بعض مظاهر تصاعد الاعتداءات العنصرية في ألمانيا

  • | الأحد, 16 يونيو, 2019
بعض مظاهر تصاعد الاعتداءات العنصرية في ألمانيا

     يتابع مرصد الأزهر بقلق بالغ حالات الاعتداءات العنصرية ضد المسلمين داخل البلدان الأوروبية، خاصة بعد الصعود الملحوظ للأحزاب اليمينية الشعبوية، وكذا تصاعد حدة الخطاب الإعلامي اليميني الشعبوي. وتعتبر ألمانيا إحدى الدول التي تتكرر فيها مثل هذه الاعتداءات بشكل ملحوظ، فعلى الرغم من إعلان السلطات الألمانية انخفاض الأعمال العدائية ضد المسلمين في الربع الأول من العام الجاري 2019؛ حيث تم تسجيل حوالي 132 حالة اعتداء على المسلمين والمساجد، مقابل حوالي 192 في نفس الفترة من العام الماضي 2018، و221 حالة اعتداء عام 2017، فإن الحكومة تشير إلى إمكانية تزايد هذه الأعداد نظرًا لتأخر تسجيل تلك الحالات، والتي تشمل التحريض ضد المسلمين، وتوجيه الإهانات إليهم، وإحداث أضرار جسدية، أو أضرار بالممتلكات، وتشويه بالمساجد، وقد أصيب حوالي 6 أشخاص جراء تلك الاعتداءات خلال الربع الأول من العام الجاري مقارنة بـ 17 مصابًا خلال نفس الفترة من العام الماضي.

كما تشير الإحصائيات إلى تراجع الأعمال العدائية ضد المسلمين خلال السنتين الماضيتين بشكل عام؛ حيث تم تسجيل حوالي 950 حالة عام 2017، وحوالي 824 حالة اعتداء على المسلمين وأماكن عبادتهم عام 2018. وإن كان هناك تراجع كما تبيّن التقارير، فإنه تراجع بسيط، فما زالت تلك الاعتداءات تشكل خطرًا كبيرًا على المسلمين ودور عبادتهم، كما ازدادت نوعية خطورة هذه الاعتداءات. وخلال هذه الأسبوع فقط –من الفترة 6/6/2019 وحتى يوم 9/6/2019- تم رصد عدد من حالات الاعتداء على المسلمين ومؤسساتهم، ولا يمكن وصف هذه الاعتداءات إلا بأنها عنصرية معادية للإسلام والمسلمين، ومن هذه الاعتداءات ما يلي:

طعن شاب مسلم بسكين في عنقه

حيث قام شاب يبلغ من العمر 27 عامًا يوم الجمعة الموافق7/6/2019 في مدينة "بريمن" باعتداء عنصري وتوجيه الإهانات اللفظية لشاب مسلم يبلغ من العمر "16عامًا"، ثم قام بطعنه بسكين في عنقه، وتم نقل المصاب إلى المستشفى لتلقي العلاج، وقامت الشرطة بإلقاء القبض على المشتبه به، حسبما صرحت السلطات الأمنية في مدينة "بريمن". وقد صرحت الشرطة أيضًا أن الشخص المشتبه به يعاني من مشاكل نفسية، وتم إيداعه مشفى نفسي لتلقي العلاج، واتهامه بالتسبب في إصابات جسدية حسبما صرح المتحدث باسم السلطات الأمنية!

ولا يمكن أن يعتبر أي عاقل هذا الحادث إلا شروعًا في قتل، غير أنَّ الصحيفة لم تصفه بهذا الوصف، كما لم تتناول الصحف الكبرى هذا الحادث بأي ذكر، فهو نوع من التجاهل الصريح للحوادث المعادية للإسلام والمسلمين.

