شجرة الزيتون.. أيقونة الصمود الفلسطيني في وجه الإرهاب الصهيوني

  • | الإثنين, 5 يونيو, 2023
شجرة الزيتون.. أيقونة الصمود الفلسطيني في وجه الإرهاب الصهيوني

     بينما تسعى حكومة الاحتلال إلى فصل المدن الفلسطينية، من خلال بناء المزيد من المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالتوازي مع  اطلاق عنان المستوطنين المتطرفين ومواصلة الاعتداءات على أبناء الشعب الفلسطيني وممتلكاته، والاشتراك في كثير من الأحيان بتلك الممارسات التي بلغت ذروتها مؤخرًا، أبرزها استهداف الأشجار وبخاصة الزيتون (الذي يمثل دخل رئيس للمواطن الفلسطيني فضلًا عن قيمته الغذائية) إما بالاقتلاع، أو الحرق، أو تجريف الأراضي، أو سرقة الثمار.

ووفق التقارير البحثية والأممية، فقد اقتلعت قوات الكيان الصهيوني ما بين (2.5- 3) مليون شجرة منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967م؛ بغرض إقامة عدد من المشاريع الاستيطانية، ومعسكرات لجيش الاحتلال، وشق طرق التفافية للمستوطنين، وإقامة جدار الفصل العنصري.

ونوه تقرير الكاتبة الصحفية اليسارية "عميرة هاس" المنشور بتاريخ 8 مايو 2023م على موقع صحيفة (هآرتس) العبرية:" إلى ارتفاع وتيرة اعتداءات جماعات المستوطنين الإرهابية على أشجار الفلسطينيين؛ واقتلاع نحو (5000) شجرة داخل فلسطين المحتلة في فترة لم تتجاوز الخمسة أشهر، وذلك تحت نظر، بل وحماية سلطات الاحتلال المختلفة لتلك الجماعات الإرهابية".

واستشهد التقرير بإحصاءات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، والتي أثبتت إتلاف بأكثر من (4000) شجرة بالضفة الغربية، خلال الفترة من 20 ديسمبر 2022م إلى نهاية شهر أبريل 2023م، ضمن (84) اعتداء إرهابي قاموا بها ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وممتلكاته. والسؤال: ما هى دوافع الكيان الصهيوني لإتلاف أشجار الزيتون؟

في الواقع يرتبط الفلسطينيون بشجرة الزيتون من عدة جوانب دينيّة، ووطنيّة، وتاريخيّة، كونها تمثل أيقونة الثبات، والصمود، والارتباط بالوطن، خاصةً وأن شجرة الزيتون هي الأقدم في فلسطين؛ حيث تحتضن قرية (الولجة) جنوب مدينة القدس، أقدم شجرة زيتون بالعالم يقدَّر خبراء منظمة اليونسكو عمرها بحوالي (5500) عام، وهي بذلك أقدم من كل صور الاحتلال الذي وقع على أرض فلسطين، وجزءً رئيسًا من هوية، وعروبة فلسطين. ويرتبطون بها اقتصاديًّا، حيث تقتات (عشرة آلاف) أسرة من ثمار الزيتون، وزيته، كما يغطي احتياجات (100 ألف) أسرة، وكذلك اجتماعيًّا من خلال مواسم قطف الزيتون، التي أضحت مناسبات وطنية للتلاحم، والتعاون، والتكاتف بين مكونات المجتمع الفلسطيني، والشعور بالأمان من إرهاب المستوطنين المدججين بالأسلحة المتنوعة تحت حماية قوات الاحتلال.

ومن هنا؛ كان السبب الرئيس وراء استهداف الاحتلال الصهيوني، وتكاتف مؤسساته، ومستوطنيه من أجل اجتثاث شجر الزيتون، وإتلافه؛ اعتقادًا منهم أن ذلك سيسهل اقتلاع الإنسان الفلسطيني المتجذر في أرضه كشجرة الزيتون أصلها ثابت وفرعها ممتدٌ في السماء؛ فهو لا يقل خطرًا عن أي مقاومة يقوم بها أبناء الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال.

وقد أشارت إلى هذا الهدف الصهيوني الخبيث الكاتبة اليسارية "عميرة هاس" في مقال آخر لها بصحيفة "هآرتس" العبرية تحت عنوان: "كل شجرة مقطوعة هي مقدمة لتهجير فلسطيني"، مشددةً على أن مَنْ يقطعون الأشجار هم يريدون من وراء ذلك هدف أعمق، فهم يريدون محو استمرارية تجذر الفلسطينيين في المكان، ويريدون القضاء على العلاقة الواضحة بين الفلسطيني، وأرضه؛ فإن أي قطع لشجرة هو تهجير مجازي، ووصفت تلك الاعتداءات التي يقوم بها المستوطنين المتطرفين بأنه إرهاب زراعي، وبيئي، يرافقه كراهية للإنسان، والطبيعة.

ومن هنا شنت حكومات الاحتلال المتعاقبة حربًا على الأراضي الفلسطينية، خاصة المزروعة بشجر الزيتون، وجرفت تلك الأراضي، وأقامت عليها المستوطنات، وشيدت الطرق الالتفافية، وأقامت جدار الفصل العنصري الذي التهم أكثر من (12٪) من مساحة الضفة الغربية المحتلة. كما أصدرت المؤسسة الدينية، وحاخامات اليهود على اختلاف مذاهبهم فتاوى متطرفة تدعو إلى اجتثات شجر الزيتون، وإتلافه بالحرق، وسرقة محصوله،  ومنع المزارعين الفلسطينيين من قطف الزيتون بالاعتداء، والضرب، باعتبار القيام بذلك فريضة يهودية يؤجر فاعلها على ذلك، لأنها ستحرم الفلسطينيون من رزقهم، ومعاشهم؛ وبالتالي يدب اليأس في قلوبهم، ويتركون أراضيهم للمستوطنين يعيشون فيها، وينهبون خيراتها.

ومن جانبه، يؤكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن شجرة الزيتون هي شهادة حية على الحضور المتواصل طويل الأمد للفلسطينيين في وطنهم؛ فالشعب الفلسطيني، وشجر الزيتون باقون، ومتجذرون في الأرض الفلسطينية حتى تقوم الساعة، وأن الاحتلال  الصهيوني إلى زوال – عاجلًا أم آجلًا- طال الوقت أم قصر.

ويُطالب مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بضرورة حشد الرأي العام العربي، والإسلامي، والدولي للتصدي لتلك الانتهاكات الصهيونية الممنهجة التي تُمارس ضد الشعب الفلسطيني الأعزل على أراضيه المحتلة، والتي يتبين أن الغرض منها هو التطهير العرقي لهذا الشعب الأبيِّ، وتهجيره قسريًّا من أراضيه. مؤكدًا أن تلك الاعتداءات التي تنتهك حقوق أبناء الشعب الفلسطيني، وتضر بشكلٍ مباشرٍ بممتلكاته مستمرة، ومتواصلة في الوقت الذي يقف فيه العالم أجمع، بمنظماته، وهيئاته المختلفة صامتًا عن هذه الاعتداءات، والانتهاكات على الرغم من كونها تمثل جرائم ضد الإنسانية بشكل عام.

 

وحدة رصد اللغة العبرية

طباعة