العنصرية في ملاعب كرة القدم الإسبانية.. فينيسيوس نموذجًا

  • | الثلاثاء, 25 يوليه, 2023
العنصرية في ملاعب كرة القدم الإسبانية.. فينيسيوس نموذجًا

 

 

"أعتذر للإسبان الذين لا يتفقون معي، ولكن في بلدي البرازيل باتت إسبانيا تُعرف بدولة العنصريين". بهذه العبارة حاول اللاعب البرازيلي "فينيسيوس جونيور" المحترف في صفوف فريق ريال مدريد الإسباني بعد مباراة ضد فريق فالنسيا في الدوري الإسباني في "ميستايا" على ملعب فالنسيا، بتاريخ 11 مايو ٢٠٢٣م، لفت انتباه حكم المباراة إلى السباب العنصري الذي كان يتعرض له من جماهير فريق فالنسيا.

وبعد ذلك قام اللاعب البالغ من العمر اثنين وعشرين عامًا، بتحميل بعض الصور على حساباته الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعي، تبرز كم الاعتداءات العنصرية التي كان قد تعرض لها في ملاعب إسبانية مختلفة على مدى العامين الأخيرين.

في بداية الأمر، انتقد "خابير تيباس" رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم، اللاعب البرازيلي بقوله: "حيث إن أحدًا من المعنيين بذلك لم يشرح لك ماهية العنصرية، وما يمكن أن يقوم به الاتحاد الإسباني في حالات العنصرية، فلقد حاولنا نحن القيام بتلك المهمة، لكنك لم تحضر في أي من المواعيد المتفق عليها والتي طلبتها أنت بنفسك. وكان ينبغي قبل أن تنتقد الاتحاد الإسباني لكرة القدم، وتهاجمه، أن تستعلم بشكل مناسب". لكنه تراجع بعد ذلك وقال إنه لم يقصد مهاجمة (فينيسيوس) واعتذر عن عدم فهم تصريحاته.

لقد تخطَّى الجدل حول هذه الواقعة حدود كرة القدم، ووصل صداه إلى قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى (G7) في هيروشيما باليابان؛ حيث قال "لولا دا سيلفا" رئيس البرازيل: " لا يجب السماح للفاشية والعنصرية بأن تتحكم في ملاعب كرة القدم".

وفي السياق ذاته، ساهمت هذه الواقعة في تصدر حوادث التمييز والاعتداءات ضد المهاجرين، صفحات وسائل التواصل الاجتماعي. والسؤال: هل يعكس سبابٌ لجماهير كرة القدم المناخ العام، أو السائد في دولة ما؟  هل يمكننا تحديد ما إذا كانت دولة ما عنصرية؟ الإجابة في الحقيقة ليست بتلك السهولة، لا سيما إذا لم يكن هناك معلومات دقيقة حول هذه الظاهرة الاجتماعية.

وعلى عكس الدول الأخرى، لا تقوم إسبانيا بجمع معلومات مفصلة عن الأصل العرقي لسكانها لأغراض إحصائية، وتشجيع التنوع، وإنما تكتفي بالقليل من المعلومات الموثوقة عن طبيعة التنوع العرقي للسكان، بالإضافة لعدد محدود من الدراسات الاستقصائية المحدثة التي ترصد بشكل شامل سلوكيات وطريقة تفكير شعب هذا البلد الأوروبي. لكن ذلك لا يمنع وجود إحصاء عن عددٍ من البلاغات بسبب جرائم الكراهية، ومن بينها الجرائم المتعلقة بالعنصرية، وكره الأجانب. ففي عام ٢٠٢١م على سبيل المثال، قامت وزارة الداخلية بتسجيل (٦٣٨) حالة عنصرية، وبنسبة (٢٤٪) أكبر من البلاغات المسجلة في عام ٢٠١٩م قبل جائحة كورونا.

ومع ذلك، فإن نسبة (١٢٫٨٪) فقط من الأشخاص الذين تعرضوا لمواقف تمييز على أساس العرق أو الإثنية، هم من تقدموا بشكوى أو قاموا بعمل بلاغ أو رفع دعوى قضائية، وذلك طبقًا لدراسة عنوانها: "فهم التمييز على أساس العرق من جانب الضحايا الذين تعرضوا له في عام ٢٠٢٠م" والتي أعدها مجلس القضاء على التمييز العنصري أو الإثني (Cedre) الذي يتبع وزارة المساواة.

