طالبان الباكستانية تعزز وجودها في بلوشستان.. ومخاوف من ولادة أعنف الجماعات الإرهابية

  • | الإثنين, 26 يونيو, 2023
طالبان الباكستانية تعزز وجودها في بلوشستان.. ومخاوف من ولادة أعنف الجماعات الإرهابية

    
ينتشر في إقليم البلوشستان العديد من التنظيمات الإرهابية المسلحة، ويعد إقليم بلوشستان أكبر مقاطعة في باكستان من حيث المساحة، يشترك في الحدود مع أفغانستان وإيران، ويتردد عليه المتطرفون والجماعات العنصرية والانفصالية؛ حيث يضم الإقليم بحسب الداخلية الباكستانية، قرابة (13) حزبًا انفصاليًا محظورًا. وقد طورت "حركة طالبان باكستان" المحظورة، خلال الأشهر الأخيرة علاقاتها مع المنظمات الانفصالية البلوشية، مما ينذر بإمكانية تنفيذ هجمات إرهابية مشتركة في الفترة المقبلة.
ويفسر حادث مسجد بيشاور في يناير الماضي كيفية استعادة حركة طالبان باكستان قوتها، بعد سيطرة طالبان أفغانستان على السلطة؛ حيث استهداف الانفجار مقر مكافحة الإرهاب، فيما يعكس اختيار مدينة بيشاور القريبة من أفغانستان، مدى قوة طالبان الباكستانية، بعد عودة طالبان الأفغانية للسلطة. أضف إلى ذلك أن فشل المفاوضات بين طالبان والحكومة الباكستانية غير مرة، يُظهر أيضًا منطلق القوة الذي باتت تتحدث منه الحركة.
ويثير توسع حركة طالبان باكستان الإرهابية في إقليم بلوشستان، بما في ذلك المناطق غير الناطقة بالباشتو، العديد من الأسئلة ويدق جرس إنذار للأجهزة الأمنية، فقد أعلنت "حركة طالبان باكستان" المحظورة توسيع تنظيمها في مناطق مختلفة من باكستان، كنوع من استعراض القوة العسكرية وهو ما يمثل تهديدًا حقيقيًا للدولة الباكستانية ومؤسساتها. ووفق بيان "محمد الخراساني" المتحدث باسم طالبان الباكستانية:" جرى اخطار مجلس القيادة بتوسع الحركة، وإضافة ولاية جديدة في إقليم بلوشستان باسم "ولاية قلات ومكران" تحت قيادة "شاهين بلوش". 
وعلق "عبد الله خان" العضو المنتدب والمحلل في المعهد الباكستاني لدراسات الصراع والأمن، المعنى بمتابعة قضايا التطرف، قائلًا:" هذه هي الولاية الثانية لحركة طالبان باكستان المحظورة في بلوشستان، حيث كانت هناك ولاية "جوب" قبل ذلك... والواقع أن حركة طالبان الباكستانية في بلوشستان، تمتع بالقوة والنفوذ في مناطق البشتون ونفذت عدة هجمات بارزة، من ضمنها الهجوم الانتحاري عام 2016م على المحامين في مستشفى "كويتا" المدني الذي راح ضحيته أكثر من (70) محاميًا. مع ذلك، لم يكن نفوذ الحركة في المناطق غير البشتونية كبيرًا جدًا. وحاليًا تمتلك الحركة عدد كبير من المقاتلين البلوش، كما تحظى بدعم مجموعة قندهاري التابعة لحركة طالبان الأفغانية". وقد شهد العام الذي سيطرت فيه طالبان على السلطة (وفق الدراسة السابقة) ارتفاع عدد الهجمات الإرهابية في باكستان بنسبة (51%)، بوقتٍ تتصدر فيه حركة طالبان قائمة الجماعات الإرهابية الأكثر دموية في البلاد.
