جهود "قيرغيزستان" في مكافحة التطرّف

  • | الإثنين, 2 ديسمبر, 2019
جهود "قيرغيزستان" في مكافحة التطرّف

 

كانت "قيرغيزستان" إحدى دول الاتحاد السوفيتي السابق إلى أن استقلت عنه عام 1991، وهي الآن واحدة من دول وسط آسيا، وعاصمتها مدينة "بيشكيك"، وتضم إلى جانب العِرقية "القيرغيزية" عِرقيات أخرى، هي: الروس، والأوزبك، والأوكرانيون، والألمان، والتتار، والكازاخيُّون، والهِوِي الصينيون، والأويغور، والطاجيك. ويتحدّث معظم سكانها لغة تنتمي إلى المجموعة الشمالية الغربية من اللغات التركية؛ كما تتحدّث مجموعة من السكان اللغة الأوزبكية، إضافة إلى اللغة الروسية.

إنّ رحلة "قيرغيزستان" نحو الاستقرار لم تكن بالأمر الهيّن؛ حيث مرّت منذ استقلالها بعدد من المحطّات التي كان عنوانها: "التوتر وعدم الاستقرار"؛ خاصة مع الإطاحة بأول رئيس لها، وما تَبِع ذلك من ثورة عُرفت بـ"ثورة التيوليب" عام 2005م. كما أدّتِ التوترات التي شهدتها البلاد صيف 2010م بين عِرقيّتي "القيرغيز" و"الأوزبك" إلى اندلاع أعمال عنفٍ واسعة النطاق في منطقتي "أوش" و"جلال آباد" الواقعتين جنوب البلاد؛ مما تَسبّب في مقتل المئات، وتشريد ما يقرب من 80 ألف مواطن.

ومنذ ذلك الحين؛ أصبحت تلك المنطقة الجغرافية هدفًا إستراتيجيًّا، خاصةً بعد انضمام عددٍ من سكانها إلى الجماعات المتطرّفة والإرهابية في "العراق" و"سوريا" و"أفغانستان"؛ الأمر الذي وجّه الأنظار لتلك المنطقة، ورفع درجات الخوف من احتمال تحوّلها إلى قِبلة للجماعات المتطرفة، خاصة بعد هزيمة تنظيم "داعش" وفقده لكثير من مناطق سيطرته؛ ما جعل سياسة المجتمع الدولي تجاه "قيرغيزستان" تُركّز بشكل كبير على آليات مكافحة التطرّف.

وقد أشارت بعض التقارير إلى أنّ عدد الجماعات المحظورة في "قيرغيزستان" قد بلغ 21، على رأسهم تنظيم "داعش"، و"حزب التحرير"، و"يقين انكار" والتي حظرتها السلطات عام 2017م، و"كتائب الإمام البخاري" التي أعلنت في نوفمبر 2014م ولاءها لزعيم حركة "طالبان" الأفغانية، "الملا عمر"، و"جنة اوشيكلاري" المعروفة أيضًا بِاسم "جماعة التوحيد والجهاد".

من جانبها؛ تقُوم حكومة "قيرغيزستان" بتنظيم ندوات وبرامج تدريبية في المدارس وغيرها؛ للتوعية بالعواقب الوخيمة التي قد يتعرّض لها كل مَنْ يُتهم بالتطرّف، وشرح آليات مكافحة استخدام "شبكة الإنترنت" لأغراض إرهابية، وتثقيف المواطنين حول طبيعة الممارسات الدينية المقبولة. وشدّدت على ضرورة تعزيز القِيم الإسلامية النابعة من صحيح الدين؛ لمواجهة خطر الحركات الدينية المتطرّفة، وما تسعى إليه من نشر الكراهية والتطرّف والإرهاب تحت مُسمّى ديني، كما أبرمَت الحكومة اتفاقًا مع "الأمم المتحدة" يَقضِي بوضع خطة خلال المدة بين عامي 2017م و2020م؛ لدعم الجهود التي تبذلها الحكومة لمنع أشكال التطرّف كافة.

وقد سلّطت صحيفة "The Diplomat" والمعنية بشؤون الدول الآسيوية، الضوء على الإجراءات التي تَقوم بها حكومة "قيرغيزستان" لمكافحة التطرّف، وذلك في مقال لها بعنوان: "قمع قيرغيزستان للتطرّف.. هناك حاجة لمزيد من الإصلاحات"؛ مشيرةً إلى التحدّيات التي تواجهها قيرغيزستان في سعيها لمجابهة التهديدات التي تواجه أمنها القومي، وأنّ مخاوفها تجاه قضية مكافحة التطرّف مشروعة، خاصة بعد انضمام عدد من المواطنين المنتمين لمنطقة وسط آسيا بما فيها "قيرغيزستان" إلى الجماعات المتطرفة في العراق وسوريا وأفغانستان. لكن الصحيفة انتقدت بعض إجراءات الحكومة، ووصفتها بأنها إجراءات قمعية أكثر من أنْ تكون إصلاحية، وأنها قد تَصبّ في مصلحة الجماعات الإرهابية.

وختامًا فإن مكافحة هذه الآفة التي ضربت العالم بأسره لا تقتصر على الجهود الأمنية وحدها، بل لا بد أن تتضافر -من أجله- الجهود المجتمعية والإعلامية والثقافية والدينية، وأن تكون كل دولة على وعي كامل بطبيعة شعبها، وطبيعة ظروفه المعيشية، وما يُحيط به من مخاطر.

وحدة الرصد باللغة الأردية

طباعة