لكن هذا لا ينفي وجود بعض الضحايا الذين يعزفون عن إخطار السلطات بالاعتداءات العنصرية، لأسباب كثيرة منها: الاقتناع بعدم جدوى ذلك، أو لأنهم لا يعرفون حقوقهم، أو بسبب الخوف من أن يُسبب ذلك لهم مشاكل. ليس هذا فحسب، بل إن الأسوأ من ذلك أن واحدًا من بين كل أربع ضحايا -طبقًا للدراسة- لا يفعل ذلك أيضًا؛ لأنه لا يرى في هذه المواقف التمييزية التي يتعرض لها أمرًا يستحق الإبلاغ عنه.

وفي هذا الصدد كتبت الكاتبة البيروفية "جابرييلا ويينير" (Gabriela Wiener)، والتي تقيم بإسبانيا منذ سنوات، خلال النصف الثاني من شهر مايو لعام ٢٠٢٣م في مقال رأي للصحيفة اليومية بوبليكو (Público)، واصفةً فيه اعتداءً عنصريًّا كانت قد تعرضت له مؤخرًا خلال مناسبة اجتماعية: "يقولون إن العنصرية في إسبانيا لم تعد أمرًا عاديًّا كما كانت من قبل لأن هناك أشخاص وحكومات ومؤسسات واعية تدين ذلك. لكن حتى نحن لم نسلم من العنصرية، بل نتعرض لها، فنجعل ذلك أمرا عاديًّا ونتحمل حتى لا تؤلمنا في المرة القادمة كثيرًا، ورغم ذلك، فدائمًا ما يكون هناك مرات قادمة مؤلمة".

وفي هذا السياق تقول إحدى السيدات التي تعمل في مجال العقارات، واسمها "سُكينة فارس": "إن واحدةً من بين كل ثلاث وحدات سكنية تُعرَض عليها للإيجار تحمل طابعًا عنصريًّا". فالكثير من المُلَّاك يطلبون عدم تأجير وحداتهم السكنية لمهاجرين، أو لمن ليسوا من أصحاب البشرة البيضاء.  ومؤخرًا قام أحد المُلَّاك بالعدول عن اتفاقه يوم توقيع العقد؛ لأنه رأى الطرف الثاني امرأةً من أصحاب البشرة السمراء، فرفض تأجير الوحدة السكنية لها.

وتضيف "سُكينة فارس": "العنصرية ليست فقط في مسألة تأجير الوحدات السكنية، بل تظهر ملامحها كذلك في البنوك، لا سيَّما ما يخص منح القروض؛ حيث يُعد الحصول على القروض بالنسبة للمهاجرين أمرًا أكثر صعوبة".

وهنا تجدر الإشارة إلى أن العنصرية التي تعرض لها لاعب الكرة "فينيسيوس"، أو التي تعرضت لها الكاتبة الصحفية "جابرييلا ويينير"، أو التي تحكي عنها السيدة "سُكينة فارس" ليست جديدة؛ فلاعب كرة القدم الكاميروني "بيير ويبو" (Pierre Weibó) الذي لعب في صفوف الفرق الإسبانية "أوساسونا ومايوركا وليجانيس" كان قد تذكر مؤخرًا، على سبيل المثال، في لقاء مع أحد المواقع الرياضية الإسبانية كم كان قاسيًا السؤال الذي وجهه له ابنه حينما سأله: "والدي، لماذا تصدر الجماهير هذه الأصوات عندما تلمس الكرة؟".

