"رأس كركر": مشهد درامي لواقع مرير

  • | الثلاثاء, 14 مايو, 2019
"رأس كركر": مشهد درامي لواقع مرير

تُعاني الأراضي الفلسطينيّة منذ احتلالها من جانب الكيان الصهيوني المغتصب من شتَّى الانتهاكات، بين قمعٍ، وتشريدٍ، وتهجيرٍ، ومصادرةٍ للأراضي، وإحلالِ مستوطناتٍ وبؤر وشرعنتها. علاوةً على هذا، تُعاني القرى والمدن الفلسطينيّة من عنف المستوطنين وعنصريّتهم البغيضة.  

فبينما لا يكتفي الكيانُ الصهيونيُّ بالزحف الاستيطانيّ وتطويق القرى والمدن الفلسطينيَّة من جميع الجهات بمستوطناته المبنيّة على أراضٍ فلسطينيّةٍ، وسعْيه لتنفيذ مخططاته الاستعماريّة؛ فأطلق خلاياه السرطانية تنهشُ الأراضي وتنخر في القرى الفلسطينيّة، دون أن نستطيعَ استئصالها، أو نجدَ لها علاجًا يوقف انتشارها. فمنذ عام 1967م حتى نهاية عام 2017م أُقيمت أكثرُ من 200 مستوطنةٍ في الضفّة الغربيّة، يَسكُنُها أكثرُ من 620 ألف مستوطنٍ على حوالي 40% من مجمل أراضي الضفّة الغربيّة.

 وقد صادر الكيانُ الصهيونيُّ على مرّ احتلاله للأراضي الفلسطينيّة آلافَ الأفدنة لصالح تلك المستوطنات ولصالح جيش الاحتلال الصهيونيّ وشرَّد عائلاتٍ. وخلال المتابعة الأخيرة للشأن الفلسطينيّ رصدنا حلقةً أخرى من حلقات مصادرة الأراضي الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة، والتي تتمثّلُ في مصادرة بعض أراضي قرية "رأس كركر"؛ حيث فقدت القرية حوالي 2000 دونم من أراضيها خلال السنوات الماضية؛ وذلك بسبب زحف المستوطنات الصهيونيّة عليها من أكثر من جهةٍ.

ومن صور الانتهاكات التي تشهدُها هذه القريةُ إطلاقُ المستوطنين ومنحهم الضوء الأخضر- تحت حماية جيش الاحتلال الصهيونيّ- لاستفزاز سكانها بتكدير حياتهم اليومية وكخطوةٍ تمهيديّةٍ لمصادرة الأراضي بعد ذلك؛ فقد رصدت وحدة الرصد باللغة العبرية خلال العام الماضي حوالي ثمانية اعتداءاتٍ على ممتلكات الفلسطينييّن في القرية يصحبُها تحريضٌ عنصريٌّ وانتقاميٌّ من قِبَلِ المستوطنين المتطرّفين.  

وتابع مرصد الأزهرُ ما قامت به الجماعاتُ المتطرّفة الصهيونيّة في الأراضي المحتلة ضدَّ ‏سكّان القرية -التي تُجاور المستوطنات الصهيونيّة- من اعتداءاتٍ لا تُعدُّ الأولى من نوعها في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، وأبرزها ما قام به بعض المستوطنين في 19/8/2018م من تخريب سياراتٍ، وتقطيع أشجار ‏الزيتون، وكتابة عباراتٍ انتقاميّةٍ وعنصريّةٍ على جدران المنازل والسيارات. ويلحق هذا الفعلُ بسلسلةٍ متعاقبةٍ من الأفعال لأفراد جماعة "تاج محير" المتطرّفة، وآخرُها ما حدث في القرية ذاتها في ‏‏21/2/2019م من اعتداءاتٍ مشابهةٍ. ‏

‏ ويُشار إلى أنَّه في الأشهر الأخيرة شهدت الأراضي المحتلّة تزايدًا كبيرًا في أعمال العنف من جانب الجماعات الصهيونيّة ‏المتطرّفة؛ وما يحدث في "رأس كركر" وغيرها من القرى الفلسطينيّة كقرية "المغير" ما هو إلا مشهدٌ دراميٌّ آخر من ‏الأحداث المروّعة التي تمثّل حياة الفلسطينيّين.‏ ولم يكتفِ المستوطنون بالاعتداء على الممتلكات الفلسطينية فحسب، بل وصل عنفهم إلى التعدي على دُور ‏العبادة بكتاباتهم وشعاراتهم العدائيّة والعنصريّة ووصل عنفهم إلى محاولة إحراق المساجد، مثلما حدث في مسجد "الشيخ سعادة"   في 13/8/2018م؛ حيث قام متطرّفون برش مادة قابلة للاشتعال بمدخل المسجد، ورسْم نجمة داوود، وكتابة ‏عبارة "الانتقام" على جدرانه. 

ولم تكن جماعةُ "تاج محير" الصهيونيّة المتطرّفة هي الجماعةَ الوحيدةَ التي تقوم بأعمالٍ إرهابيّةٍ ضدَّ  الفلسطينيّين، فهناك أيضًا جماعةُ "يد لآحيم"، ‏والتي يقوم أفرادُها أيضًا بكتابة عباراتٍ عدائيّةٍ ضدَّ ‏المسلمين والمسيحيّين العرب.

والجامعُ لهذه الأفعال الاستفزازيّة والإرهابيّة هو محاولةُ الوصول إلى الهدف المنشود من جانب الجماعات الصهيونيّة بالتواجد وممارسة الضغوط النفسيّة على الشعب الفلسطينّيّ -أصحابِ الحقِّ والأرض- لدفعهم إلى الخضوع والاستسلام، وترك أراضيهم التي يلاقوا من أجل تمسُّكِهم بها العنتَ من جانب العصابات الصهيونيّة، في ظلِّ الدّعم والحماية غيرِ المعلنة من الآلة العسكريّة للكيان المحتلّ؛ فالخطةُ تبدأ بإطلاق المستوطنين وعصاباتهم للاستفزاز ثمَّ التدخُّل لمصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات.

وحدة الرصد باللغة العبرية

 

طباعة