أفغانستان على صفيح ساخن بعد فشل اتفاقية السلام في الحد من العنف

  • | الأربعاء, 28 أبريل, 2021
أفغانستان على صفيح ساخن بعد فشل اتفاقية السلام في الحد من العنف


     أعلن الرئيس الأمريكي (جو بايدن) التزام إدارته بخطة سحب كامل القوات الأمريكية، من أفغانستان بنهاية سبتمبر 2021، بموجب اتفاقية السلام بين إدارة الرئيس الأمريكي السابق (دونالد ترامب) وحركة طالبان، فبراير الماضي. 
وتنص الاتفاقية أولًا على وقف جميع أعمال العنف، وتفويض "طالبان" بمكافحة التنظيمات الإرهابية في أفغانستان، بالتوازي مع انطلاق مارثون مفاوضات السلام الأفغانية-الأفغانية بعد الإفراج عن سجناء "طالبان" في السجون الأفغانية كبادرةٍ على حسن النِّية.
كانت الآمال معقودة على نجاح الاتفاقية في الحدِّ من انتشار العنف في أفغانستان، والتزام حركة طالبان بتعهداتها، لكن المتتبع للأحداث اليومية على الساحة الأفغانية، يلحظ زيادة مطردة في أعمال العنف خلال الفترة التي تلت التوقيع على الاتفاق، على نحو دفع الرئيس الأمريكي (جو بايدن) لإعلان إعادة النظر في الاتفاقية، قبل أن تهاجم "طالبان" القرار الأمريكي، وتتوعد بالمزيد من العمليات ضد القوات الأمريكية. 
وعلى الفور بدأت الحركة في استهداف بعض مقرات القوات الدولية على الأراضي الأفغانية، أبرزها قصف قاعدة عسكرية مشتركة للقوات الأفغانية والأجنبية بولاية (خوست). كما أعلنت عزمها مقاطعة قمة إسطنبول المرتقبة لمناقشة مستقبل أفغانستان، إلى حين انسحاب جميع القوات الأجنبية. وبالفعل رضخ الرئيس الأمريكي وأعلن بداية انسحاب القوات الأمريكية مطلع مايو المقبل 2021، رغم فشل "طالبان" في الوفاء بالتزاماتها وسط مخاوف من سيطرة الحركة على أفغانستان.
وقد نفّذت "طالبان" خلال فبراير الماضي (17) تفجيرًا إرهابيًّا، وشنَّت (23) هجومًا مسلحًا على المدنيين وقوات الأمن في (32) ولاية من ولايات أفغانستان، بزيادة بلغت (15%) عن شهر يناير ما أسفر عن مقتل (188) شخصًا من المدنيين والعسكريين وإصابة (152) آخرين، بزيادة عن الشهر الماضي بلغت (21%). فيما ازدادت وتيرة التفجيرات الإرهابية خلال مارس الماضي بينما سجل (34) هجومًا مسلحًا على المدنيين وقوات الأمن بزيادة بلغت (18%) عن شهر فبراير، وفق متابعات مرصد الأزهر. 
في السياق ذاته، كشف تقرير مكتب الأمم المتحدة في أفغانستان، عن ارتفاع نسبة الخسائر البشرية إلى (1783) ضحية من المدنيين خلال الربع الأول من العام الجاري بنحو (29%) مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020. وشدَّد التقرير على مسؤولية حركة "طالبان" عن نسبة (43.5%) من الضحايا. ووفق بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان، لم تتراجع معدلات العنف في أفغانستان منذ انطلاق مارثون محادثات السلام الأفغانية-الأفغانية. وأعربت البعثة عن قلقها إزاء زيادة أعداد القتلى والجرحى في صفوف النساء، حيث ارتفعت وفيات النساء بنسبة (37%) ووفيات الأطفال بنسبة (23%) مقارنة بالربع الأول من العام الماضي. 
وينذر استمرار الوضع الراهن بكارثة إنسانية، ويجعل أفغانستان واحدة من أكثر الدول دموية بالنسبة للمدنيين؛ خاصة على الصعيد الأمني مع لجوء "طالبان" إلى تفعيل أجهزة موازية في ظل ضعف الإمكانيات الحكومية، تشرف على تعذيب وجلد المدنيين، وإرهاب المواطنين بدعوى الالتزام بتطبيق عقوبات الشريعة! 
في حين أن العقوبة الحدية في الشريعة الإسلامية ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي وسيلة للحماية المالية والإنسانية. كذلك فقد اشترط الإسلام في تطبيق الحدود ضوابط وآليات مُحكمة. وكما هو معلوم أيضا فتسقط العقوبة في الإسلام بالشبهة. هذا إلى جانب أن المنوط بتنفيذ القانون ليس الأفراد وإنما الدولة من خلال التشريعات القائمة، وبالتالي فإن ما تقوم به طالبان هو خروج صريح عن كافة مقتضيات ما تزعم أنه تطبيق لعقوبات الشريعة.
ومع توقعات بانحسار نفوذ الحكومة الأفغانية تدريجيًا، ستبدأ "طالبان" بإدارة المنطقة الجنوبية. ومما لا شك فيه فسوف تستغل عناصر (داعش) و (القاعدة) وجهات إقليمية ودولية حالة الفوضى، وقد تشهد أفغانستان حربًا أهلية في المستقبل القريب. 
كما توقَّع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أفغانستان، ارتفاع معدلات الفقر في البلاد بنسبة (70٪) وقد يصل عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية إلى 18 مليونًا بحلول نهاية العام الجاري، وسط توقعات بارتفاع معدلات النمو السلبي، مع انخفاض الدخل القومي نتيجة استمرار أعمال العنف. وأكَّد التقرير أن أفغانستان تحتاج في حالة استعادة السلام إلى أربع سنوات على الأقل، حتى تتعافى اقتصاديًا. وبدا التقرير متشائمًا حيال استقرار السلام في البلاد، وإمكانية عودة الاضطرابات بغضون خمس سنوات، لا سيّما بعد أنباء عن انعدام التنسيق وانقسام الحركة إزاء اتفاق المصالحة.
هذا ويدعو مرصد الأزهر المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه الأزمة الحالية في أفغانستان والسعي بشكل جدي لإيجاد حلول فعالة لوضع حد لتردي الأوضاع الأمنية في البلاد؛ حفاظًا على أرواح المدنيين الأبرياء ولوضع حد لإرهاب حركة "طالبان" التي ضربت بالقيم الإنسانية والتعاليم الدينية عرض الحائط.

وحدة الرصد باللغة الفارسية

طباعة