ويعلق الدكتور "دابيد موسكوسو سانشيث"، أستاذ علم الاجتماع بجامعة قرطبة، هذه الظاهرة بقوله: "القضية تتخطى كرة القدم؛ حيث تنتشر في إسبانيا بشكل عام بعض القيم العنصرية، ويتم التعامل معها وكأنها أمر عادي جدًا. ورغم الاقتناع باختفاء العنصرية نسبيًّا في إسبانيا، فقد غزت في ملاعب كرة القدم المكان المناسب لانتشارها". ويرى أن عدم تطبيق القوانين والمعايير في ملاعب كرة القدم سواء أكانت تلك القوانين متعلقة باللياقة الاجتماعية أو التقاليد الاجتماعية أو التعايش، أصبح أمرًا عاديَّا؛ ففي ملاعب كرة القدم يمكن أن تقوم الجماهير بما يروق لها، حتى وإن كان مخالفًا للقوانين والأعراف؛ حيث يمكن أن توجه الجماهير السباب لحكام المباريات أو اللاعبين. ولذا فملاعب كرة القدم بالنسبة للبعض بيئة خصبة للخروج عن التقاليد والقوانين.

ويضيف الدكتور "موسكوسو": "المشكلة لا تنحصر في ساحات ممارسة الرياضة فقط، ولكن تنبع من تربة أيديولوجية خصبة تغذيها جماعات اليمين المتطرف خلال السنوات الأخيرة، تجسدت في كراهية لا تحتمل ضد الأجانب والمهاجرين أو من لهم لون بشرة مختلف". وينبه "موسكوسو" على أنه عندما يتبنى بعض الرموز من رجال الفن والإعلام والرياضة، بل وبعض السياسيين، خطابًا قائمًا على الكراهية والتمييز والعنصرية؛ فإنهم "يفتحون الباب لكي يحدث نوع من الاعتراف أو القبول المجتمعي لهذه الخطابات العنصرية، وما ينتج عنها من ممارسات".

في حين يصرح السيد "أنتومي تواسيخي" (Antumi Toasijé)، رئيس مجلس القضاء على التمييز العنصري أو الإثني، بأن "العنصرية لها تاريخ طويل في إسبانيا، محذرًا من أنه كلما أحرز اليمين المتطرف تقدمًا، كلما أدى ذلك للنمو المتسارع للعنصرية في مجتمعنا، وفي أي لحظة يمكن أن يحدث انفجار".

الشباب وشبكات التواصل الاجتماعي وخطاب الكراهية

وكما حدث أيضًا في دول أخرى كثيرة، فإن هذه التربة الخصبة قد اتسعت رقعتها بشكل كبير مع ظهور شبكات التواصل الاجتماعي. ورغم نفي الصحفية والمستشارة الإعلامية السيدة "كارميلا ريوس" اتهام إسبانيا بالعنصرية، فقد لاحظت انتشار خطابات الكراهية بشكل كبير عبر شبكات التواصل الاجتماعي منذ ما يقرب من (٥) أعوام على الأقل.

وعلى الرغم من تأكيدات شركات التكنولوجيا الكبرى مثل: "ميتا" و"جوجل" بأنهم لا يألون جهدًا في ضبط المحتوى الذي يحرض على الكراهية، أو المحتوى الذي به معلومات مضللة –باستثناء "تويتر" الذي ليس فيه ضبط للمحتوى، والذي تنتشر فيه الكراهية بكل يسر، كما أكدت السيدة ريوس _، فإن ذلك ليس كافيًا.

وأضافت "ريوس" أنه "ليس كل الإسبان عنصريين، ولكن هناك تجمعًا اجتماعيًّا وتكنولوجيًّا قويًّا بما فيه الكفاية وغير مراقب بشكل كبير".

وتقول السيدة "ريوس" التي تقوم بدراسة شبكات التواصل الاجتماعي منذ سنوات، عن الفئة العمرية للمعتقلين في حادثة السباب العنصري ضد "فينيسيوس": "إن مما يسترعي الانتباه أن المتهمين جميعًا من فئة الشباب. ويعد هذا أحد الظواهر التي توضح لنا كيف أن خطاب الكراهية بات ذا تأثيرٍ كبيرٍ، ومحلًا للقبول لدى فئات معينة، حتى صار نزعة مقبولة اجتماعيًّا، تنمو يومًا بعد يوم، بالإضافة لانتشار هذا النوع من الخطاب في قنوات التواصل الخاصة لبعض الفئات كجماعات "ألتراس كرة القدم" على سبيل المثال".

