"الروهينجا" .. أزمة إنسانية كشفت سلبيات منصات التواصل الاجتماعي !!

  • | الخميس, 23 ديسمبر, 2021
"الروهينجا" .. أزمة إنسانية كشفت سلبيات منصات التواصل الاجتماعي !!

     لا شك أن مواقع التواصل الاجتماعي شأنها شأن كل جديد ومعاصر في عالمنا اليوم، وهي تعد سلاحًا ذا حدين، فكما أنها قد تكون وسيلة نافعة لنشر كل ما هو إيجابي ونافع ومؤثر، فمن الممكن أيضًا أن يُساء استخدامها من قِبل الكثيرين؛ وذلك بالترويج للأفكار المتطرفة الهدامة، والتحريض على العنف والكراهية، وكل ما هو سلبي ومرفوض.
وعلى ما يبدو للعِيان أن المسلمين هم الأكثر تضررًا من فشل موقع (فيسبوك) في التصدي لخطاب الكراهية، وينطبق ذلك على الكثير من القضايا والمواقف التي يقف فيها الفيسبوك عاجزًا عن مكافحة العنصرية والتطرف، ولا ندري هل يأتي ذلك عن عجز حقيقي من جانبه في هذا الصدد، أم أن هذا نتيجة حرص الموقع على تحقيق الأرباح ولو على حساب الصالح العام وتحقيق الأمن والاستقرار العالمي. ولنأخذ مثلا جليًّا  لهذا الأمر يتعلق بقضية مسلمي الروهينجا الذين عانوا أيَّما معاناة؛ بسبب تلك الخطابات البغيضة التي حرضت على ارتكاب أعمال عنف ضدهم.
وفي هذا السياق أوردت صحيفة الواشنطن تايمز في 3 ديسمبر ٢٠٢١م أن اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية ألقت باللوم على موقع (فيسبوك)؛ لعدم بذله المجهود الكافي لحماية مسلمي الروهينجا في ميانمار من خطاب الكراهية، وقد انتقدت هذه اللجنة الفيدرالية المستقلة عملاق وسائل التواصل الاجتماعي بأحد تقاريرها الذي صدر بعنوان "حماية الحرية الدينية عبر شبكة الإنترنت"، وطالبت فيه الجهات التنظيمية المسئولة عن الخطاب عبر الإنترنت باحترام حقوق التعبير الديني، كما أكدت في تقريرها -المكوّن من ست صفحات- على فشل موقع (فيسبوك) في معالجة التحريض ضد مسلمي الروهينجا في ميانمار، ووصفت ذلك بأنه مثال على "الاستجابة غير الكافية".
وفي ٦ ديسمبر ٢٠٢١م، رفع مسلمو الروهينجا دعوى قضائية بإحدى محاكم ولاية كاليفورنيا، اتهموا فيها موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) بالمساهمة المادية في تطوير ونشر خطاب الكراهية المناهض لهم، والمعلومات المضللة، وكذلك التحريض على العنف.
ووفقًا لما ورد في تلك الدعوى، فإن المتورطون في الجرائم التي استهدفت الروهينجا في ميانمار استخدموا موقع (فيسبوك) فعليًّا لنشر الإرهاب وتصعيد الحملة القمعية ضدهم، وارتكاب أعمال عنف صُنفت بأنها جرائم تطهير عرقي وإبادة جماعية، قُتل بوحشية على إثرها عشرات الآلاف من الروهينجا ، وعُذبوا في الأشهر والسنوات التي تلت ذلك، كما حُرِّق الرجال والنساء والأطفال أحياءً داخل منازلهم ومدارسهم.
ومن بين المنشورات التي حرضت على العنف ضد مسلمي الروهينجا -وفشل موقع (فيسبوك) في التعامل معها وإزالتها- ما نشره أحد المستخدمين في ديسمبر 2013م، قائلًا: "يجب أن نقاتلهم بطريقة هتلر"، كما نشر مستخدم آخر، في أبريل 2018م، صورة لقارب مُحمَّل بلاجئي الروهينجا وعلق قائلًا: "صبوا الوقود عليهم وأضرموا النيران حتى يتمكنوا من لقاء الله بشكل أسرع".
ومن الواضح أن تلك المنشورات تعكس مدى الكراهية غير المبررة  للمسلمين، والتي يسمح موقع (فيسبوك) بالترويج لها على نطاق واسع، وبذلك يكون سببًا فيما يترتب على نشرها من ارتكاب جرائم مروعة ضد الإنسانية،  كما هو الحال مع مسلمي الروهينجا. 
وعلى الرغم من تحذير موقع (فيسبوك) من انتشار المنشورات المناهضة للروهينجا على منصته منذ عام 2013م ، فإنه قد أخفق في اتخاذ إجراءات سريعة وملائمة فيما يتعلق بهذا الأمر.
يُذكر أن عام 2017م شهد حملة عنيفة في ولاية راخين بميانمار قُتل فيها ما يقدر بنحو 10 آلاف من مسلمي الروهينجا، ونزوح ما يزيد عن 700 ألف آخرين، فرَّ غالبيتهم  إلى دولة بنجلاديش المجاورة حيث  لايزالون يعيشون في ظروف معيشية متردية.
وفي الختام يظل السؤال مطروحًا .. إلى متى ستُستَخدم مواقع التواصل الاجتماعي كافة -وفي مقدمتها (فيسبوك)- من قبل المتطرفين لنشر خطاب الكراهية، وبث سمومهم في عقول الأطفال والشباب دون اتخاذ إجراءات حاسمة لمنع انتشار تلك الأفكار المتطرفة؟! أليس هذا إرهابًا!!؟ ولكن بشكل آخر!؟ 

وحدة الرصد باللغة الإنجليزية

طباعة