تصاعد مؤشر "الأعمال المعادية للإسلام والمسلمين" في فرنسا خلال عام 2019

  • | الخميس, 19 مارس, 2020
تصاعد مؤشر "الأعمال المعادية للإسلام والمسلمين" في فرنسا خلال عام 2019


حذّرت "جمعية مكافحة الإسلاموفوبيا بفرنسا" (CCIF) - خلال تقريرها السنوي الصادر يوم الثلاثاء الموافق 25 من فبراير عام 2020، حول مؤشر "الأعمال المعادية للإسلام والمسلمين" خلال العام الماضي - من تصاعد مؤشر "الأعمال العنصرية" ضد الإسلام والمسلمين خلال عام 2019، بنسبة 17% مقارنة بعام 2018، بزيادة بنسبة 77% مقارنة بعام 2017، كما يوضح الرسم البياني التالي:

وعلى الرّغم من ضعف نسبة الإبلاغ عن الأعمال العنصرية إجمالًا، فقد أكّدت "جمعية مكافحة الإسلاموفوبيا بفرنسا" (CCIF) تلقيها نحو (2000) بلاغٍ عن أعمال معادية للإسلام والمسلمين (تتنوع ما بين اعتداءات جسدية أو إهانات لفظية، يرجع سببها إلى انتماء الشخص -حقيقةً أو افتراضًا- إلى الدين الإسلامي) خلال عام 2019؛ مشيرةً إلى أنه تم تأكيد صحة (789) بلاغًا، بعد فحص حقيقة هذه البلاغات.
من جانبها؛ أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية، عن تسجيلها نحو (154) عملًا مُعاديًا للإسلام والمسلمين خلال عام 2019، وهو ما لاحظه مرصد الأزهر أنه يأتي بزيادة قدرها (54%) عن عام 2018، مع ملاحظة أن التباين بين هذه الأرقام يرجع إلى اختلاف طريقة الإحصاء لدى الجهتين، وسواء أخذنا بالبيانات الحكومية أو تلك التي أعلنتها جمعية مكافحة الإسلاموفوبيا بفرنسا، نلاحظ ارتفاع مؤشر "الإسلاموفوبيا" بفرنسا خلال عام 2019.
وأوضح التقرير أنّ عام 2019 اتّسم بتوجه الدولة الفرنسية نحو اتخاذ تدابير أمنية حاسمة، لمواجهة الخطر الإرهابي؛ ما أدّى إلى الإضرار ببعض الحريات الأساسية التي تكفلها دولة القانون؛ تلك الحريات التي جعلت الأعمال العنصرية تنتشر بكل سهولةٍ ويُسرٍ في فرنسا، مثلها في ذلك مثل باقي الدول، وتتنوع أشكالها ما بين أعمال التمييز والإذلال، أو حرمان الأمهات من اصطحاب أطفالهن في الرحلات المدرسية، وصولًا إلى أعمال القتل، مثلما حدث في الهجوم الإرهابي على مسجد نيوزيلندا في 15 مارس 2019، لدرجة أنه أصبح من الصعوبة بمكان إيجاد بقعة من الأرض تخلو من أعمال العنصرية.
ضحايا الأعمال المعادية للإسلام في فرنسا
         وفيما يتعلق بضحايا الأعمال المعادية للإسلام والمسلمين خلال عام 2019، أشارت "جمعية مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا" (CCIF) إلى أن فئة النساء هي الفئة الأكثر تعرضًا لأعمال الإسلاموفوبيا، خلال عام 2019؛ حيث بلغت النساء نسبة (70%) مقابل (30%) من الرجال. وإذا كانت المرأة المسلمة هي الأكثر تمثيلًا لضحايا الإسلاموفوبيا، فهي أيضا أكثر ضحايا التمييز في المدارس والمؤسسات والمجالات الأخرى، وفي الأماكن العامة، وفي قاعات البلديات والمحافظات، وفي مراكز الشرطة... إلخ. 
كذلك الحال بالنسبة للسيدات في الوصول إلى السلع والخِدْمات والرعاية؛ فعلى سبيل المثال تعرضت امرأتان مسلمتان للمنع من أخذ مكان لعرض بضائعهن في أحد أسواق بيع الأغراض المستعملة في شمال فرنسا، كما استُبعِدت إحدى العارضات المسلمات من "معرض المرأة" في مدينة "بيزييه" الفرنسية.
