صوتٌ منصف من قلب أوروبا.. "كارين أرمسترونغ" وآراؤها حول نبي الإسلام

  • | الأحد, 1 ديسمبر, 2019
صوتٌ منصف من قلب أوروبا.. "كارين أرمسترونغ" وآراؤها حول نبي الإسلام

لا تزال الأصوات المنصفة تشهد بالحقائق حول الإسلام، وتؤكّد على سُموه، وتُبرهن على عِظم أخلاق نبيِّه الكريم صلى الله عليه وسلم؛ ومما لا شك فيه أنّ تلك الأصوات إنما تستمد طاقاتها الإيجابية من الحقائق التاريخية والدراسة الموضوعية لتاريخ الإسلام ونصوصه، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام. 
ومن أبرز تلك الأصوات المنصفة "كارين أرمسترونغ"، الكاتبة الإنجليزية التي أكّدت على عالمية الإسلام وسماحة نبيه صلى الله عليه وسلم، وعكست ذلك في مؤلفاتها.
"كارين أرمسترونغ" مؤرِّخة وباحثة في مجال "تاريخ الأديان"، لها مؤلفات تُرجمت إلى لغات عديدة، شرحت من خلالها بأسلوب سلِس المفاهيم والمذاهب الإسلامية التي يصعب على رجل الشارع الغربي فهمها، كما تناولت الحديث عن سيرة النبي مـحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم، وشاركت في إنتاج ثلاثة أفلام وثائقية عن الإسلام. 
بدأ ظهورها الإعلامي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وحرصت على أنْ تنقل للعالم من حولها "حقيقة الإسلام" بموضوعية وشفافية، مواجِهةً بذلك القوالب النمطية والأساطير المنتشرة حول الإسلام، ما جعلها تُعرف بنظرتها الإيجابية إلى القضايا المتعلّقة بالإسلام. وهذا عرضٌ لأبرز ما قالته "أرمسترونغ" عن الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم.
عبّرت "أرمسترونغ" في إحدى كتاباتها عن النَّقلة الحضارية والإنسانية التي ابتدأها الإسلام، وعن مبادئه التي جاء بها، قائلة: "كان محمدٌ رجلًا يواجه وضعًا صعبًا للغاية؛ حيث كان الناس يموتون في صراعات لا نهاية لها، ولا أمل فيها، ويغلب عليهم الانتقام الدموي، وسرعان ما يسقطون في دوّامة العنف والحرب، وحينما كان هذا المجتمع يتّجه نحو الهاوية جاء مـحمد؛ ليمنحهم الأمل، فظل 23 عامًا ينشر السلام، ويبث آمالًا جديدة في الجزيرة العربية، حتى أضحت منارة جديدة للعالم بأسْره ".
كما أكدت أنّ الإسلام دين الرحمة والتراحم، وأنّ المجتمع الإسلامي كان كالجسد الواحد، فقالت: "جاء مـحمد ليُنذر أهل مكة وما حولها، ويدعوهم إلى خلق مجتمع أكثر عدلًا وكرامةً، يرحم الناسُ فيه الفقراء والأيتام والأرامل والمضطهدين، فقد جاء الإسلام للناس برسالة أخلاقية واجتماعية مُفادها أننا جميعًا متساوون أمام الله، وعلينا أن نُحسن معاملة الناس ونتعاطف معهم ونعدل بينهم".
وعن قضية الجهاد ذكرت "أرمسترونغ" في كتاب لها بعنوان "محمد: سيرة النبي" قائلة: "في الغرب يصفون النبي محمدًا بأنه قائد عسكري يحمل السيف لفرض الإسلام، لكن الواقع مختلف تمامًا، فالمعنى الأصلي لكلمة الجهاد ليس "الحرب المقدسة"، بل هو الجهد الجسدي والأخلاقي والرُّوحي والفِكري. 
إنّ اللغة العربية تحتوي على العديد من الكلمات التي تُعبر عن الكفاح المسلّح مثل كلمات: "الحرب"، و"الصراع"، و"المعركة"، و"القتل"، وهو ما كان يُمكن أن يستخدمه القرآن إذا كانت الحرب هي الوسيلة الرئيسية لتحقيق الهدف، لكنه بدلًا من ذلك، اختار مصطلحًا أكثر عمومية وتعبيرًا يتضمن دلالات واسعة، ألا وهو الجهاد. 
فتصحيح مسمَّى الجهاد واحدٌ من أهم الشروحات التي يجب أن تُقدَّم للغرب بصورة واضحة لا لَبْس فيها، بعد أن تحوّل الجهاد إلى سُبّة يُتهم بها كل مسلم، دون فَهم لمعانيه".
وأضافت: "الجهاد ليس أحد أركان الإسلام الخمسة، على عكس الاعتقاد الشائع في الغرب، وليس هو الدعامة الأساسية للإسلام، فالجهد الأخلاقي والروحي كان -ولا يزال - واجبًا على المسلمين، فهم مدعوّون إلى تأسيس مجتمع عادل لا يُستغلّ فيه الفقراء والضعفاء.
وعن إنصاف الإسلام للمرأة وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله معها، تقول "أرمسترونغ": "كان مـحمد يقف دائمًا إلى جانب حقوق المرأة، وعندما توفيت زوجته الحبيبة "خديجة"، حزن عليها حزنًا شديدًا، وافتقدها طوال حياته".
ومن جانبه يرى "مرصد الأزهر" أنّ إنصاف "كارين أرمسترونغ" للإسلام وللنبي مـحمد صلى الله عليه وسلم، جاء نتيجة لاطّلاع واسع أدركت معه ما عجَز الكثيرون مِن مفكّري الغرب ومثقّفيه وكُتّابه عن إدراكه.
 كما أنها أدركت الحقيقة الكامنة وراء نصوص الإسلام، وتشريعاته السمْحة، وتعاليمه القويمة، ودُستوره العادل المنصِف، وتاريخ نبيّه الكريم صلى الله عليه وسلم، وسيرة الرعيل الأول من أصحابَ النبي مـحمد صلى الله عليه وسلم.
وإذْ يُقدِّر "مرصد الأزهر" هذه الآراء المنصِفة، والنظرة الموضوعية للكاتبة، فإنه يدعو كل عقلاء الغرب والشرق أن يكون الإنصاف منطلقهم في فهم رسالة الإسلام السمحة، وعِظم تعاليمه التي جاءت للإنسانية بكلِّ خير، ودَفعت عنها كلّ ما يَنتهِكُها، ويهدّد سلامة بنيها وأمْنَهم.

وَحدة الرَصْد باللغة الإسبانية
 

طباعة