المرأة في الخطاب الإعلامي والإفتائي لتنظيم داعش الإرهابي

  • | الثلاثاء, 23 مارس, 2021
المرأة في الخطاب الإعلامي والإفتائي لتنظيم داعش الإرهابي

      لا شكَّ أن أسباب انضمام الشباب والفتيات إلى تنظيم داعش الإرهابي، قد حاز على اهتمام العديد من الباحثين والمراكز البحثية حول العالم. وتم تناول هذا الموضوع بالعديد من الطرق. وخلصت هذه المراكز من خلال أبحاثها ودراساتها إلى العديد من النتائج التي تلخص أسباب انضمام الشباب والفتيات إلى هذا التنظيم. ولعل أهم سبب يجعل الشبابَ ينضمون إليه أو أكثر الأسباب اتفاقًا عليه، هو قوة آلته الإعلامية، والذي استطاع من خلالها أن يستقطب عددًا كبيرًا من الشباب والفتيات من أكثر من 100 دولة. 
وبالرغم من أن الانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي أو غيره من التنظيمات الإرهابية أمر خطير، ودليل قوي على عدم تمتع المستقطب ــ رجلًا أو أنثى ــ بالحدِّ الأدنى من مهارة التفكير النقدي، إلا أن منطق انضمام الرجال إلى تنظيم داعش الإرهابي قد يبدو أكثر وضوحًا من منطق انضمام النساء إليه؛ إذ يستطيع التنظيم من خلال خطابه الإعلامي أن ينسج خيوط الخداع للشباب، ويَجرَّهم إلى شباكه بدعايته الضالة والمضللة التي تصور لهم كذبًا أنهم لا ينضمون إلى تنظيم؛ بل ينضمون إلى دولة، وتدغدغ مشاعرهم بإدعاءات خلافةً مزعومةً، وتتحدث عن الجهاد وفقًا لمفاهيمهم المغلوطة، وتَعِدُ الشباب بالجنة، وتأمر بالهجرة وتُحدِّد وجهتها. 
واستمرارًا لدغدغة مشاعر الشباب كان التنظيمُ ينشر صورًا لصكوك الزكاة على مواقع التواصل، ويتحدث عن بيت المال، ويصك دنانير ذهبية محاولًا خداع الشباب، وأن يعيد إلى أذهانهم ذكريات ما قرأوه أو سمعوه عن عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام في ظاهره لا في جوهره، والتي اتضح بعد ذلك ومن خلال شهادات الذين انضموا إلى التنظيم وهربوا منه أن الحياة في "داعش" أبعد ما تكون عن حياة المسلمين، وأن دعايتهم على مواقع التواصل كذب لا يتوافق بأيِّ حال مع الحياة الواقعية. 
على الجهة الأخرى فإن الخطاب الإعلامي الداعشي للنساء خطاب مُبهم ومتغير من فترة إلى أخرى؛ وفقًا لحالة التنظيم الإرهابي قوةً وضعفًا كما سنوضح بعد ذلك؛ الأمر الذي يجعل منطق انضمام النساء إليه أقل وضوحًا من منطق انضمام الرجال. وسوف نتناول في هذا المقال كيف وظَّف هذا التنظيم الإرهابي خطابه في سبيل تحقيق أهدافه الخاصة بالمرأة، وذلك من خلال عدة عناصر نوضحها على النحو الآتي: 
أولًا: لماذا تنضم النساء إلى تنظيم داعش الإرهابي؟
من المعروف أن عملية الاستقطاب في حدِّ ذاتها سواء للرجال أو النساء عملية معقدة ومتشابكة، تتداخل فيها العديد من الأبعاد الاقتصادية والدينية والسيكولوجية... فالبُعد الديني يتمثل في أغلب الأحيان في عدم وعي الشاب أو الفتاة بالتعاليم الدينية؛ وذلك غالبًا ما يكون بسبب حداثة العهد بالدِّين أو بالتدين، والذي يُعدُّ من أهم ملامح الشخصية التي يسهُل استقطابها، خصوصًا من تنظيم مثل داعش، يجيد استخدام الإنترنت والمؤثرات الصوتية والمرئية، التي تسهل عليه استقطاب محدودي الثقافة الدينية. 