وإذا ما نظرنا إلى طبيعة "الأعمال المعادية للإسلام والمسلمين"؛ نجد أنّ حوادث التمييز العنصري التي أحصتها جمعية مكافحة الإسلاموفوبيا بفرنسا تُشكل نسبة (59%)، وأن مثل هذه النسبة من الحوادث تقع داخل الأجهزة الإدارية بالدولة.
التعامل الرسمي مع ملف "الإسلاموفوبيا"
ترى جمعية مكافحة الإسلاموفوبيا بفرنسا أنه لا يمكن غض الطرف عن الأجواء الحالية، وما تشهده من ارتفاع في وتيرة الأعمال المعادية للإسلام والمسلمين؛ حيث صرَّح "جواد بشار"، المدير التنفيذي للجمعية، بأنَّ "وتيرة التصريحات السياسية والإعلامية تتسبب في ازدياد هذه الأعمال"؛ فقد شهد عام 2019 عددًا لا بأس به من الخلافات الجدلية والأحداث المثيرة للقلق والعنصرية، مثل هجمات "كرايستشرش" في نيوزيلاندا في 15 مارس 2019، وقد تجدّد الجدل حول ارتداء الأمهات للحجاب عند اصطحاب أطفالهن أثناء الرِّحْلات المدرسية، والذي أعقبه تعرض إحداهن للهجوم علنًا من جانب أحد نوّاب حزب "التجمع الوطني"، عندما طُلب من أمٍّ مسلمة بصحبة ابنها خَلْعَ حجابها خلال زيارتها لمقرّ المجلس الإقليمي في إطار حملة مَدَنِيَّة بعنوان "أنا والجمهورية".
ذلك الأمر دفع نوّاب المعارضة إلى الإشارة بأصابع الاتهام إلى الحكومة الفرنسية؛ وذلك بسبب تقصيرها في التعامل مع ملف "الإسلاموفوبيا"، وتحفُّظها حول وصم المجتمع المسلم بفرنسا، ودَعَتِ المعارضة إلى انعقاد "الجمعية الوطنية الفرنسية" في حضور ممثلي الحكومة الفرنسية؛ لمناقشة الهجوم الذي وقع على مسجد "بايون"، يوم الإثنين 28 من أكتوبر 2019. 
ووصف السيد "جان – لوك ميلانشون"، زعيم حزب "فرنسا الأبِيّة" هذا الاعتداء بأنه "إنذار للمؤسسات الفرنسية"، واعتبر ما حدث نتيجة واضحة "للتصريحات البغيضة والاستفزازية التي تستخدم بشكل مستمر في وصم مسلمي فرنسا". 
وفي سبيل مواجهة هذه الظاهرة تدعو "جمعية مكافحة الإسلاموفوبيا بفرنسا"، الدولة الفرنسية ومؤسّساتها إلى ضرورة محاربة أشكال التمييز العنصري والعنف ضدّ المرأة، لاسيّما اللاتي يتعرّضن لمثل هذه الأفعال؛ بسبب انتمائهن إلى الدّين الإسلامي، وكذلك إقرار "الأعمال العدائية ضدّ الإسلام والمسلمين" كشكل خاص من أشكال العنصرية، وتحويلها إلى قضية قومية على غرار ما حدث مع بعض أشكال العنصرية الأخرى.
ويرى مرصد الأزهر أنه بات من الضروري على وسائل الإعلام تدشين قاعدة بحثية قوية من الباحثين الجامعيين والمِهنِيِّين وأعضاء منظمات المجتمع المدني، بدلًا من دعوة الخبراء الجدليين الذين يتحدّثون عن "ظاهرة الإسلاموفوبيا"، وكذلك ضرورة إجراء بحوث حول تأثير خطابات الكراهية على متابعيها، سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين، كما ينبغي وضع حدّ لوصم المجتمعات الإسلامية في خطاب الكراهية الإعلامي، لاسيّما النساء المرتديات للحجاب، ودمج هذا التنوع والتعدّدية في حملات التواصل الاجتماعي.


 وَحدة الرصد باللغة الفرنسية

طباعة