ضحايا مسجدي "نيوزيلندا" وتعاطف العالم الفرنكفوني

  • | الخميس, 11 أبريل, 2019
ضحايا مسجدي "نيوزيلندا" وتعاطف العالم الفرنكفوني

     في ظل متابعة "مرصد الأزهر لمكافحة التطرف" المتواصلة لردود الأفعال العالمية حول الحادث الإرهابي الذي استهدف مسجدين بمدينة "كرايستشيرش" بـ"نيوزيلندا"، عَقِبَ صلاة الجمعة، في الخامس عشر من مارس، تابعت وحدة اللغة الفرنسية ما شهدته المدن الفرنكوفونية حول العالم من تظاهراتٍ للتضامن مع ضحايا العنصرية البغيضة، حيث شهدت مدينة "مونتريال" الكندية في السابع عشر من مارس تجمعًا لعشرات الكنديين أمام محطة مترو "سكوير فيكتوريا" بوسط المدينة، للمشاركة في مسيرةِ تكريمٍ للضحايا الخمسين لهجوم "نيوزيلندا" الإرهابي.
وحمل العديدُ من المشاركين لافتاتٍ تعرض صورًا للرجال الستة الذين قُتلوا على يد مسلحٍ في مسجد "كيبك" في يناير من عام 2017، كما وصفوا الجريمة بأنها نتيجة ظاهرة الإسلاموفوبيا المتنامية في الآونة الأخيرة. كما تناقلت وسائل الإعلام تصريحات أحد أئمة المدينة، الشيخ "حسن جيليت"، الذي ذكر أن مرتكب حادث "نيوزيلندا" قد تأثر بـ "ألكسندر بيسونيت"، منفِّذ هجوم المركز الإسلامي بــ"كيبك" (يناير 2017). وفي حالةٍ من الغضب أوضح "حسن جليت" أنه: «على بعد ألف ميل من كيبك، أرسل إلينا إرهابي نيوزيلندا الرسالةً عن طريق كتابة اسم قاتلنا الإرهابي "ألكسندر بيسونيت" على سلاحه». كما انتقد "حسن جيليت" رئيس وزراء "كيبيك" "فرانسوا ليغو" لقوله: "إن رهاب الإسلام لم يكن موجودًا في كيبك"، حيث عقَّب على الأخير بقوله: "الإسلاموفوبيا موجودة، الإسلاموفوبيا تقتل، والإسلاموفوبيا تُهدِّد مستقبلنا جميعًا".
يُذكر أن من بين المشاركين في هذه المسيرة رئيسة بلدية "مونتريال" "فاليري بلانت" وعددٌ من السياسيين على المستوى الفيدرالي والمحلي وممثلون عن مختلف الكنائس والمعابد اليهودية ومجموعاتٌ أخرى من المواطنين. كما ذكر عددٌ من المتحدثين أوجه التشابه بين مذبحة "نيوزيلندا" ومقتل تسعة أمريكيين من أصل إفريقي في كنيسة في "تشارلستون" بولاية "ساوث كارولينا" بجنوب شرق "الولايات المتحدة" في عام 2015، و11 من المصلين اليهود في كنيسٍ يهوديٍّ في "بـيتسبرغ" بـالولايات المتحدة خلال العام الماضي. كما طالب العديد من المشاركين في المسيرة وسائل الإعلام والسياسيين والفنانين الشعبيين التوقف عن تصوير المسلمين كأجانب. وعقّب بعضهم قائلًا: "نحن لا نزال نوضَع في موقف الآخر، ونعامَل كالغريب".
من جانبٍ آخر، جاب ما يقارب المائة شخص شوارع مدينة "كيبك" يوم السبت الثالث والعشرين من مارس في تظاهرةٍ تحت عنوان: "لا للعنصرية والتعصب والكراهية".
قام بتنظيم تلك المظاهرة عدد من المنظمات ذات الانتماءات الفكرية المختلفة، وكان على رأس من دعا إليها "التجمع من أجل التعليم الشعبي" والمعروف عنه نشاطه المكثف داخل الأوساط والتجمعات المختلفة بمدينة "كيبك" الكندية. وقد اتخذت التظاهرةُ مِنَ الحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة "كرايستشيرش" مناسبةً للخروج للتعبير عن الاستياء من تلك العنصرية التي قد تُفضي إلى ارتكاب جرائم مثل تلك المشار إليها بنيوزيلندا.