ومما يزيد الأمر سوءًا، التعاون بين "حركة طالبان باكستان" المحظورة وتنظيم "جيش تحرير بلوشستان" المصنف كـ "جماعة إرهابية للقتل بِاسم العرق والدين" والمدرج على قوائم الإرهاب، الأمر الذي يعزز من انتشار "طالبان باكستان" في هذه المنطقة. وأكد "عبد الله خان" يبحث المقاتلون من بلوشستان حاليًا عن وجهة أخرى لـ "الجهاد" وأصبحوا جزءًا من طالبان باكستان، وهو ما يؤكد أن الروابط بين المنظمات المسلحة البلوشية وحركة طالبان باكستان مستمرة منذ ما يقرب من عشر سنوات بطريقة سرية.  
ويقول "إحسان الله تيبو محسود" - مدير الأخبار في Khorasan Diary - وهي منظمة غير حكومية تراقب التطرف في باكستان وأفغانستان "يبدو أن حركة طالبان باكستان تحاول إيجاد مكان لها في بلوشستان وتقوية نفوذها بها". وبحسب إحسان الله، فإن المنظمات البلوشية التي انضمت إلى "حركة طالبان باكستان" كانت جزءًا من حركة طالبان الأفغانية في الماضي القريب، فقد قاتل هؤلاء الأشخاص ضد الناتو والقوات الأمريكية والجيش الوطني الأفغاني، وبم أن الحرب هناك قد انتهت الآن؛ لذا فقد جاؤوا إلى هنا وانضموا إلى حركة طالبان باكستان.
أسباب انضمام البلوش إلى طالبان باكستان 
الأمر لا يتعلق بوجود قوميين وانفصاليين فقط، ففي الماضي رأينا أن جماعة لشكر جهنجوي تضم البلوش أيضًا، كما كان ضمن داعش خراسان أيضا بلوش، كما انضم البلوش أيضًا إلى حركة طالبان الأفغانية، والآن الخيار الوحيد أمام هؤلاء الجهاديين البلوش هو حركة طالبان باكستان. 
وبحسب "إحسان الله": نظرًا لأن حركة طالبان باكستان أصبحت منظمة للغاية ولديها أيضًا دعم من حركة طالبان الأفغانية؛ لذلك، فإن أكبر منظمة جهادية في هذه المنطقة وفي باكستان هي حركة طالبان باكستان، ومن ثمّ سيحاولون أن يكونوا جزءًا منها حتى لا يكون هناك ضغط عليهم في أفغانستان، ولأنهم إذا انضموا إلى تنظيم داعش الإرهابي، فإن طالبان الأفغانية لن تمنحهم مكانًا، بل ستتخذ إجراءات ضدهم".
كما أنه بانضمامهم إلى حركة طالبان باكستان فهم بذلك لن يواجهوا أي مشكلة في الذهاب إلى أفغانستان للحصول على اللجوء؛ لذلك أعتقد، والكلام لـ إحسان الله، أن هذا هو السبب الرئيسي في إنضمامهم للحركة.
أسباب تركيز المنظمات المتطرفة على بلوشستان
يمثل موقع إقليم بلوشستان عامل جذب للجماعات والتنظيمات المتطرفة، نتيجة الفراغ الأمني، وتصاعد حدة التوترات بين الحكومة والسكان المحليين، والمطالب باستقلال، ما يؤهل الإقليم ليكون مسرحًا لعمليات الجماعات الإرهابية مثل حركة طالبان باكستان، ناهيك عن المكاسب المادية على خلفية التجارة مع إيران أو أفغانستان أو حتى الاستفادة من عوائد الموارد الطبيعية في الإقليم. لكن لطالما تخوفت الحكومة الباكستانية من انضمام الجماعات الانفصالية وشبه الانفصالية في إقليم بلوشستان إلى حركة طالبان باكستان، مما ينذر بتكوين جبهة كبيرة يصعب التغلب عليها مستقبلًا، وميلاد واحدة من أعنف وأشرس جماعات القتل باسم الدين حول العالم.

طباعة