مسلمو الروهينجا بين إيواء بنجلاديش وتهجير الهند

"متابعة لآخر مستجدات الأزمة"

  • | الإثنين, 31 مايو, 2021
مسلمو الروهينجا بين إيواء بنجلاديش وتهجير الهند

 

     في الوقت الذي يعاني فيه العالم بأسره من جائحة "كورونا"، وتبعاتها الاقتصادية على الدول، يوجد ما يقرب من مليون مسلم يعيشون ويلات من نوع آخر، بالإضافة إلى أزمة جائحة "كورونا". إنهم مسلمو الروهينجا الذين يعيشون في الفقر والعزلة عن العالم الخارجي في ظل حملة القمع الممنهجة وأعمال العنف الشرسة المتواصلة ضدهم. ومنذ بداية الأزمة كانت هناك بعض المواقف الدولية العالمية التي لم تتجاوز الإدانة في بعض الأحيان، ومن أبرز هذه المواقف اعتبار الأمم المتحدة ما حدث بحق الروهينجا انتهاكات جسيمة ترقى لمرتبة الإبادة الجماعية. ولكن هل ما يحتاجه مسلمو الروهينجا المستضعفون مجرد إدانات لا تحرك ساكنًا؟!

وفي هذا المقام لا يمكن أن نغفل دور الأزهر الشريف في الوقوف بجانب مسلمي الروهينجا؛ حيث قام الأزهر بإرسال قافلة إنسانية لمساعدتهم في معسكرات اللجوء في "بنجلاديش"، كما طالب في عدد من المحافل الدولية والمؤتمرات الخارجية بضرورة مساعدتهم وحماية حقوقهم الإنسانية التي تكفلها كافة القوانين والدساتير الدولية.

دور حكومة "بنجلاديش":

لا يخفى على المهتمين بقضية مسلمي الروهينجا الدور الذي تقوم به دولة "بنجلاديش" في احتواء أزمة الروهينجا؛ حيث أشار موقع "مودرن دبلوماسي" - في تقرير له - إلى إحدى أزمات قضية مسلمي الروهينجا؛ تتلخص في السؤال التالي: إلى متى ستظل دولة "بنجلادیش" بمفردها تتحمل هذه المسؤولیة الكبيرة؟

وقد ألقى التقرير الضوء على دور "بنجلاديش" في احتواء الأزمة منذ دخول ما لا يقل عن (860000) من الروهينجا إلى أراضيها؛ هربًا من أعمال القتل الجماعي، والحرق العمد، والاغتصاب التي وقعت في "راخين" عام 2017. وأدى التدفق الأخير للروهينجا إلى زيادة عدد اللاجئين الذين ليس لديهم وثائق رسمية في "بنجلاديش" إلى أكثر من (1.1) مليون لاجئ.

ونظرًا للتداعيات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والأمنية، شرعت حكومة "بنجلاديش" في نقل بعض مواطني الروهينجا إلى جزيرة " باسان تشار"؛ حيث وصل عدد الذين نُقلوا إلى هذه الجزيرة إلى ما يقرب من (18,334) لاجئًا. يأتي هذا في الوقت الذي تضاربت فيه الأخبار حول مدى ارتياح اللاجئين في الجزيرة مقارنة بمعسكر "كوكس بازار"، حيث أعرب البعض عن ارتياحهم بينما أبدى البعض الآخر غضبًا شديدًا نظرًا لضيق الإمكانيات، وغياب أساسيات الحياة وفرص العمل، وفقًا لما نقلته شبكة بي بي سي.

وتقول حكومة بنجلاديش: إنها استثمرت أكثر من (٣١٠) مليون دولار من أموالها لتطوير هذه الجزيرة التي تبلغ مساحتهما (١٣٠٠٠) فدان، وتضم جميع وسائل الراحة، والمرافق العامة، وكافة أشكال الحياة الإنسانية. ورغم ما تبذله حكومة "بنجلاديش" في احتواء أزمة الروهينجا، فإن بعض المنظمات غير الحكومية والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان لا تزال تشكك في المبادرة التي قامت بها حكومة "بنجلاديش" من أجل احتواء هذه الأزمة.

