دعم لاتيني متجدد للقضية الفلسطينية

  • | الخميس, 16 فبراير, 2023
دعم لاتيني متجدد للقضية الفلسطينية

شهدت مستجدات القضية الفلسطينية تطورًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، وتصعيدًا غير مسبوق على المستويات كافة؛ بسبب عمليات قوات الاحتلال الصهيوني العسكرية المستمرة، والتوسع في بناء المستوطنات، وتصاعد وتيرة التحركات الرامية إلى طمس الهوية الفلسطينية، وتهويد القدس. ورغم الانتهاكات الصارخة لكل الأعراف، والقوانين الدولية، دفعت المصالح المشتركة العديد من الحكومات الغربية إلى تدعيم الكيان الصهيوني، وغض الطرف عن المجازر الإنسانية، والإبادات الجماعية، والتهجير القسري، وغيرها من جرائم الاحتلال ضد أبناء الشعب الفلسطيني على مرأى ومسمع من العالم أجمع.
مع هذا لا يمكن أن نعدم بالكلية وجود مواقف إيجابية دولية مشرفة تجاه القضية الفلسطينية، وخاصة من جانب دول أمريكا اللاتينية، والتي أظهرت مؤخرًا مساندة كبيرة للحقوق الفلسطينية على المستويين الشعبي، والحكومي، أبرزها البيان المشترك الذي طالبت فيه (39) دولة في الأمم المتحدة الكيان الصهيوني بالتراجع الفوري عن الإجراءات العقابية ضد الفلسطينيين، بعد تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 30 ديسمبر 2022م لصالح قرار يدعو محكمة العدل الدولية لإصدار حكم حول تبعات الاستيطان، وانتهاك الكيان الصهيوني المستمر لحق الفلسطينيين.
ووقع البيان إسبانيا والعديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك عدد من دول أمريكا اللاتينية مثل: الأرجنتين، والبرازيل، وشيلي، وكوبا، والمكسيك، وبعض الدول من قارات أخرى مثل: اليابان، والجزائر، ونيوزيلندا، وغيرها. وقد أكدت هذه الدول على دعمها الراسخ لمحكمة العدل الدولية، وللقانون الدولي بوصفه حجر الزاوية للنظام الدولي. وشددت الأمانة العامة للأمم المتحدة على الحيلولة دون تعرض فلسطين إلى إجراءات انتقامية على خلفية قرار محكمة العدل الدولية، لا سيما بعد عقوبات الكيان الصهيوني على السلطة الفلسطينية، ومنع بعض الشخصيات من السفر، فضلًا عن إجراءات عقابية تعسفية ضد المنظمات في الضفة الغربية بدعوى الترويج "لأنشطة عدائية" بحسب الكيان الصهيوني.
يُذكر أن "حسين الشيخ" أمين عام اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير الفلسطينية، كان قد كشف عن تعرض ‏"محمود عباس" رئيس السلطة الفلسطينية، إلى ضغوط لإجباره على عدم عرض اللوائح على الجمعية العامة للأمم المتحدة. وربما ‏تعكس هذه القرارات بعض المؤشرات الإيجابية في إلزام المجتمع الدولي الكيان الصهيوني ‏بالخضوع للقوانين الدولية، والتوقف عن انتهاكاته المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.
كذلك ربما دفعت تلك الحقائق، والانتهاكات الصهيونية المستمرة، بعض الدول إلى تغيير موقفها حيال القضية الفلسطينية، وإعادة النظر في دعمها للكيان الصهيوني، مثل تلك التغييرات التي اتخذتها البرازيل تجاه التعامل مع القضية الفلسطينية بعد صعود الرئيس "لولا دا سيلفا" إلى السلطة مؤخرًا؛ حيث أجرت الإدارة البرازيلية الجديدة تغييرًا مفاجئًا في السياسة الخارجية، عبر استئناف سياسة المطالبة بإقامة دولة فلسطينية، والإعراب عن القلق إزاء الإجراءات الصهيونية الأخيرة في القدس، على عكس سياسة "بولسونارو" الذي ألغى الحوار مع الفلسطينيين، ودافع عن نقل السفارة البرازيلية من تل أبيب إلى القدس.