وعلى الصعيد الإفريقي، وفي الوقت الذي كان دعاة السلام فيه يجوبون شوارع "كيبك"، كان إخوانهم بالعاصمة السنغالية "دكــار" على موعدٍ مع نصرة الإنسانية، حيث أعرب "تحالف مسلمي السنغال" عن تضامنه مع الضحايا من خلال تظاهرةٍ أخرى. فقد خرجت إلى الشوارع السنغالية أعدادٌ كبيرة للتنديد بالحادث الذي صُدِّر للعوام على أنه "علو لقدر الجنس الأبيض" على المختلفين عنهم، في الحادثٍ الذي استهدف مسجدي مدينة "كرايستشيرش"، حيث أعرب المشاركون عن إدانتهم للحادث الأليم ودعمهم الكامل لأسر الضحايا الذين سقطوا إثر هذا الفعل الإجرامي، مبرئين الإسلام من كل ما يلصق به من صفاتٍ كالإرهاب والدعوة إلى الحرب والكراهية.
وعلى الصعيد الأوربي، تجمع الآلاف من الأشخاص في "محطة الشمال" بالعاصمة البلجيكية "بروكسل" يوم الأحد الموافق 24 مارس 2019؛ للتنديد بالأعمال العنصرية وللتذكير بقيم التضامن الضرورية للحياة في المجتمع الذي يعيشون فيه.        
بدأ المتظاهرون مسيرتهم نحو "مونت ديس آرتس" في وسط العاصمة "بروكسل"، وهتفوا بشعارات: "التضامن مع شعوب العالم – أوقفوا التمييز".
كما انتقد المتحدثون في تلك التظاهرة المعامَلة التمييزية والعنصرية التي يتعرض لها الأجانب على وجه الخصو،. وقالت مديرة "حركة مناهضة العنصرية ومعاداة السامية وكراهية الأجانب" السيدة "إيستر كوابلون": "إنّ العنصرية لا تزال موجودة بقوة على المستوى الهيكلي أو الخطابي ومن الممكن أن تفرق بيننا".
وفي مدينة "مونبلييه" الفرنسية، وبناءً على مبادرة من معهد "المواطنة" الفرنسي، تم تنظيم مسيرة سلمية يوم الجمعة – 22 من مارس – وذلك لإدانة هذا الهجوم الإرهابي. وقد تم توجيه الدعوة إلى جميع المواطنين من المسلمين وغير المسلمين بهدف القيام بمسيرة سلمية ضد الإرهاب ومن أجل تحقيق السلام العالمي.
كما نظم "مسجد باريس الكبير" الجمعة، 22 مارس 2019، حفلَ تأبينٍ لضحايا هذا الاعتداء الإرهابي الغاشم.
هذا وقد عبر العديد من النيوزيلنديين والاستراليين وغيرهم من الجنسيات عن عميق مشاعرهم، وتضامنهم مع المسلمين من خلال وضع باقات من الزهور أمام "مسجد باريس الكبير".
وفي إطار المبادرة التي تبنّاها "تجمع المؤسسات الإسلامية بمنطقة أليس" بجنوب "فرنسا"، تجمع يوم الجمعة - التاسع والعشرين من مارس - نحو ستين من سكان المنطقة بساحة "الكراتير" للتعبير عن تضامنهم مع ضحايا المسجدين.
وفي هذا السياق، صرح رئيس مركز "سفينيس" الإسلامي، السيد "كراد سحنون" قائلًا : "نريد أن نعرب عن تعاطفنا مع تلك الأسر التي منيت إلى الأبد بهذا الاعتداء الوحشي الشنيع". وفضلًا عن كونه تعبيرًا عن التضامن مع ضحايا الحادث الإرهابي، كان هذا التجمع فرصة للتعبير عن المطالب التي تشغل الجالية المسلمة بالمنطقة، فقد أدلى السيد "سحنون" بقوله: "نحن قلقون بشأن أماننا. إن هذا الحادث هو مؤشرٌ واضحٌ لارتفاع معدلات التطرف والعنصرية ورهاب الإسلام، وهو نتيجة لترويج خطابات الكراهية للإسلام والرهاب من كل ما له صلة به".
ومرصد الأزهر يؤكد بأهمية أن تضطلع وسائل الإعلام ودوائر صنع القرار العالمية بواجبهم نحو حماية حقوق الجاليات المسلمة، والعمل على تصحيح صورتهم ودمجهم في مجتمعاتهم باعتبارهم أفرادًا متمتعين بكامل الحقوق والواجبات كغيرهم، حتى لا يأتي يومٌ نشهد فيه ما هو أسوء من حادث "نيوزيلندا"، الذي لا ينم عن مجرد رهاب للإسلام، بل هو بالأحرى نتيجة فهمٍ مغلوطٍ وعداءٍ مسبق لكل ما هو مسلم.

وحدة الرصد باللغة الفرنسية

 

 

طباعة