ردود الفعل المسيحية على حادثة حرق المصحف الشريف في السويد

  • | الأحد, 16 يوليه, 2023
ردود الفعل المسيحية على حادثة حرق المصحف الشريف في السويد

     تكررت إهانات المتطرفين في السويد للمسلمين حول العالم، كان آخرها بتاريخ 28 يونيو الماضي، بالتزامن مع احتفالات المسلمين بعيد الأضحى المبارك؛ حيث أقدم سويدي متطرف على حرق نسخة المصحف خارج المسجد الكبير في العاصمة ستوكهولم أمام أنظار المصلين، الأمر الذي أثار موجة تنديد واسعة في العالم الإسلامي.

ويبدو من تكرار هذه الحوادث إصرار الحكومة السويدية على ازدراء مشاعر المسلمين حول العالم؛ وتجاهل خطورة مثل هذه الحوادث على الحالة الأمنية في البلاد، بعدما أدى احراق الدانماركي اليميني المتطرف "راسموس بالودان" زعيم حزب "الخط المتشدد" نسخة من المصحف خارج مقر السفارة التركية تحت حماية الأجهزة الأمنية، إلى خروج تظاهرات استمرت أسابيع، رافقتها احتجاجات عربية وإسلامية، ودعوات لمقاطعة المنتجات السويدية.

في المقابل سارعت المؤسسة المسيحية إلى استنكار مثل هذه التصرفات الاستفزازية التي تغذي الكراهية وتقوض جهود نشر قيم التسامح، والاعتدال، والاحترام المتبادل بين الأفراد، والشعوب، والدول. وقال البابا فرانسيس في حوار إلى صحيفة الاتحاد الإماراتية:" لا ينبغي استخدام حرية التعبير في قمع الآخرين أو ازدراء معتقداتهم. أشعر بالغضب، والاشمئزاز من هذه الأفعال. يجب على الجميع احترام أي كتاب مقدس، احترامًا لمن يؤمن به، ويجب عدم استخدام حرية التعبير أبدًا كذريعة لازدراء الآخرين، والسماح بذلك يجب رفضه، وإدانته".

ودان بيان مجلس الكنائس المسيحية في السويد (باعتباره أكبر مؤسسة دينية تمثل الطوائف المسيحية المختلفة) هذه الواقعة، ودعا إلى تصنيف الفعل كجريمة كراهية، ومحاكمة مرتكبيه، وفيه:" ندافع عن حق كل شخص في ممارسة عقيدته بغض النظر عن الدين (الذي يعتنقه). إن حرق القرآن هو انتهاك متعمد للعقيدة، والهوية الإسلامية، بل إننا نراه اعتداءً أيضًا على كل المؤمنين بالأديان. لذلك نريد أن نعبر عن تضامننا مع المؤمنين المسلمين في بلادنا".

ووصفت "صوفيا كامنيرين" أمين عام المجلس، واقعة احراق المصحف أمام مسجد ستوكهولم الكبير بـ (التجاوز) و (استهداف جماعية دينية) وأكدت:" محاكمة مرتكب هذا الفعل أمام القضاء لا يحتاج تعديلًا دستوريًّا يتعلق بحرية التجمع، والتعبير، وإنما تكفي التشريعات الموجودة لاسيما بعدما تحول الفعل إلى جريمة كراهية ،وتحريض ضد مجموعة من الناس... حان الوقت لتناول القضية بشكل قانوني. نريد أن نظهر تضامنًا واضحًا مع الجالية المسلمة. لسنا بحاجة إلى التناقضات الدينية الآن".

كذلك تبرأت بيانات مجلس مطارنة نينوى، ومجلس رؤساء الطوائف المسيحية في العراق، والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري، من مرتكب الواقعة (ذو الأصول العراقية) وأنه لا يمثل المسيحيين. وأوضح بيان مجلس مطارنة نينوى:" نشجب ونستنكر العمل المشين الذي قام به المدعو "سلوان موميكا" بحرق القرآن الكريم في السويد، ونؤكد أن هذا الشخص لا يمثل سوى نفسه، ولا يمثل من المسيحية شيئًا، كونه قد سبق وتطاول أيضًا على الكنائس ورجال الدين المسيحيين، كما ونرفض الإساءة إلى الرموز الدينية، وما قام به المدعو "سلوان" لا يختلف بشيء عن جرائم داعش ضد المساجد والكنائس".