ومن هذه النماذج -على سبيل المثال لا الحصر وفقًا لتقرير نشره المرصد قبل ذلك- امرأة قرغيزية تُدعى "سوفتلانا". طلبت الطلاق من زوجها وهربت إلى سوريا، وانضمت إلى "داعش". وبحسب رواية الزوج فإن "سوفتلانا" كانت تفتقر إلى ثقافة دينية، تؤهلها إلى فهم تعاليم الدين فهمًا جيدًا، وأنها في حداثة عهدها بالالتزام كانت تدخل في محادثات على مواقع التواصل، مع أفراد من التنظيم الإرهابي، ونتيجة لذلك بدأت تتغير تغيرًا معتدلًا في البداية، ثم تطورت الأمور بعد ذلك، وبلغ بها التشدد درجةَ هجر زوجها، ومعاملة ابنها الصغير بطريقة عنيفة، ثم طلبت الطلاق، وسافرت إلى سوريا، وانضمت إلى التنظيم، وتزوجت من أحد عناصره.
ووفقًا لتصريحٍ أدلت به الباحثة "نيمي غوريناثان" أخصائية شؤون المرأة والعنف الجنسي، لموقع CNN في فبراير 2015، فإن البعد الديني في انضمام النساء إلى داعش يتمثل في البحث عن أمور عدة من بينها الأمن، وكذلك القلق على الهُويَّة الدينية، والرغبة في المشاركة في تأسيس دولة الخلافة المزعومة. 
وهذا الرأي قد ثبتت صحته؛ حيث يحاول التنظيم دغدغة مشاعر الشباب والفتيات، من خلال استغلال عدة قضايا دينية، من بينها الجهاد والخلافة، وقد ردَّ مرصد الأزهر على ادعاءات التنظيم في هذه القضايا، ونشر الردود باللغة العربية واللغات الأجنبية على بوابة الأزهر الإليكترونية.   
أما العامل السيكولوجي فيتمثل في اعتقاد بعض النساء، وخصوصًا في الغرب أن داعش يمثل مجتمعًا مثاليًّا تسوده الأخوة والمحبة والتلاحم والسلام النفسي، وغيرها من الدعاية الضالة التي يروجها التنظيم على صفحاته، حيث يَعِدُ التنظيم النساءَ بأنهنَّ سوف يَحْظَيْنَ بمكانة كبيرة، وسيصبِحْنَ جزءًا من مجتمع نسائي تَسُودُه رُوح التآخي. 
وقد انخدعت بعض النساء بهذه الدعاية، وانضممن للتنظيم، ولكن سرعان ما صُدمن بحقيقته. وقد رصد المرصد العديدَ من المقاطع المرئية التي تصف الحياة داخل التنظيم بالسعيدة والمستقرة، وتحوي عبارات مدعومة بمؤثرات صوتية من قبيل "والله إن دولتنا لا تحتاجكم بل أنتم من تحتاجونها"، "إن العزة والشرف والبركة الموجودين هنا لن تجدوهم في أي مكان آخر". وقد فنَّدت شهادات العائدين والعائدات هذه الدعاية الكاذبة.

ثانيًا: لماذا يستقطب تنظيم داعش النساء؟ 
أما دوافع التنظيم في تجنيد النساء فيمكن تلخيصها في "فكرة الدولة" المزعومة التي كان يريد تأسيسها. فالتنظيم يحتاج إلى النساء كحاجته إلى الرجال. يحتاج زوجات وأمهات ينجبن أطفالًا، يمثلون ضامنًا لبقاء فكره المتطرف. من أجل ذلك حرص التنظيم على استقطاب المرأة، ونسج الخطط والحيل لذلك، ودعا جهازه الإعلامي النساء من أجل المشاركة في تأسيس الدولة المزعومة، والوقوف إلى جانب الرجل في القتال، الأمر الذي دفع بعض المراكز البحثية المتخصصة في دراسة التنظيمات المتطرفة إلى استخدام مصطلح "تأنيث القتال". 
ومن أهم أسباب حرص تنظيم داعش الإرهابي على استقطاب النساء هو استخدامه لهنَّ في بعض الوظائف مثل التمريض، والتدريس، وأعمال الطهي، والشرطة النسائية التي تراقب النساء، ومدى انتمائهن للتنظيم، وتسهم في تجنيد نساء أخريات من خلال وسائل التواصل، والربط بين العضوات الجديدات والقيادات، إضافةً إلى إقناع النساء المحليات بالانضمام والزواج من عناصر التنظيم. 
وتبرز في هذا السياق سيدة تدعى "أم حسين" وهي بريطانية، اسمها الحقيقي "سالي جونز". ذهبت إلى سوريا عام 2013، وتضاربت الأقوال حول وفاتها. ولعبت هذه السيدة دورًا كبيرًا في تجنيد الكثير من النساء. 
