دور الأسرة والمجتمع في مواجهة التطرف

  • | الأربعاء, 15 فبراير, 2023
دور الأسرة والمجتمع في مواجهة التطرف

للأسرة في الإسلام ضوابط ومقومات، إذا توفرت كانت حائط الصد الأول في المواجهة الفكرية ضد انتشار التطرف والإرهاب؛ حيث يفرض الإسلام على أولياء الأمور رعاية أبنائهم، ودعمهم ماديًّا وعاطفيًّا، وتربيتهم على التعاليم الدينية الصحيحة، وترسيخ قيم الانتماء والإحساس بالمسؤولية في نفوس أطفالهم. والعلاقة بين الأسرة والمجتمع هي علاقة تكاملية، فالأسرة المتماسكة المستقرة تقوم بدورها الإيجابي بالمجتمع على نحو يراعي نظامه وقوانينه، بينما تسبب الأسرة المفكَّكة في الاخلال بنظام المجتمع، وبالتالي عجزه عن مواجهة التحديات. ولطالما لعب الوضع الأسري، والاجتماعي في المجتمعات المختلفة دورًا مهمًّا للغاية في التجنيد لصالح التنظيمات المتطرفة. ولكي تحقق الأسَر أهدافها، وتقوم بالدور المنوط بها لا بد من توفر عدة عوامل، من أهمها:

  1. تقويم سلوك الأبناء وفق الضوابط الإسلامية، وتمهيد علاقاتهم المجتمعية المستقبلية، وإشباع احتياجاتهم العاطفية، وحمايتهم من رفقاء السوء.
  2. تحقيق المودة والرحمة داخل الكيان الأسري من خلال الاحترام المتبادل، والحوار البناء الذي يؤسس للتوافق النفسي، والاجتماعي بين أفراد الأسرة، عكس ما تفعله الصراعات، والخلافات التي تدفعهم نحو العدوانية، والعنف.
  3.  تحصين الأبناء فكريًّا ودينيًّا ضد الانحرافات الفكرية والاجتماعية، التي تشكل نواة لاعتناق مبادئ التطرف، والعنف.
  4. دفع الأبناء للمشاركة في الفعاليات الاجتماعية التي تقوي ارتباطهم بمجتمعهم، وتخلق انتماء حقيقيًّا بأفراده، ومؤسساته.
  5. التوعية بمخاطر التطرف من خلال غرس القيم الدينية الصحيحة في نفوس أبنائهم، وبناء شخصية تقبل اختلاف الآخر، وتحترمه، وتبحث عن مواطنِ البِناء لا الهدم، والمشتركاتِ الإنسانية لا الاختلافاتِ الدينية، لأن الجهل بالدين، أو الفَهم الخاطئ له، يدفع الإنسان للتطرف في تبنِّي آراء، وأفكار دينية متشددة، تبتعد عن جوهر الدين، وغاياته، وتوجهه نحو التفريط في دينه، وإضاعته، وتقضي على الوازع الذي يردعه، ويوجهه إلى ما فيه الخير والصلاح، فغياب الوعي داخل الأسرة يشكل بيئة خصبة للمتطرفين، يغرسون فيها أفكارهم وضلالهم.
  6. التأكيد على العلاقة التكاملية بين أبناء المجتمع الواحد على اختلاف أعراقهم ودياناتهم؛ فاستيعاب ثقافة الآخَر، وتقبله، والتفاعل معه بإيجابية، وهو ما يعزز الاندماج المجتمعي، كأحد الوسائل الرئيسة لمكافحة التطرف.

كذلك يتطلب تماسك المجتمع عدة عوامل أهمها:

  1. تحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
  2. العمل على دمج الشباب في مؤسسات الدولة، والاستفادة من طاقاتهم.
  3. عمل برامج تدعم قيم الانتماء لدى الشباب، وترسخ لديهم مفاهيم المواطنة، والتعايش السلمي.
  4. عمل ندوات، وورش عمل لتوعية الشباب بمخاطر التطرف، وما يصنعه بالمجتمعات، والدول، مع تقديم نماذج حية.
  5. تشجيع الشباب للعمل التطوعي، الذي يفرغ طاقتهم، ويقوي من شعورهم بالانتماء، والمسئولية المجتمعية.
  6. العمل على معالجة المشاكل الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، للقضاء على الأمية والفقر، والجهل، والفساد، تلك البيئة الخصبة التي ينمو فيها التطرف.

وعليه فإن غياب قيم المودة، والرحمة، والحوار البناء، والاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة، وإن كان لا يعني بالضرورة زيادة أعداد المنضمين للتنظيمات المتطرفة، لكنه يؤسس بالتأكيد إلى مجتمع ضعيف وعقول سهلة الاختطاف. وبالعكس يعمل تنمية قيم التسامح الديني، والشعور بالمسئولية المجتمعية، والتوعية بمخاطر التطرف، على تحصين الأبناء وحمايتهم من السقوط في دائرة التطرف، والإرهاب. كذلك يلعب غياب القيم المجتمعية، وإهمال أسس العدالة الاجتماعية، وشيوع الجهل والفقر والفساد والإقصاء، دورًا بالغ الأهمية في ميل الشباب لاعتناق الأفكار التطرف، والإرهاب، في حين أن الاستفادة من طاقاتهم، ودمجهم في مؤسسات الدولة، وتشجيعهم على العمل التطوعي، يجعلهم أداة فاعلة في تماسك المجتمع، وحائط صد في وجه أعدائه.

وحدة رصد اللغة الفارسية

 

 

طباعة