وكشفت دراسة مركز "رينا صوفيا" في شهر نوفمبر من عام ٢٠٢٢م، على عينة من (1200) شاب في الفئة العمرية (15- 29) عامًا، حول الشباب والعنصرية، عن تبني شابًّا واحدًا من بين كل أربعة شباب رؤى عنصرية بالفعل.

جدير بالذكر أن أحد أكثر الجوانب التي تمت دراستها ظاهرة معاداة الغجر، والتي تعد ظاهرة متأصلة في إسبانيا. وطبقًا للدراسات المتتالية التي أعدها المعهد الروماني للدراسات الاجتماعية والثقافية، فإن وسائل الاتصال قد أسهمت بشكل كبير بوعي أو بغير وعي، في نشر هذه الظاهرة، من خلال إدامة القوالب النمطية عن الغجر، والتركيز على لغة معينة عند وصف جماعات الغجر مثل ("العشيرة"، و"المشاجرات".. إلخ).

ورغم عدم وجود إحصاءات كافية عن العنصرية، فإنه قد تم بالفعل إعداد دراسات حول الهجرة بشكل أكبر، والتي بالرغم من أنها تعطينا صورة جزئية عن التمييز العنصري في إسبانيا، فإنها تفيد في اطلاعنا على وجود هذا الاتجاه.

وطبقًا لدراسة أعدها معهد الدراسات الاجتماعية المتقدمة التابع للمجلس العالي للأبحاث العلمية (CSIC) حول التعامل مع المهاجرين، فإن خُمْسَ الإسبان يشعرون بالكراهية نحو المهاجرين في مجملهم. وهذه النسبة ترتفع لتكون واحدًا من بين كل ثلاثة أشخاص في حالة المغاربة، في حين يحوز على التعاطف الأكبر أولئك الذين ينتمون لأمريكا الجنوبية. ولقد بنيت هذه الدراسة على استطلاع للرأي، شمل حوالي (٢٣٤٤) شخصًا ممن يحملون الجنسية الإسبانية.

ويرى "سيباستيان رينكين" الباحث الرئيسي لهذه الدراسة، أن إسبانيا قد عاشت نموًا كبيرًا جدًّا في الهجرة إليها خلال السنوات الأخيرة، ولكن على الرغم من ذلك فإن "عملية استيعاب هذا التغير الديموغرافي كانت هادئة جدًا، فبشكل عام يتم التعايش في الأحياء، ويرتاد الأطفال المراكز التعليمية دون أدنى مشكلة". ويضيف "رينكين" أنه "إذا نظرنا إلى التغير الذي حدث منذ حقبة التسعينات حتى الآن، لوجدنا أنه لم يكن هناك صراعٌ أو نزاعٌ اجتماعي فيما يتعلق بموضوع التنوع". وتتفق مع هذا الرأي إحدى المهاجرات، وتُدعى السيدة "زبيدة بوغابة"، المقيمة في إسبانيا منذ أكثر من (٣٠) عامًا، وتهتم بالعمل النسائي؛ حيث تقول: "بالتأكيد يوجد أناس عنصريون، فهذا شيء عالمي، لكنني لا أواجه عنصرية في حياتي اليومية، وأميل للاعتقاد بأنها طبقية أو جهل أو خوف من الآخر".

ماذا يقول التشريع الإسباني؟

يعترف التشريع الإسباني بحق المساواة أمام القانون وعدم التمييز، وهذا الحق يكفله دستور سنة ١٩٧٨م، كما تكفله أيضًا العديد من القوانين الوطنية والإقليمية الخاصة بالرياضة أو التعليم أو العمل أو الحرية الدينية، فضلًا عن أحكام محددة في القانون الجنائي تتعلق بجرائم الكراهية. ومع ذلك، فلقد تمت الموافقة في عام ٢٠٢٢م، على قانون محدد لمكافحة هذا النوع من التمييز، وهو قانون ١٥/٢٠٢٢، وهذا القانون يتضمن عقوبات بالغرامة تتراوح بين ٣٠٠ إلى ٥٠٠ يورو، كما ينص القانون على أنه لا يجوز التمييز بين الأشخاص على أساس اللون أو العرق أو الجنس أو الدين أو الرأي أو المرض أو الحالة الصحية أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي أو الحالة الشخصية أو الاجتماعية.

