هل لا يزال داعش يمثل خطرا على المجتمع الدولي؟

  • | الثلاثاء, 27 أغسطس, 2019
هل لا يزال داعش يمثل خطرا على المجتمع الدولي؟

     مُخطئ مَنْ يظن أنّ سقوط "الباغوز" آخر معقل للتنظيم في سوريا، علامة على اختفاء تنظيم "داعش"، فنفوذه وأيديولوجيته ما زالت قائمة، وتهديده ما زال مستمرًا، لا سيما وأنّ التنظيم يمتلك الوسائل ليُصبح لاعبًا رئيسيًا مرة أخرى في الهجمات الإرهابية الدامية التي تستهدف العديد من الدول، ومنها دول التحالف الدولي الذي يتصدّى لإرهاب داعش.

ففي الآونة الأخيرة، يسعى التنظيم جاهدًا إلى إعادة تشكيل صفوفه عبر تنشيط خلاياه النائمة داخل العراق وسوريا، وكذا خلاياه النائمة داخل الدول الأوروبية، علاوة على أنّ التنظيم لا يزال يمتلك ثروة تقدر بنحو (50 – 300 مليون) دولار، وهذا مبلغ بلا شك يكفي لتنشيط الآلة الدعائية والإعلامية الخاصة به، ويكفي أيضًا لتكثيف العمليات الخارجية التي سيستهدف بها العديد من دول العالم.

ومن جانبه حذر تقرير للأمم المتحدة -قائم على المعلومات المُقدمة من قِبل أجهزة مخابرات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ويُقدم نظرة عامة عن التفكير الجماعي لأجهزة الأمن في جميع أنحاء العالم-، من أنّ خطر الجماعات المتطرفة لا يزال متصاعدًا، كاشفًا النقاب عن صورة مفزعة حول الحركة العالمية للجماعات المتطرفة، لا سيما التي تُمثل تهديدًا كبيرًا على الرغم من انتكاساتها التي شهدتها في الآونة الأخيرة. وقد أوضح التقرير أنه على الرغم من أنّ "دولة الخلافة المزعومة" لم يعد لها وجود على أرض الواقع، إلا أنّ العديد من العوامل التي أفرزت تلك الدولة المزعومة والتي أدّت إلى ظهورها لا تزال قائمة.

وقد عبّر القائمون على التقرير عن بالغ قلقهم من أنّ نحو ما يقرب من (30 ألف) أجنبيًا قد انضموا لصفوف "داعش" بغرض القتال، من بينهم (6 آلاف) أوروبيًا. كما يحتجز الأكراد منهم نحو (14.500) أجنبيًا، والنصف الآخر حُرًا، وربما لا يزال الكثير منهم على قيد الحياة، لأنّ غالبيتهم لم يتم التحقق رسميًا من موتهم. في حين أوضح التقرير أنّ "توجهاتهم المستقبلية ستُشكل مصدر قلق دولي في المستقبل القريب". مضيفًا أنه "قد ينضم البعض منهم إلى تنظيم "القاعدة" أو غيرها من الجماعات الإرهابية التي قد تظهر، والبعض الآخر سيصبح قادة أو متطرفين شديدي الخطورة".

 

وحذرت الأمم المتحدة من أنّ الهدنة الحالية للعنف الإرهابي الدولي المتمثلة في التوقف المؤقت قد تزول قريبًا، عبر موجة جديدة من الهجمات المحتملة التي تضرب العالم نهاية هذا العام.

كما يُشير التقرير أيضًا إلى أنه على الرغم من أنّ الحدود الجغرافية لدولة الخلافة المزعومة أصبحت في حكم العدم، إلا أنّ الدول الأعضاء تتفق على أنّ العديد من العوامل الأساسية الكامنة التي أفرزت تنظيم داعش لا تزال موجودة. الأمر الذي يدعوا إلى القول بأنّ التهديد الذي يُمثله تنظيم القاعدة أو غيره من الجماعات المتطرفة لم يتراجع كثيرًا.

فبالرغم من وقوع عدد أقل من الهجمات الإرهابية الناجحة خلال عامي 2015 و2016، عندما قام المتطرفون بقتل مئات الأشخاص في فرنسا وبلجيكا وألمانيا، إلا أنّ خطر التهديد لأوروبا "يظل مرتفعًا"، حسب ما ذكرته صحيفة الجارديان البريطانية.

كما يُعد مصدر قلق رئيسي كذلك أنّ برامج مكافحة التطرّف لم تُثبت فاعليتها الكاملة، وأنّ الإفراج المرتقب عن المتطرفين الذين اقتربت انتهاء مدة سجنهم لبعض من المجموعة الأولى من العائدين المحتجزين بعد عودتهم من سوريا والعراق، يُشكل خطرًا كبيرًا.

وتُشير تقديرات الدول الأوروبية إلى أنّ نحو (6 آلاف) من مواطنيها قد رحلوا إلى العراق وسوريا للانضمام لصفوف داعش أو إلى جماعات متطرفة أخرى. ووفقًا للتقرير، فقد لقي حوالي الثلث منهم حتفه هناك، بينما لا يزال الثلث الثاني محتجزون في العراق أو سوريا، أو ربما أنهم قد سافروا إلى مكان آخر. بينما عاد (2000) منهم أو أكثر إلى أوروبا.

ووفقًا للتقرير، فإنّ تنظيم داعش ما زال يملك ما بين (50 و 300 مليون) دولار متبقية من عائدات النفط، وتجارة الآثار... إبان سيطرتهم على مناطق واسعة في العراق وسوريا،  يمكن توظيفها للدفاع على سُمعة وشهرة التنظيم كمجموعة إرهابية أصيلة ودولية وباعتبارها تُمثل لاتباعها "خلافة مزعومة افتراضية".

كما يذكر التقرير أنه عندما يمتلك الوقت والمساحة اللازمة لإعادة الاستثمار في قدراته لشن عمليات خارجية، فإنّ التنظيم سيقود ويُسهل الهجمات الدولية فضلًا عن الهجمات الإرهابية التي ما زالت تحدث في العديد من أنحاء العالم. كما أنّ الانخفاض الحالي لهذه الهجمات من الممكن أنْ لا يستغرق وقتًا طويلًا، بل ربما قد لا يصل حتى نهاية عام 2019".

وبالتالي، فلا بد من تكاتف الجهود على كافة المستويات لتلافى خطر هذا الإرهاب الغاشم الذي يعبث بأمن واستقرار الدول، والعمل على استئصاله من جذوره.

 

وحدة الرصد باللغة الفرنسية

 

 

 

طباعة