خطاب الكراهية في وسائل الإعلام الصهيونية

  • | الأربعاء, 10 يوليه, 2019
خطاب الكراهية في وسائل الإعلام الصهيونية

     لقد أصبحت العنصرية والفوقيّة العِرْقية في ظلّ حكم اليمين المتطرف داخل الكيان الصهيوني خطابًا شرعيًا يُروِّج له ويغذِّي به مستوطنيه من خلال سَنِّ قوانينه العنصرية كقانون القومية الذي أُقرَّ في العام الماضي؛ مؤصلا لتهميش الفلسطينيين وإقصائهم. وبكل أسف يتضح لمتابع الشارع الصهيوني أنه يتغذى على ممارسة العنصرية والكراهية ويبدو ذلك جليًّا عندما يشرعون في احتفالاتهم بمناسباتهم الصهيونية.

لقد أظهر استطلاعٌ للرأي أجراه "معهد دراسات الأمن القومي التابع للكيان المحتل" أن 81% من الجمهور اليهودي اليميني المتطرف يحرض على قتل الفلسطينيين؛ مما يثبت حقائق تبيّن الوجه الحقيقي للمجتمع الصهيوني، فهم يؤمنون بالنص التلمودي الذي يقول: "من يريد قتلك بادر إلى قتله" دون حوارٍ معه؛ فهو تحريضٌ صريحٌ وذريعة تأويلية لقتل الغير دون انتظار.

خطاب الكراهية في الإعلام ووسائل التواصل ضد المسلمين والادِّعاء بلا بينة

لقد تصدرت كراهية المسلمين والتحريض ضدهم والادِّعاء بلا بيِّنة المشاهد العامة بشكلٍ كبير داخل مؤسسات الكيان الصهيوني، وأصبحت هي السّمة التي تميزها. فتكاد وسائل الإعلام الصهيونية، مرئية كانت أو مسموعة أو مكتوبة لا تخلو من اتهاماتٍ وادِّعاءاتٍ لا أساس لها.

وقد أظهرت إحصائية أعدَّتها "حملة المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي" أن هناك ارتفاع كبير في عام 2018م مقارنة بعام 2017م فيما يخص نسب التحريض والعنصرية من قبل الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين عبر الشبكات الاجتماعية؛ حيث بلغت 474.250 منشورًا تحريضيًا.

وآخر تحريض في عام 2018م كان تحريض نجل "نتنياهو"، رئيس وزراء الكيان الصهيوني ضد المسلمين في جميع أنحاء العالم على حسابه الشخصي "فيسبوك"؛ حيث قال: "أتعرفون أيَّ الأماكن لا يوجد بها عمليات إرهابية؟ أيسلندا واليابان، وبالصدفة، لا يوجد هناك ‏مسلمون أيضًا".

ولم تسلم وسائل الإعلام الصهيونية من التحريض والكراهية؛ فهذه حلقة من حلقات التحريض ضد المسلمين؛ حيث تجرأ إعلاميٌّ صهيونيٌّ يُدعى "أفري جلعاد" خلال شهر أبريل الماضي وأيضًا خلال الأيام الماضية على اتهام المسلمين بلا بيِّنة، وربط بينهم وبين ما يعانيه العالمُ –بكل طوائفه- من مآسٍ لا تمت لتعاليم الأديان بأدنى صلة؛ فقد ظهر على شاشات التلفزيون الصهيوني في برنامجه اليومي "العالم هذا الصباح" -والذي يُعرض على القناة الـ 13 الصهيونية- واتَّهم المسلمين بأنهم وراء الحريق الذي نشب في كنيسة "نوتردام" بباريس، وادَّعى أن الأوروبيين كانوا يتكتمون على الجرائم التي يتورط بها المسلمون. وأصرَّ "جلعاد" على خطابه العنصري وتحريضه ونشر أفكاره المتطرفة وصرح في إحدى الصحف العبرية "يديعوت أحرونوت" أنه لن تمنعه أية إدانة من أحدٍ في أن يُفكر ويُعبّر عن أفكاره [المتطرفة[ أينما يستطيع.

ولم يكن تحريض الصهيوني "جلعاد" هو التحريض الأول والأخير؛ فسيرته الذاتية ملوثة بالعنصرية البغيضة والكراهية للآخر؛ فقد قال من قبل، منذ عدة سنوات، في برنامج "الكلمة الأخيرة" الذي يذاع على محطة من المحطات الإذاعية التي تحظى بقدر كبير من خطاب الكراهية والتحريض ضد الآخر  مسلمين وغير مسلمين، عرب وغير عرب إذاعة "جالي تساهل"، إذاعة جيش الكيان الصهيوني بأن الإسلام: "هو أكبر مرض منتشر على الأرض في هذا الزمان، وأن وجود هذا الدين بين الناس يسبب لهم تسممًا، وهو أكبر خطر يهدد حياة الآمنين في الكرة الأرضية ".

