اليمين المتطرّف... خنجرٌ جديدٌ في جسد العالم

  • | الثلاثاء, 9 أبريل, 2019
اليمين المتطرّف... خنجرٌ جديدٌ في جسد العالم

     حالةٌ من الرعب والفزع على مستوى العالم أجمع أثارها حادث الهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجديْن في مدينة "كرايست تشيرش" في "نيوزلندا"، وأسفر عن استشهاد ما لا يقلِّ عن 50 مسلمًا، خاصةً أنّ الحادث الذي يُعدُّ أحد أكبر المذابح التي نُفِّذت خلال السنوات الماضية قد وقع في دولةٍ يَصفُها البعض بأنَّها "الدولة الأكثر هدوءًا في العالم"، بل ويَصفُها المسلمون المقيمون هناك بأنَّها الدولة الأكثر أمنًا في العالم"، فإذا كانت هذه المذبحة قد وقعت في دولةٍ لم تشهد صراعات أو نزاعات من قبل، فليس هناك ما يدعو للدهشة عندما تَحدثُ مثل هذه الحوادث في الدول التي تعاني من بعض المشاكل الأمنية والأكثر تنوعًا من الناحية العرقية والمذهبية؟!
وفي هذا السياق أشارت إحدى المقالات المنشورة في صحيفة  milligazette‎الهندية إلى أنَّ حادث "نيوزلندا" لا يؤكّد على أنَّ اليمين المتطرف قد بات متربصًا بالمسلمين فقط، بل بات يتَّجهُ إلى التهوين من مثل هذا النوع من المذابح عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فالمذبحة التي ارتكبها اليميني المتطرف من أصولٍ أستراليةٍ لا تُعدُّ الأولى، ففي عام 2011 قُتل ما لا يقلُّ عن 92 شخصًا على يد يمينيٍّ متطرفٍ يبلغُ من العمر 32 عامًا في "أوسلو" بالنرويج.
كما أشارت الصحيفة إلى عدم خلوِّ الهند من أمثال هؤلاء المتطرفين اليمينيين، والذين ينتمون إلى تياراتٍ يمينيةٍ باتت تتوَّسع بمباركة بعض الحُكّام والساسة اليمينيين وتشجعيهم؛ حيث تردَّدت بعض الأخبار التي تؤكّد قيام ألوية "الهندوتافا" بتدريب مجموعاتٍ على استخدام الأسلحة استعدادًا لمهاجمة "الآخر" (المخالف في العقيدة).
لقد كان الحديث عن إرهاب التيار اليميني من المحظورات حتى وقتٍ قريبٍ في الهند، وكانت دائمًا ما تتوجَّهُ أصابع الاتِّهام نحو المسلمين في حالة وقوع أيّ حادثٍ إرهابيٍّ، وعلى خلفيته يُعتقل العشرات من الأبرياء. وكانت الجماعات الإسلامية تُتَّهم بشكلٍ مباشرٍ عبر وسائل الإعلام المختلفة حتى قبل بدء السلطات التنفيذية والقضائية في تحقيقاتها، وهو ما حدث في صيف عام 2006، وبعد دقائقَ معدودةٍ من تفجيرات قطار "مومباي".
ورغم أنَّ ضحايا الهجمات الإرهابية في بلادنا (الهند) غالبًا من الأقليات (المسلمين)، فإنهم دائمًا ما يكونون أوّلَ المُدانين! وهو ما حدث في تفجيرات "ماليجون" التي وقعت في 8 من سبتمبرَ -عام 2006، وكان أغلب ضحاياها الـ40 من المسلمين، ورغم ذلك فإن الاتهام لم يُوجَّه إلى أيّة جماعةٍ يمينيةٍ غير إسلامية".
ما ورد في المقال يُمكن ترجمتُه بشكلٍ عمليٍّ في حادث الاعتداء الذي وقع في الهند في منتصف شهر مارس، خلال الاحتفالات بعيد الــ"هولي" الهندي، حيث قامت مجموعةٌ هندوسيةٌ مكونةٌ من 20 شخصًا تقريبًا بالهجوم على منزل مواطنٍ هنديٍّ مسلمٍ يُدعى "محمد دلشاد" والقاطن في قرية "دهامس بور"؛ ممَّا أسفر عن إصابة 14 شخصًا، بينهم 12 من النساء والأطفال، وذلك حسب ما نشرته صحيفة dawn الباكستانية نقلًا عن التقرير المنشور في صحيفة Timesof IndiaThe الهندية.
وطبقًا للشكوى المقدمة من "محمد دلشاد" والبالغ من العمر 32 عامًا، تجمَّعت العناصر المتطرفة حول منزله، وقامت بتحطيم ثلاث دراجاتٍ بخاريةٍ، وإلقاء الحجارة على المنزل، والاعتداء على الموجودين به بواسطة الهراوات وعصيِّ الهوكي.
وحسب ما ورد من أخبارٍ فإنَّ الاعتداء قد وقع عقب إحدى مباريات "الكريكت"؛ حيث يقول "دلشاد": " ذهبت للمشاركة في مباراة كريكت في المنطقة المجاورة حوالي الساعة 3 مساءً، وهناك قام 9 من الشباب يستقلون 3 دراجاتٍ بخاريةٍ يهتفون مردّدين: اذهبْ إلى باكستان، ماذا تفعل هنا؟! وبعد الانتهاء من المباراة عُدت إلى منزلي ليلحقَ بي هؤلاء المتعصبون. كنت وقتها في الطابق الأول من منزلي المكون من طابقيْن". أما زوجته "سميرة" فتقول: "دخل المقتحمون إحدى الغرف في الطابق الأول من المنزل، وقاموا بفتح خزانة الملابس وسرقة 25 ألف روبية، وسلسلةٍ ذهبيةٍ، وغيرها من الأشياء.
ما حدث في نيوزلندا ومن بعدها الهند، وعلى الرغم من بُعد المقارنة من حيث العنف والدموية، فإنَّه يُعدُّ مؤشرًا خطيرًا على دخول العالم منعطفًا جديدًا قد تكون لغة الدِّماء والقتل باسم الدِّين والمذهبية هي الغالبةُ على المشهد، خاصةً مع حالة الاستقطاب والشحن النفسي والفكري والمذهبي الذي تشهده بعض الدول، واستغلال هذا الأمر من قِبَل المتعصبين المنتمين للتيارات اليمينية المتشددة التي تدّعي زورًا أنَّها تتحرَّك بدوافعٍ دينيةٍ، ولكن الحقيقة أنَّها تُدافع عن أجنداتٍ خاصة.


وحدة الرصد باللغة الأردية

 

طباعة