضمام للجماعات الإرهابية، وهذا ما تناولته صحيفة الإنديبندنت في تقرير مطول لها؛ حيث ذكرت أن عدد الشباب الذين تم ترحيلهم بعد بلوغهم 18 عامًا يعادل ثلاثة أضعاف الرقم الذي سبق أن أعلنت وزارة الداخلية عنه في فبراير الماضي؛ وأوضح تقرير الصحيفة أن عدد الشباب الذين تم ترحيلهم إلى بلادهم - الممزقة نتيجة الحروب- بلغ 445 شابًّا،  وقد ذكرت بعض المؤسسات الخيرية أن هذا الإجراء يوضح مدى قسوة نظام اللجوء الذي يخذل الشباب؛ حيث صرحت آن موسجراف –مديرة إحدى هذه المؤسسات- للصحيفة قائلة: "هؤلاء الأطفال نشأوا في بريطانيا وتكونت أفكارهم هنا وبعضهم يبلي بلاءً حسنًا في دراسته، وفجأة - بمجرد وصولهم لسن 18- يجدون أنفسهم مطرودين من البلد التي اعتقدوا أنها تحميهم".
وقد أبدت بعض أبحاث مكتب الصحافة الاستقصائية في العام الماضي قلقها حيال بعض المرحلين الذين بلغوا من العمر 18 عامًا بسبب الصراع الدائر في أفغانستان، والحرب الأهلية السورية، والصراع الدائر في العراق، وليبيا، وجدير بالذكر أن عدد الشباب الذين تم ترحيلهم بمجرد وصولهم سن 18 عامًا في الفترة ما بين  2007 و2015م بلغ 4000 يتيمًا قدموا إلى المملكة المتحدة وهم أطفالًا.
من هنا نجد أن قضية اللاجئين التي تشغل حيزًا كبيرًا من الرأي العام الغربي ما هي إلا ورقة يضغط بها كل طرف من أطراف الصراع على الدول الأخرى لتلبي مطالبه، وأن الدول التي تحاول منع اللاجئين من القدوم إليها لم تتخذ يومًا ما خطوات قوية وجريئة لاستئصال المشكلة من الأساس؛ فالحروب التي ساهمت فيها تلك الدول هي بالأساس سبب تدفق اللاجئين إليها، وبعد هذا كله لابد للمجتمعات الإنسانية من السعي الجاد لاحتواء مشكلات هؤلاء البشر الذين لم يكن يخطر ببال أحدهم يومًا ما الخروج من وطنه لولا الحروب والصراعات.
وحدة رصد اللغة الإنجليزية
 

طباعة