نتائج خطاب الكراهية والتحريض

هناك علاقة تناسب طردي بين خطاب الكراهية وبين العنف؛ فكلَّما علا خطاب الكراهية والتحريض كلما كثرت الاعتداءات وأعمال العنف؛ فلم يكن عام 2018 ببعيد عنّا ليدلل على تصاعد خطاب الكراهية، فقد حدثت في هذا العام طفرة في معدل الجرائم والأعمال العدائية والتحريضية ضد الفلسطينيين والعرب داخل الكيان الصهيوني الغاصب. ووثِّق في عام 2018م 482 اعتداءً ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم بزيادة قدرها حوالي 74% عن عام 2017م الذي وُثِّق فيه 140 اعتداء.

وبينما يسمح الكيان الصهيوني للمسئولين الصهاينة بإطلاق ألسنتهم تحريضًا وكرهًا وعنصرية عبر منصات الإعلام الصهيوني تجاه الفلسطينيين والعرب والمسلمين وتوجيه الاتهامات للمسلمين بلا بيِّنة، تتهم من يطلق لسانه نقدًا لهذه الممارسات بأنه معادٍ للسامية.

 

أسباب داعمة للكيان الصهيوني لإذكاء خطاب الكراهية

إن المتلقي الناطق باللغة العبرية ليس لديه أي بديل عن هذا الإعلام الصهيوني الذي يسهم في انتشار الإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية ضد العرب والفلسطينيين وأيضًا المسلمين بشكل عام. ففي ظل غياب وسائل إعلام بديلة ممكنة باللغة العبرية لتقديم وجهة النظر الأخرى التي تدحض وجهة النظر الصهيونية المهيمنة على الفكر الصهيوني، يقع المُشاهِد العبري أسيرًا للكيان الصهيوني ورهينة لما يقدمه إعلامه يحركه كيفما ووقتما شاء لخدمة أهدافه الخبيثة؛ مما يجعله –أي المتلقي- حقلًا خصبًا لخطاب الكراهية وتخويفه من الجميع ومن أيِّ شخص خارج بوتقة الصهيونية.

لقد سعى الكيان الصهيوني إلى ضمان حصول اليهود الذين استقدمهم الكيان الصهيوني إليه من جميع أنحاء العالم على الجرعة المناسبة من الهيمنة الصهيونية؛ فزودهم بقنوات اتصال بلغتهم الأم، مثل قنوات تلفزيونية روسية وقنوات إذاعية بعدة لغات لا سيما باللغة الأمهرية.

إن سوق الإعلام الصهيوني واسع ومعقّد جدًا، وله العديد من الأجندات السياسية والمصالح التجارية، لكنه في نهاية المطاف يخضع للموقف الصهيوني السائد؛ فالسواد الأعظم من تلك الوسائل الإعلامية تعمل على تشويه نضال الفلسطينيين ومقاومتهم وحقوقهم والتحريض ضدهم وممارسة العنصرية تجاههم.

إذن كيف يمكننا التعامل مع خطاب الكراهية الذي تبثه وسائل إعلام الكيان الصهيوني؟

يمكن وقف هذا التحريض وخطاب الكراهية من خلال طريقة واحدة، ألا وهي منصات إعلامية واجتماعية موازية تُبثُّ بلغات العالم ومن بينها العبرية؛ وذلك لإظهار الحقائق وتفنيد مزاعم الكيان الصهيوني ووقف سياسته المعادية للغير وتقليل خطاب الكراهية الذي أصبح سرطانًا يهدد الكثير من المجتمعات، وتقويض الإجماع الصهيوني على نزعات التطرف والإرهاب والتحريض.

إذا كان الكيان الصهيوني يسعى لزيادة نفوذه في عالم الاتصالات والسيطرة على وسائل الإعلام العالمية ويروضها لخدمة أهدافه الصهيونية الخبيثة، فلماذا لا ينبغي علينا أن يصبح لنا اتجاهٌ مضاد لكبح هذا التحدي الصهيوني؟!

وانطلاقًا من هذا الهدف تم تدشين صفحة مرصد الأزهر لمكافحة التطرف باللغة العبرية كمنصة اجتماعية -متاحة للجميع- لتصحيح المفاهيم المغلوطة حول الإسلام، وتوضيح الحقائق، ونشر سماحة الإسلام، ونبذ خطاب الكراهية ومعاداة الإسلام، واستنكار ما يقوم به الكيان الصهيوني من انتهاكات بحق المقدسات والفلسطينيين، كما تشارك وحدات مرصد الأزهر الأخرى وحدة الرصد باللغة العبرية هذا الهدف؛ وذلك في إطار إطلاق حملات توعوية بجميع اللغات لتحقيقه.

وحدة رصد اللغة العبرية

طباعة