جهود مكافحة الكراهية والتمييز في إسبانيا

قام مجلس القضاء على التمييز العنصري أو الإثني بتخصيص رقم مجاني (٠٢١) للاهتمام بالأشخاص الذين تعرضوا للعنصرية، أو من كانوا شاهدين على مواقف بها تمييز عنصري. كما يمكن أيضًا الإبلاغ عن هذه الحالات من خلال تطبيق الواتس آب، أو البريد الإلكتروني، أو من خلال الذهاب إلى أي مكتب من الـ(٢٣) مكتبًا المنتشرة في مناطق مختلفة من إسبانيا.

وتوفر الخدمة استشارات قانونية مجانية، وإعلام الضحايا بالوسائل العامة الموجودة، أو على سبيل المثال، حل النزاعات من خلال التوسط إذا كانت الأطراف ترغب في ذلك.

وعلى الرغم من ذلك، فإن وزارة المساواة ترى أن التشريعات الحالية غير كافية، ولذلك يريدون الموافقة على قانون مكافحة العنصرية (Ley contra el Racismo) في أقرب وقت ممكن.

إن هذا الاقتراح، الذي لم يتحول بعد لمشروع قانون، ولم يصل لمجلس الوزراء، من بين الأشياء الأخرى التي يسعى إليها مكافحة خطابات الكراهية في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وإصدار تشريعات ضد المضايقات العنصرية في المراكز التعليمية، وأن تقوم الشركات التي بها أكثر من ٢٥٠ موظف بعمل خطط لمكافحة العنصرية.

وبالنسبة لمجال الرياضة، فإنه يوجد بالفعل قانون عام ٢٠٠٧م، وهو قانون ضد العنف والعنصرية وكراهية الأجانب وعدم التسامح في ساحات الرياضة. ولكن وفقًا لما يشير إليه "موسكوسو" فإنه لا يزال هناك فرق كبير بين وجود القوانين وبين تطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع. ففي حالة اللاعب "فينيسيوس جونيور"، على سبيل المثال، تم تقديم (١٠) بلاغات خلال عامين، لكنها لم تسفر عن أي شيء، كما حدث في مواقف أخرى مشابهة. وفي بعض الحالات نجد أن الاتجاه هو إلقاء اللوم على اللاعب، والقول بأنه هو الذي يقوم باستفزاز الجماهير، والحال يشبه حال من يقوم باغتصاب امرأة ثم يلقي اللوم عليها هي. وهنا تكون المشكلة أكثر خطورة.

من جهته يؤكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن العنصرية داءٌ لعينٌ، يعصف بأمن المجتمعات واستقرارها، ويهدد التنمية، ويبدِّد طموحات الشعوب في العيش في سلام، كما تؤثر بشكل كبير على خطط التكافل بين الدول والمجتمعات من حيث استقبال لاجئين ومهاجرين وإدماجهم في المجتمع، وبدلًا من إذكاء روح الكراهية والعنصرية والتمييز، ينادي المرصد بتعزيز روح التعايش السلمي والتسامح والاندماج وقبول الآخر والعمل على جعل الأرضية المشتركة أساس التعامل بين البشر، تلك الأرضية التي تتمثل في كون البشر جميعًا إخوة في الإنسانية بغض النظر عن اللون أو العرق أو الجنس أو القبيلة أو أي توصيف من شأنه تقسيم المجتمعات وتفتيت الشعوب. ويجدد المرصد دعوته لكافة الأطراف المعنية بتحمل مسئولياتهم نحو نبذ خطاب الكراهية، وتبني خطابًا قائمًا على التسامح وقبول الآخر وإعلاء قيمة الإنسانية.

المصادر:

موقع بي بي سي إسباني، مقال بعنوان: "هل العنصرية بالفعل كبيرة في إسبانيا؟"، منشور بتاريخ ٢٥ مايو ٢٠٢٣م، عبر الرابط: https://www.bbc.com/mundo/noticias-internacional-65703703  تاريخ آخر دخول: ٢٦/٦/٢٠٢٣م.

وحدة البحوث والدراسات

طباعة