الجماعات الإرهابيّة ومحاولة استغلال كوفيد-19

  • | الإثنين, 27 يوليه, 2020
الجماعات الإرهابيّة ومحاولة استغلال كوفيد-19


           بعد أن اجتاح فيروس كورونا (كوفيد–19) العالم أجمع، بدأ الخبراء والمتخصّصون مناقشة تداعيات تلك الأزمة الصحيّة على كافة الأصعدة السياسيّة والاقتصاديّة، بل والاجتماعيّة والدينيّة أيضًا. لكنَّ ما نحن بصدده الآن هو تأثير تلك الجائحة العالميّة على الجماعات الإرهابيّة.
           في بداية "كوفيد-19" لم يكن أحد يتوقع انتشار الفيروس بهذا الشكل، ولكن بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالميّة قارة أوروبا بؤرة من بؤر الفيروس، نصح تنظيم "داعش" الإرهابيّ أتباعه بتجنب السفر إليها؛ خوفًا من تفشّي الفيروس بين صفوفه. وربما يكون التنظيم قد أعاد ترتيب أولوياته خلال هذه الأزمة لينظر من جديد إلى الاستراتيجيات التي يستخدمها في هجماته.
استغلال الأزمات
               والمتابع الجيد للجماعات الإرهابيّة يرى أنها تستغل الأزمات لبسط نفوذها وإحكام سيطرتها وجذب الانتباه لتحقيق مآربها، فهي تحاول استغلال أوضاع بعض الدول الإفريقيّة وتمارس العنف لإحداث تغييرات سياسيّة أو اجتماعيّة في بلادها، على غرار ما تفعله "بوكو حرام" في نيجيريا على سبيل المثال، الأمر الذي أكده تقرير نشره موقع "The Conversation" بعنوان «كيف يزيد فيروس كورونا من تهديدات الإرهاب في العالم الناميّ؟».
               كما لم تخلُ آسيا من فظاظة الجماعات الإرهابيّة في خضم تفشّي فيروس كورونا؛ فوفقًا لتقرير نشره موقع «Asia Times» بعنوان «كوفيد-19 يثير مشكلات في جنة المالديف»، شهدت المالديف هجومًا إرهابيًا عندما تعرض أربعة من السائحين الأجانب للطعن في ضواحي العاصمة «ماليه»، لتعلن بعدها عناصر متطرفة مسئوليتها عن الهجوم في وقت لاحق. إذن، يبدو جليًّا أنه مع تصاعد الأزمات والتدهور الاقتصاديّ الذي أسفر عن تفشي كوفيد-19، يخشى البعض من وقوع مزيد من هذه الهجمات.
حلم الخلافة
    ولكن هل يعني ذلك أن التنظيمات الإرهابيّة ستتوقف عند هذا الحد؟ ... بالطبع لا، إذ لا يزال تنظيم داعش الإرهابيّ – على سبيل المثال – يطمح إلى إعادة سيطرته على العراق وسوريا، في الظروف الراهنة لإعلان خلافته المزعومة التي دعا إليها منذ ظهوره، مستغلًا انشغال العالم بكوفيد-19 والسباق العلميّ للدول التي تعمل على إنتاج لقاح؛ ليهيئ ظروفًا تناسب إعادة ظهوره من جديد.

الأنشطة التوعويّة
               وهنا يأتي دور المنظمات الدوليّة في التوعية بخطورة هذه الأزمة، لتحيط الحكومات والمؤسسات المعنية بمكافحة الإرهاب في شتى أرجاء المعمورة بضرورة اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير التي تحول دون بروز جديد لأنشطة إرهابيّة يكلف القضاء عليها بعد ذلك الكثير من الأرواح.
               وفي هذا الإطار، يشيد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بتصريحات أنطونيو غوتيرش، الأمين العام للأمم المتحدة، التي أدلى بها خلال افتتاحه أسبوع مكافحة الإرهاب الافتراضيّ، الاثنين 6 يوليو، إذ تطرق إلى الحديث عن الجماعات الإرهابيّة واستغلالها لجائحة كوفيد-19، مشيرًا إلى محاولات تنظيم "داعش" الإرهابيّ إعادة إقامة خلافته المزعومة في العراق وسوريا، مشيرًا إلى أنه يجب ألا نسمح باستغلال الجماعات الإرهابيّة، على غرار داعش والقاعدة وحلفائهما، لـ"حالات التصدع والعوامل الهشّة" الناجمة عن الضغوطات النفسيّة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة التي سبّبتها جائحة كوفيد-19.
وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة: "من السابق لأوانه إجراء تقييم كامل لتداعيات كوفيد-19 على المشهد الإرهابيّ. ولكننا نعلم أن داعش والقاعدة وحلفائهما – فضلًا عن جماعات النازيّة الجدّد والمتعصبين البيض وغيرها من جماعات الكراهية – تسعى إلى استغلال الانقسامات والصراعات المحليّة والفشل والمظالم الحكوميّة لتحقيق مآربها".
وكان مرصد الأزهر قد أجرى العديد من الدراسات الاستقصائيّة وأعدَّ الكثير من التقارير وألَّف عددًا من الكُتُب التي حلَّلت خطابات الجماعات المتطرفة وكيفية تجنيدها للمقاتلين واستغلالها للأزمات لشنّ هجمات إرهابيّة، منها كتاب "ملامح الشخصية المتطرفة". ولا غرو، فقد توقع المرصد شنّ هجمات برشلونة عام 2017 قبل وقوعها، مستندًا إلى تقارير أعدها عن تفكيك خلايا إرهابيّة وزيادة عمليات اعتقال العناصر المتطرفة في إسبانيا، وهو الأمر الذي دفع التنظيمات الإرهابيّة وقتها للتخطيط لتنفيذ هجمات ضد إسبانيا.
ويجدّد المرصد دعوته إلى كافة المنظمات الدوليّة المعنية بمكافحة الإرهاب بضرورة التعاون واتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على هذه الجماعات وفضح أفكارها الهدَّامة التي تبثّها عبر الإنترنت، لا سيّما مواقع التواصل الاجتماعيّ.

وحدة رصد اللغة الإنجليزية
 

طباعة