التمييز العنصري آفة تهدد أمن واستقرار المجتمعات

  • | الأربعاء, 26 مايو, 2021
التمييز العنصري آفة تهدد أمن واستقرار المجتمعات

     أضحت ظاهرة التمييز العنصري آفة خبيثة تهدد أمن المجتمعات واستقرارها، وتعبث بمقدَّرَات الشعوب وحياتهم؛ بل وتعصف بالإنسانية جمعاء، وازدادت هذ الظاهرة ضراوة متأثرة بالظروف العصيبة التي تمر بها المجتمعات بسبب جائحة كورونا.
ففي أواخر شهر إبريل ٢٠٢١، أُدين ضابط الشرطة الأمريكي السابق "ديريك شوفين" بقتل المواطن "جورج فلويد"، وأعربت الشرطة آنذاك عن قلقها واهتمامها بملاحقة الجاني. وفي اليوم الذي أدين فيه ذاك الضابط، لقيت فتاة أخرى ذات بشرة سوداء في الخامسة عشر من عمرها مصرعها على يد أحد أفراد قوات الشرطة بولاية "أوهايو". 
وتوضح الأرقام مدى الظلم الشديد الذي يتعرض له الأمريكيون من ذوي البشرة السمراء، إذ لقي ما لا يقل عن 181 أمريكيًّا من ذوي الأصول الإفريقية مصرعهم على يد قوات الشرطة في أعقاب مقتل المواطن "جورج فلويد". وقد ارتفعت نسبة من لقوا حتفهم من ذوي البشرة السمراء على يد قوات الشرطة عام 2020 إلى 28%، مقارنة بالسنوات الماضية، حيث كانت النسبة لا تتعدى 13%. 
وليس هذا فحسب، بل إن سوء توزيع فرص الإسكان والتعليم وغيرهما من الجوانب المجتمعية ينمّ عن العنصرية الممنهجة، الأمر الذي يؤثر سلبًا على صحة المواطنين من ذوي البشرة السمراء؛ بسبب تواجدهم في مناطق سكنية غير مناسبة. هذا ويشكل ذوو البشرة السمراء أكثر من 40% من تعداد المشردين المتزايدين باستمرار في الولايات المتحدة. 
وفي هذا الصدد، تقول السيدة "روشيل والنسكي"، مديرة مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها: "إن العنصرية خطر يهدد الصحة العامة، ويؤثر سلبًا بشكل عام على البنية الصحية لملايين الأمريكيين على الصعيدين النفسي والعضوي". وقد كشف ذلك مدى تأثير جائحة كوفيد-19 على المجتمعات بناءً على اللون، إضافة إلى الحواجز المجتمعية؛ كأماكن الإقامة والعمل والتنزهات. وأشارت "والنسكي" إلى ما يسمى بـ"العِرق" والتمييز العنصري القائم عليه، موضحة أن البشر لا يختلفون جينيًّا بشكل كبير، وأن "العِرق" هو "محض تفسير لنظرتنا الاجتماعية للآخر".
وقد أظهر التأثير البالغ للوباء في المجتمعات الملونة الظروفَ الصحية المتباينة بين الأعراق في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تزيد معدلات العمر المتوقعة للأمريكيين ذوي البشرة البيضاء عن أقرانهم من ذوي البشرة السوداء على مر العصور. فقد كشفت الدراسة الصادرة عن الأكاديمية الوطنية للعلوم أن متوسط العمر المتوقع للأمريكيين ذوي البشرة البيضاء - حتى في ظل الجائحة- يفوق متوسط العمر المتوقع للأمريكيين من ذوي البشرة السوداء فيما دون الجائحة. وأوضح تقرير صادر عن "واشنطن بوست" أن 37% من الأمريكيين ذوي البشرة السمراء عرضة للوفاة جرّاء الإصابة بفيروس كوفيد 19 أكثر من ذوي البشرة البيضاء.
وقد أكدت أخصائية الأوبئة بجامعة "إيموري"، "كامارا فيليس جونز" أن المجتمع يعاني من تفرقة في الرعاية الصحية بناءً على العِرق منذ عقود، وهو الأمر الذي بات جليًّا في ظل الجائحة. وأضافت مسؤولة الصحة العامة بجامعة "جورجتاون"، "رانيت ميشوري" أن استمرار هذا النهج العنصري عبر الأجيال يتسبب في تغيرات فسيولوجية، كما أن التوتر المتزايد يسهم أيضًا في الإصابة بالسمنة، وارتفاع ضغط الدم والسكري.
وهنا، يدق مرصد الأزهر لمكافحة التطرف ناقوس الخطر بعد تصاعد مؤشرات التمييز العنصري الممارس في عدد من الدول؛ مما يستدعي تفعيل قوانين من شأنها التصدي للتمييز العنصري، مجددًا تأكيده على أهمية تطبيق وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها أكبر رمزين دينيين في العالم، والتي ترسّخ مبدأ التعايش السلمي، وإعلاء مفهوم المواطنة الذي يقوم على المساواة؛ حفاظًا على أمن المجتمعات واستقرارها، داعيًا إلى تضافر الجهود المبذولة ومواصلتها للحد من النشاطات الداعمة للتمييز العنصري بشتى صوره سواء أكان بسبب الدين أم اللون أم العرق. 

وحدة الرصد باللغة الإنجليزية 
 

طباعة