كما استخدم التنظيمُ النساءَ في القيام بعملياتٍ إرهابية. وقد برز هذا الأمر في عام 2017، أيْ بعد هزيمة التنظيم في معاقله الرئيسة. ففي أكتوبر 2017 فنّد المرصد مقالًا نشره التنظيم على أحد أبواقه الإعلامية يطلب فيه من النساء المشاركة في القتال بجانب الرجال، في موقف تعارض مع مقال آخر للتنظيم، نشره في مايو من العام سالف الذكر، أكَّد فيه دعوته للرجال والشباب إلى المشاركة في القتال، واستثنى النساء معللًا ذلك بأن الله خص الرجالَ دون النساء بالقتال.  
ثالثًا: ما هي آليات التنظيم ووسائله في استقطاب النساء؟ 
    في عام 2014 شكَّل تنظيم داعش الإرهابي كتيبة نسائية أطلق عليها اسم "كتيبة الخنساء"، كان من أحد مهامها استقطاب نساء جدد للتنظيم. وفي عام 2017 أصدر التنظيم مجلة نسائية، كان هدفها خداع المرأة، وتصوير التنظيم في صورة مثالية؛ حتى يسهل استقطاب عدد كبير من النساء. 
ومن خلال شهادات العائدات من داعش فإن وسائل التواصل الاجتماعي تُعدُّ أهم وسيلة يستقطب التنظيم المرأة من خلالها. وفي عام 2017 قام "معهد الشرق الأوسط للبحوث الإعلامية" (Middle East Media Research Institute) ــــ مؤسسة فكرية مقرها العاصمة الأمريكية واشنطن ـــ بإعداد تقرير عن استغلال مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي لمواقع الزواج على شبكة الإنترنت، من أجل التعرف على فتيات والزواج منهن. 
وجاء في التقرير أن هؤلاء المقاتلين يبحثون عن زوجات لهم على مواقع الزواج التي تبث خدمتها باللغة الإنجليزية، وإنهم يخدعون الفتيات ولا يظهرون لهنَّ حقيقتهم. 
رابعًا: ملامح الخطاب الإعلامي والإفتائي الذي يقدمه تنظيم داعش الإرهابي للمرأة
 ذكر تقرير لمرصد الأزهر قامت به وحدة رصد اللغة العربية أن تنظيم داعش الإرهابي يُقدِّم للنساء خطابًا إعلاميًا يتناسب مع السمات الشخصية لكل امرأة يريد استقطابها، فالمرأة المُحبة للقيادة تستقطبها خلايا التنظيم عن طريق المدح والإطراء والثناء على آرائها، ومحاولة إقناعها بأن شخصيتها تصلح لقيادة شخصيات ضعيفات في دولته المزعومة. من جهة أخرى يحفز التنظيم المرأة ذات الشخصية المتمردة على الانضمام إليه واصفًا هذا بالمغامرة البعيدة عن عادات مجتمعها وتقاليده. 
أما المرأة ذات الشخصية المسالمة فتلعب خلايا التنظيم على مخاطبة عاطفتها، وتظهر لها اهتمامًا بالقضايا التي تهتم بها، وتصل معها إلى أدق تفاصيل حياتها حتى تكسب ثقتها تمامًا، وهنا يسهل استقطابها. هذا بالنسبة للخطاب الاستقطابي الذي يوجهه التنظيم للنساء اللائي لم ينضممن إليه. 
أما خطاب التنظيم لأعضائه من النساء فهو خطاب استعلائي، من يتأمله يجده مُفعمًا بالتعليمات والأوامر والتهديد والتخويف. ففي مقال بعنوان "لا تكوني من مثبطي الهمم" نشره التنظيم باللغة التركية في أكتوبر 2017 اتهم الكاتبُ نساء التنظيم بإثارة الشائعات التي تنذر بإشعال فتنة داخل البيوت، وترهب المقاتلين وتعطلهم عن القتال، وأمرهم بمساندة الرجال من خلال إمساك ألسنتهن عن نقل الأخبار الكاذبة التي يبثها المنافقون وضعاف الإيمان، على حدِّ وصف كاتب المقال. 
والمتأمل في تاريخ نشر هذا المقال يجد أنه كان في أصعب أوقات مرت على التنظيم، حيث كان يتعرض للهزائم واحدة تلو الأخرى، وكان يفقد الأراضي قطعة تلو الأخرى، والقادة واحدًا تلو الآخر. 