كما وصفت الأمانة العامة لمجلس رؤساء الطوائف المسيحية في العراق، واقعة حرق المصحف بـ (الدنيئة) وأنها تمثل تعديًا على حرية آخرين كثيرين، وتحريض على الكراهية بين الأديان، ونَسفٍ للسلام بين الشعوب، واستفزاز يؤجج مشاعر المسلمين عبر العالم".

واتهم المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري مرتكب الواقعة بالضلال، وأكد مثل هذه الافعال تزرع الفتن، وتؤثر على التعايش السلمي بين الأديان... فالتطاول على المقدسات الدينية، وبالتحديد (القرآن الكريم) باسم حرية التعبير لا تمت بصلة إلى أبناء شعبنا المسيحي، وإنما هي إساءة لأخوتنا في المجتمع؛ لذا نطالب المجتمع الدولي بالوقوف ضد هذه الأفعال المشينة".

وعلَّق قداسة البطريرك "مار آوا الثالث" بطريرك كنيسة المشرق الآشورية في العراق والعالم، على الواقعة، بأنها عملٌ فرديٌّ غيرُ مسؤول، يهدف إلى بث، ونشر خطاب الكراهية، ولا يعكس موقف المسيحية ككل، ولا موقف أي كنيسة مسيحية، وفيما أدان هذا العمل المشين بأشد العبارات، دعا حكومات جميع الدول، ولا سيما الحكومة السويدية، إلى عدم السماح بهذه الأعمال التي ترتكب باسم "الحرية الشخصية".

كما أدان أيضًا هذه الواقعة المطران "عطا الله حنا" رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، وقال:" من المؤلم، والمخجل أن يقوم شخص بإحراق القرآن في السويد، وأن يُعتقد بأن هذه بطولة، وحرية تعبير، ومن المؤسف أيضًا أن السلطات السويدية قد سمحت له بأن يقوم بهذا، وهذا أمر لا يمكن تبريره، وقبوله بأي شكل... نحن نعتبر ما حدث ليس تعديًّا على القرآن، وعلى المسلمين وحدهم، بل هو تعدٍّ على القيم الإنسانية، والأخلاقية، والحضارية التي يجب أن يتحلى بها الجميع... ويجب ألا تؤثر تصرفاتٍ فرديةٍ من هذا النوع على ثقافة المحبة، والإخوة، لا سيما وأنه لا يمثل إلا من أقدم عليه، وشريحة محدودة ممن يحملون أفكارًا تمثل مزيج ما بين التخلف، والتطرف، والكراهية وغيرها من المظاهر السلبية، وتهدف إلى إثارة الفتن في عالمنا، ونشر ثقافة الكراهية بين الناس".

كما استنكر المطران "منير حنا" المطران الشرفي لأساقفة إقليم الإسكندرية بالكنيسة الأسقفية في مصر الواقعة، وكتب على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي تويتر: "حرق القرآن الكريم في السويد أمر مؤسف، ومحزن للغاية، لا يهدف إلا لإثارة الغضب، والعنف. هذا العمل المشين لا يندرج تحت مسمى حرية التعبير، إنما يندرج تحت مسمى نشر الكراهية. إن من فعل هذا الفعل حتمًا لا ينتمى لأى دين يدعو للمحبة، واحترام الآخرين".

ومن جانبه يؤكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن هذا العمل الإجرامي المشين لا يمت بصلة لحرية الرأي والتعبير، بل هو أحد أوجه الكراهية، والعنصرية، ويتعارض مع كل المواثيق، والأعراف الدينية. ويدعو المرصد المجتمع الدولي، والأمم المتحدة إلى وضع قوانين تجرم مثل هذه الأعمال المتطرفة التي تستهدف المقدسات الدينية المختلفة، وتحرض على الكراهية والعنصرية، وتثير الفتن، وتغذي ظاهرة الإسلاموفوبيا، والأفكار المتطرفة، وتتعارض مع الجهود المبذولة لنشر قيم التسامح، والاعتدال، والاحترام المتبادل الضروري بين الأفراد، والشعوب والدول.

وحدة الرصد باللغة الإيطالية

طباعة