مجهولون يمزقون المصاحف بأحد المساجد بألمانيا

ويوم السبت الموافق 8/6/2019 قام مجهولون بالتسلل داخل مسجد وسط مدينة "بريمن" أيضًا، ثم قاموا بتمزيق حوالي 50 نسخة من القرآن الكريم وإلقائها في مرحاض المسجد، وقد تم اكتشاف هذه الحادثة حوالي الساعة الرابعة عصرًا؛ حيث تسلل مجهولون إلى المسجد في الفترة بين الساعة الثانية والساعة الرابعة عصرًا، وهو الوقت الذي يكون المسجد فيه مفتوحًا عادةً، وتولّت السلطات الأمنيَّة التحقيق في الأمر للوقوف على أسباب الحادث. ويعتبر هذا الحادث من وجهة نظر مرصد الأزهر استفزازًا صارخًا لمشاعر المسلمين في شتَّى بقاع الأرض، وليس في ألمانيا فقط، فالقرآن الكريم هو كتاب المسلمين المقدس الذي لا يقبل أي مسلم المساس به بأيّ شكلٍ من الأشكال، كما يُعدّ هذا الأمر صورة من صور العداء المتزايد ضد المسلمين، وقد تجاهلت معظم الصحف الكبرى هذا الأمر، فلم يرد ذكره إلا في بعض الصحف المحلية، كما قام المسجد الذي حدثت به هذه الحادثة العنصرية المشينة بعرض مقطع مصور للمصاحف الشريفة بعد تمزيقها، وما يحتوي عليه المقطع المصور مما تعجز الكلمات عن وصفه، وينأى القلم عن ذكره. وقد نشر المسجد بيانيْن باللغة العربية واللغة الألمانية يدين فيهما هذا الحادث العنصري، ويحذر الأحزاب السياسية في ألمانيا من مغبة الانسياق وراء اليمين الشعبوي. ويؤكد المرصد أنه يتابع نتائج التحقيقات في هذا الحادث، معربًا عن ثقته في جهات التحقيقات الألمانية، وإعلانها نتائج التحقيق فور الوصول إليها.

اعتداء على فتاتيْن محجبتيْن في ألمانيا

حادث الاعتداء هذه المرَّة حدث في العاصمة الألمانية "برلين"، ففي ميدان "ألكساندربلاتس" بالعاصمة برلين قام زوجان مسنان تتجاوز أعمارهما السبعين عامًا بالحديث عن الحجاب بصوت عالٍ، وتوجيه الإهانات لفتاتيْن مسلمتيْن تتراوح أعمارهما بين 18 و19 عامًا بسبب ارتدائهما الحجاب، وقد احتدم النقاش بينهم حتى أمروهما بخلع الحجاب؛ واستمر الزوجان المسنَّان بتوجيه السباب إلى الفتاتيْن، مما اضطر الفتاتيْن للجوء إلى الشرطة. فقامت الشرطة باعتقال الزوجيْن المسنَّيْن مؤقتًا، وصرحت الشرطة أنه ثبت تناولهما للخمور. وقد تولَّى التحقيق في القضية جهازُ الأمن القومي المختص بالجرائم ذات الدوافع السياسية المحددة. ومن الملاحظ أن الجريدة وصفت القائميْن بالإعتداء بأنهما مسنَّيْن، وأنه ثبت تناولهما للخمور، لتُبيّن أنهما لم يكونا في وعيهما عند قيامهما بهذا الأمر، لكن من الواضح أن هذا العمل لا يمكن تصنيفه إلا على أنه عملٌ عنصريٌّ ضد الحجاب، وأنه يعادي الإسلام والمسلمين.

ومن المؤكد أن هذه الحوادث لم تحدث بمحض الصدفة أو دون سبب، بل على العكس تمامًا، فإن لها دوافع قوية، وقد تم التخطيط لها، وهي نتيجة واضحة للتحريض المستمر ضد المسلمين من التيارات اليمينية المتطرفة خلال الأعوام السابقة، فقد كشفت السلطات الألمانيَّة خلال هذا الأسبوع أيضًا عن أنه تم العثور على منشورات ورسائل تحمل رمز النازية "الصليب المعقوف"، وتحتوي على تهديدات بالقتل والإيذاء للمسلمين، كانت قد وزعت هذه المنشورات في أحد أحياء مدينة "كولونيا"، والذي يعيش فيه الكثير من المسلمين. وقد قام مجهولون بتوزيع هذه المنشورات وكذلك وضع رسائل بريديَّة داخل مظاريف مغلقة في صناديق البريد الخاصة ببعض السكان، والذين قاموا بتسليمها للسلطات الأمنية، التي قامت بدورها بفتح تحقيق في الأمر.

لا شك أن كل هذه الحوادث تجعل مرصد الأزهر يدقُّ ناقوس الخطر في أذن كل عاقل لمكافحة العداء المتزايد للإسلام والمسلمين، فمثل هذه الحوادث لا تزيد المجتمعات إلا انشقاقًا، فهي تنشر الفتنة والخوف والزعر بين أبناء المجتمع، بين فعل غاشم وخوف من رد فعل بعيد عن العقل، وهذه أمور تُهدّد السلم المجتمعي في بلاد طالما عرفت بدعمها للحق والعدل؛ ولذا يجب معاقبة من يقوم بمثل هذه الأفعال بأشد عقاب، وذلك لتهديدها للسلام على الصعيد المحليِّ والعالميِّ.

وحدة رصد اللغة الألمانية

طباعة