ففي يوليو 2017 أعلنت الحكومة العراقية تحرير الموصل من التنظيم، عقبها في أغسطس تحرير "تلعفر". وفي 20 أكتوبر من العام ذاته أعلنت قوات التحالف تحرير "الرقة". وهذا يدل على أن حديث نساء داعش عن الهزائم المتتالية في تلك الفترة لم يكن شائعات، لكن التنظيم أراد أن يبحث عن سببٍ لانخفاض الروح المعنوية لدى مقاتليه فلم يجده سوى في المرأة، فاتهمها بإثارة الشائعات التي يستفيد منها العدو، على حدِّ تعبير كاتب المقال. 
وقبل سقوط "الموصل" و"الرقة" بفترة بسيطة، وفي فترة تكثيف الضربات الجوية على التنظيم شاع الخوف بين نساء داعش، ورصد التنظيم رغبة الكثيرات في العودة إلى بلادهن. وبناءً عليه نشر التنظيم في العدد 62 من صحيفة النبأ الأسبوعية مقالًا بعنوان: "الولاء والبراء يا معشر النساء". كان الخطاب فيه استعلائيًّا أيضًا. أراد التنظيم من هذا المقال السيطرة والتحكم على كل شيء في المرأة حتى مشاعر الحب والكره. 
إذ حذَّر كاتب المقال نساء التنظيم من مجرد إظهار المحبة تجاه أقاربهن اللائي لم ينضممن إلى داعش، وحثهن على عدم التواصل معهن على مواقع التواصل واصفًا ذلك بمساعدة "الكافرين"، وطلب منهن مسح أرقام الأهل والأصدقاء من الهواتف. 
ولا شك أن الهدف من هذا المقال كان حث النساء على عدم العودة إلى بلادهن، وقطع صلاتهن بأقاربهن في تلك الفترة التي ينهار فيها التنظيم، على النقيض من خطابه في فترة القوة (2014، 2015) والذي كان يحث النساء فيه على التواصل مع المعارف والأصدقاء واستقطابهم للتنظيم.  
أما خطاب التنظيم الإفتائي الخاص بخروج المرأة للقتال، فيختلف أيضًا وفقًا لحالة التنظيم قوة وضعفًا. فمن المشهود له أن تنظيم داعش الإرهابي يدور في حلقةٍ دائمة الدوران تبدأ بـ "مرحلة التكوين" ثم "مرحلة التمهيد للظهور" ثم "مرحلة القوة" التي يطلق عليه التنظيم "مرحلة التمكين"، ثم "مرحلة الضعف" وأخيرًا "مرحلة الانهيار" التي يعقبها الانزواء لفترة من الوقت، ثم العودة مرة أخرى من حيث البداية الأولى. 
ففي الفترة بين عامَي 2009 و2012، تعرض التنظيم لهزيمة ثقيلة أضعفته، وقُتل عدد من قادته التاريخين، فانكفأ على نفسه فترة، وتولى قيادته "أبو بكر البغدادي" الذي أعاد هيكلة "داعش" على قواعد مؤسسية أشبه بمؤسسات الدول. وفي غضون فترة بسيطة استطاع التنظيم لملمة قواته، ومهَّد لظهوره عن طريق تقديم نفسه مدافعًا عن السنة في العراق، مستفيدًا من الأوضاع السياسية التي كانت موجودة في البلاد آنذاك. وعاد التنظيم أشد قوة في أبريل 2013 باسمه الحالي، وأعلن "البغدادي" خلافته المزعومة. ولذلك يُمكن اعتبار الفترة ما بين عامي 2009، 2012 مرحلتي التكوين والظهور. 
أما مرحلة التمكين فتعتبر عامي 2014، 2015، التي بلغ التنظيم فيها أوج قوته، واستولى على مساحاتٍ شاسعة من الأراضي، وقامت عدة مجموعات إرهابية بمبايعة "البغدادي". 
وفي عام 2016 بدأت مرحلة الانهيار بتحرير مدينة "الفلوجة"، وحينها تحدث المتحدث الإعلامي للتنظيم عن ضرورة العودة والبداية من جديد من حيث بدأوا قديمًا، وكأنَّه يشير إلى دورة ثابتة يمر بها التنظيم كل 4 سنوات، يبدأ بالتكوين ثم التمهيد ثم التمكين، وعندما ينهزمون يعودون من مرحلة التمكين إلى مرحلة التكوين مرة أخرى. 
والخطاب الإفتائي الخاص بكل مرحلة مختلف عن المرحلة الأخرى، ففي مرحلة القوة أفتى التنظيم بعدم جواز خروج المرأة لسوق العمل باعتبارها مدعاة للفتنة، مؤكدًا أن واجبهن الأول هو شحذ همم الرجال للقتال والثبات في ساحة المعركة. وفي هذه المرحلة أيضًا كان هناك تركيز في الخطاب الإفتائي للتنظيم على الأسيرات، وإلصاق صفة "الإماء" بهن، والتركيز على التعامل الجنسي معهن، ووضع قواعد لذلك. 
