التطرف الأخلاقي.. العوامل وسبل الوقاية

  • | الثلاثاء, 4 أكتوبر, 2022
التطرف الأخلاقي.. العوامل وسبل الوقاية

     تتباين أشكال التطرف وتختلف وفق مقتضيات الزمان ومتطلبات المكان، ولم يعد يقتصر على ترويع الآمنين وإراقة دماء الأبرياء، وإنما تنتشر -وفي هدوء- أنماط مختلفة أكثر نعومة تسيء استغلال الوسائل الإلكترونية بما لها من قدرة فائقة على النفوذ بين جميع الأوساط والبيئات الاجتماعية، في هدم الثوابت الأخلاقية وترويج السلبيات لا سيما بين فئات الأطفال والشباب. وهو ما يمكننا أن نطلق عليه مسمى: "التطرف الأخلاقي" أو بعبارة أخرى، الإفراط أو التفريط في اتباع سلوكيات أخلاقية معينة. وسوف نحاول في هذه السلسلة تسليط الضوء على بعض الأمور، وتشخيص المشكلة، قبل أن نقترح (انطلاقًا من مسؤولية الأزهر الشريف التاريخية إزاء الأخطار التي تهدد المجتمعات الإسلامية) سبل وأدوات العلاج ومكافحة هذه الأنواع من الإرهاب الناعم.

التطرف الأخلاقي عبر مواقع السوشيال ميديا

تنتشر ملايين الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، أو منصات (يوتيوب) و(تيك توك)، تنطوي على أهداف ورسائل مختلفة بعضها لا يراعي المعايير الفنية والأخلاقية المجتمعية. ونحن بطبيعة الحال لا نعارض الأشكال الفنية ذات المحتوى الهادف، والتي تكاد تتوارى للأسف مع الانتشار الواسع للفيديوهات والمقاطع المصورة التي تستهدف تقويض البناء الأسري وهدم المجتمع مثل: فيديوهات التعري والبلطجة، وكذلك ما يسمى بالروتين اليومي وغيرها.

مثل هذه الفيديوهات تمثل مؤشرًا خطيرًا على خلل جسيم في التربية، وانتكاس في الفطرة، وانحراف عن الأخلاق الحميدة. والأسباب متعددة ومتشابكة أبرزها: نفوذ وسائل التواصل بين جميع الفئات المختلفة، وسهولة تصوير وتداول الفيديوهات على الوسائط الإلكترونية المتعددة، والأخطر استغلال بعض أولياء الأمور فيديوهات أبنائهم وبناتهم في تحقيق مكاسب مالية.   

وبالتالي فقد تحولت المنصات الاجتماعية إلى قنبلة موقوتة، تهدد بكارثة كبيرة توشك أن تنفجر من شدة ما وصلت إليه من أقصى درجات التردي الأخلاقي، وكان من نتائجها انتشار الجرائم الوحشية. ولا يمكن لعاقل إنكار تأثير مثل هذه الفيديوهات التي تقدم نماذج للانحراف الأخلاقي والعنف السلوكي، على انتشار معدلات الجريمة، وغياب الوازع الديني وقيم التسامح، الأمر الذي يضعنا جميعًا في مواجهة ضد نوع من أخطر أنواع التطرف عبر منصات السوشيال ميديا.

والسؤال: ما هي سبل مكافحة التطرف الأخلاقي، وكيفية الوقاية من تداعياته السلبية؟ كما أسلفنا تتعدد العوامل التي تساهم في هذه الظاهرة، ومنها: غياب المسؤولية الاجتماعية، وسيادة المادة والمال على العقول، وشهوة الحصول على المال دون تعب. وعليه يمكننا أن نقدم مقترحات فعالة للتصدي لتلك الظاهرة على النحو التالي:

  1. مكافحة إدمان مواقع التواصل الاجتماعي، وتحرير الأجيال القادمة من سيطرة الميديا.
  2. تأسيس مواقع تفاعلية في الجامعات والمؤسسات التربوية، يقوم عليها مختصون من أجل تبني أفكار الشباب وتوجيهها وفق أسس سليمة لمعالجة ما يطرأ من أفكار تطرفية خاطئة، تنتهي في بعض الأمور بقتل البعض أو هتك أعراضهم.
  3. على الجميع أن يدرك أنه مسئول أمام الله عن تربية أولاده وكيفية تنشئتهم؛ فالنبي (صلى الله عليه وسلم) وصى الجميع وقال: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".

يعرف جميعنا أن التغيير لا يحدث في عشية وضحاها، وأنه عملية معقدة تحتاج إلى العديد من العوامل والمحفزات، ودورنا بوصفنا مؤسسة تعليمية وتوعوية هو بناء الإنسان، والتنبيه على خطورة كل ما أو من يفعل غير ذلك، وبأن خطورة هذا التطرف الأخلاقي لا تقل بأي شكل من الأشكال عن بقية أنواع التطرف.

 

 

 

طباعة
الأبواب: قضــايا أخرى
كلمات دالة: مرصد الأزهر