كما أبدى مندوبون من الاتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة ارتياحهم الشديد للوضع الحالي للاجئي الروهينجا بعد زيارتهم لتلك الجزيرة، واطّلاعهم على حالة المرافق العامة، والظروف المعيشية لهؤلاء اللاجئين. من جانبه قال "جون كيري" المبعوث الخاص للولايات المتحدة المعني بتغير المناخ أثناء زيارته الأخيرة إلى بنجلاديش "إن المجتمع العالمي يجب أن يبذل المزيد من الجهود الرامية إلى حل أزمة الروهينجا؛ لأنها ليست مسؤولية بنجلاديش وحدها".

وتستمر "بنجلاديش" في إثارة قضية الروهينجا في مختلف المحافل الدولية؛ بسبب تداعياتها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والأمنية بعيدة المدى، ليس على "بنجلاديش" فحسب، بل أيضًا على منطقة جنوب آسيا. فعلى سبيل المثال، أثارت "بنجلاديش" قضية الروهينجا في المؤتمر العاشر لمجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية الذي عقد في "دكا"، وطلبت الدعم الدولي تجاه هذه الأزمة.

حكومة الهند وموقفها من اللاجئين:

وفي تطور جديد لأزمة الروهينجا في الهند، حكمت المحكمة العليا الهندية مؤخرًا بترحيل حوالي (170) لاجئًا من الروهينجا كانوا محتجزين في سجن "جامو"، وفقًا لما نشره موقع "مودرن دبلوماسي" في ١٩مايو ٢٠٢١. كما أعرب عدد من السياسيين والنقاد عن قلقهم بسبب هذا القرار؛ لأنه يتعارض بشكلٍ كبير مع قانون اللاجئين الذي ينص على حماية اللاجئين وعدم إعادتهم قسرًا إلى الأماكن التي تهدد حياتهم أو حرياتهم.

ويعد هذا القرار بمثابة ضربة موجعة لمنظمة حقوق الانسان، ومن ثَمَّ كان من الضروري تقييم قرار المحكمة العليا الحالي في إطار القانون، ومراجعة دولة الهند في قرارها، والوقوف على المبررات التي جعلتها تتخذ هذا الموقف ضد مسلمي الروهينجا، حيث إننا لو رجعنا إلى الوراء قليلًا وقرأنا التاريخ؛ لوجدنا أن حكومة الهند دائمًا ما كانت تعامل اللاجئين معاملة آدمية. لذلك من الإنصاف أن نقول إن سجل الهند في إيواء اللاجئين كان استثنائيًّا، وكان متسقًا مع المبادئ المنصوص عليها في دستورها ومن تلك المبادئ منح الحق في "الحياة والحرية" لكل من يحتمي بأراضيها. ومع ذلك اتخذت الهند من الروهينجا موقفًا مختلفًا. ففي الوقت الذي تفتخر فيه الهند بكونها نصيرة حقوق الإنسان - وهي محقة في ذلك - كان ردها صامتًا إلى حد كبير خلال الحملة العسكرية التي قام بها جيش ميانمار في "راخين" عام 2017، وموقفها الحالي لترحيل الروهينجا يتوافق مع ردها الصامت في البداية.

من جانبه يؤكد مرصد الأزهر الشريف على أن الأزهر لم يكن أبدًا بمعزل عن هذه الأزمة.  فمن بين الأنشطة التي قام بها الأزهر في يناير 2017 عقد فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب مؤتمرًا للسلام بين أبناء ميانمار، كما قاد الأزهر تحركات عالمية لإنهاء المأساة؛ حيث تواصل مع الدول المعنية بهذه القضية، مثل "إندونيسيا"، و"ماليزيا"، و"بنجلاديش". بالإضافة إلى إطلاق قافلة إغاثية كبيرة برعاية الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين إلى مخيمات اللاجئين الروهينجا فى "بنجلاديش".

وحدة الرصد باللغة الإنجليزية

طباعة