ووفقًا لموقع CNN  النسخة التركية؛ فإنه في عام 2014 قد نشر تنظيم داعش الإرهابي فتوى تحل لأفراده الاعتداء الجنسي على الأسيرات، ووضع 27 بندًا تتضمن عقاب الأسيرة إن رفضت ذلك. 
وفي عام 2015 عُثرَ على فتوى مكتوبة في منزل شخص يُدعى "أبو سياف" ــ قيادي داعش قُتل في سوريا عام 2015 ــ تتحدث عن معاشرة الأسيرات وقواعده، واستخدامهن كهدايا يمكن للشخص أن يعطيها لشخص آخر واضعًا 8 بنود لذلك، محاولًا إضفاء الشرعية على هذه الأفعال المشينة. 
أما في مراحل الضعف والانهيار فيستخدم التنظيم خطابًا إفتائيًا يأمر النساء فيه بالمشاركة في القتال. ففي 5 أكتوبر 2017م وتحت عنوان: "واجب النساء في جهاد الأعداء"  نشر التنظيم مقالًا، دعا النساء فيه صراحة إلى حمل السلاح والقتال بجانب الرجال، في موقف يتعارض مع الوثيقة التأسيسية لكتيبة الخنساء الداعشية، التي أكَّدت على أن أصل كل مشاكل المرأة كامن في خروجها من البيت، وأن واجبهن الأصلي هو تربية أشبال وبنات الخلافة. 
كما يتعارض أيضًا مع مقال آخر للتنظيم بعنوان: "لبوا النداء" دعا فيه الرجال والشباب إلى الانضمام لصفوفه، فيما رفض النساء، وقال لهن: "إنّ الله خصّ الرجال دون النساء بالقتال". وفي 7 فبراير 2017 نشر التنظيم مقطعًا مرئيًّا بعنوان: "من قلب الخلافة"، تظهر فيه امرأة تحارب بجانب الرجل. وقد قامت صفحات التنظيم المختلفة وقنواته بنشر هذا المقطع. 
خامسًا: نتائج وتوصيات
-    بعد هذا التطواف مع المرأة داخل تنظيم داعش الإرهابي نرى أن التنظيم يقدم للمرأة خطابًا إعلاميًا وإفتائيًا مضطربًا، وهو أمر معروف في كل خطابات التنظيم التي يذكر معظم الباحثين أنه لا يمتلك منظرين يستطيعون تقديم خطاب منضبط. 
-    يوصف خطاب تنظيم داعش الإرهابي تجاه المرأة بالاستعلائي، ويحملها فيه أسباب الهزائم، ونشر الشائعات، وخفض الروح المعنوية للمقاتلين. 
-    تفكيك الخطاب الإعلامي لأيِّ تنظيم إرهابي أمر مهم ينبغي أن ينال حقه من البحث حتى نستطيع أن نعري هذه التنظيمات ونظهر ضلال دعايتها. 
-    رفع الوعي الديني لدى الشباب والفتيات، وإقناعهم بأن الثقافة الدينية يجب أن تستند إلى سعة أفقٍ، ونظرة متعمقة، أمور مهمة تحفظ الشباب والفتيات من مخاطر الاستقطاب. 
-    ينبغي العمل على تنمية مهارة التفكير النقدي لدى الشباب والفتيات، وتعريفهم قيمة العقل وأهميته، وتحذيرهم من أن يقبلوا شيئًا أو يرفضوه دون إعمال العقل وإمعان النظر، فالعقل هو جوهر الإنسان. 
-    ينبغي الاهتمام بشيء من الرقابة المتوازنة من الأسر والمدارس، تلك الرقابة التي تراقب السلوكيات، ولا تعتدي على حرية الأبناء والبنات؛ لأن الاعتداء على الحريات قد يأتي بنتائج عكسية. 
-    ينبغي بصفة عامة عدم ترك وسائل التواصل الاجتماعي ساحةً فارغة لجماعات العنف والتطرف، بل يجب مزاحمتهم عليها من قبل العلماء، ورجال الدِّين، والمثقفين، والشعراء، والفنانين، والرياضيين، وكل من له جمهور ومتابعون؛ لنشكل في النهاية رواية مضادة تشتبك مع الخطاب المتطرف وتفنده.

وحدة الرصد باللغة التركية
 

طباعة