وتعتبر شيلي من الدول الأكثر دعمًا للشعب الفلسطيني، حيث أعلن الرئيس "غابرييل بوريك" عزمه رفع مستوى تمثيل بلاده الرسمي في الأراضي الفلسطينية من مكتب قائم بالأعمال حاليًا إلى سفارة. ووصف بيان مجموعة السفراء العرب في جمهورية تشيلي، هذه الخطوة بـ (العادلة، والبناءة، والشجاعة) وأنها تعكس " دعم شيلي المستمر والثابت، حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة، والعيش الآمن أسوةً بكل شعوب العالم الحرة".
وتأكيدًا على دعمها المستمر للقضية الفلسطينية، نسقت سفارة دولة نيكاراجوا في فلسطين زيارة ودية، تجمع بين "روبرتو موراليس" سفير نيكاراجوا في الأراضي الفلسطينية، والسيد "عبد الكريم سدر" رئيس بلدية أريحا الفلسطينية؛ حيث بحث الطرفان آلية تنفيذ اقتراح بإقامة توأمة بين مدينة أريحا، وإحدى مدن نيكاراجوا، لتعزيز التعاون، والاستثمار، وتوطيد العلاقة بين شعبي البلدين؛ فلسطين، ونيكاراجوا، كما بحثا معًا تقوية أواصر الأخوة، والتضامن بين الشعبين.
ولا يفوتنا في هذا المقام مبادرة بلدية "سانتا كلارا ديل مار" في الأرجنتين، واستبدال اسم شارع "إل باسو" الرئيسي بـ "دولة فلسطين" بالتنسيق مع سفارة دولة فلسطين في الأرجنتين، تضامنًا مع الشعب الفلسطيني. ونُظم الاحتفال، الذي حضره عدد من الممثلين عن سفارة فلسطين في الأرجنتين، في الشارع الذي ثبتت فيه لوحات تحمل اسم "دولة فلسطين" على جميع الطرق التي تتقاطع معه. ومن جانبه أعرب عمدة المدينة "خورخي باريدي" عن فخره بأن يكون هذا الحدث خلال ولايته، وعن سعادته بتنظيم هذا الحفل لإطلاق اسم دولة فلسطين على أحد أهم شوارع المدينة، والذي يمتد من شاطئ المدينة السياحي ليصل إلى الطريق العام الذي يربط البلدية ببلدية "كامت نورْتي". وأكد "باريدي" على أن الموافقة على مشروع القرار رقم 110 لسنة 2022م بتسمية الشارع قد تم بالإجماع من قبل أعضاء مجلس البلدية، مما يعبر عن تضامن مواطني البلدية، ومجلسها مع نضال الشعب الفلسطيني الذي يقاتل من أجل تاريخه، وقضيته العادلة.
ولا شك أن هذا الحراك الدولي الذي يدور حول القضية الفلسطينية يُعد أحد أهم تلك الاتجاهات التي تسعى إلى إضفاء بُعد دولي على الممارسات الاستيطانية للكيان الصهيوني، وعلى أحقية الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة. مع التأكيد على الدعم الكامل لكافة حقوقهم الطبيعية، والتاريخية، وإطلاق سراح أسراهم من المعتقلات، والسجون التابعة للكيان الصهيوني. وقد أكدت "وثيقة الأزهر لنصرة القدس"، التي نشرت في عام 2018م، على دعوة كل الهيئات، والمنظمات العالمية إلى الحفاظ على الوضع القانوني لمدينة القدس، وتأكيد هُويتها، واتخاذ جميع التدابير الكفيلة بحماية الشعب الفلسطيني، وخاصة المرابطين من المقدسيين، ودعم صمودهم، وتنمية مواردهم، وإزالة كل العوائق التي تمنع حقوقهم الآدمية الأساسية، وتحول دون ممارسة شعائرهم الدينية، وذلك لضمان استمرار بقائهم، وتجذرهم في القدس العربية.

وحدة رصد اللغة الإسبانية

طباعة