تنمية قيمة المواطنة في نفوس الأبناء والشباب

  • | الأحد, 6 أغسطس, 2023
تنمية قيمة المواطنة في نفوس الأبناء والشباب

     لا يمل الإنسان من الحديث حول الانتماء للوطن باعتباره جزءًا من شخصيته، ولن تتحقق المشاركة الإيجابية، والفعالة - في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية - بين أبناء الوطن الواحد إلا من خلال إكسابهم قيمة المواطنة منذ نعومة أظفارهم.

وتنمية قيمة المواطنة تبدأ من الأسرة، التي تعد الأساس الأول في إيجاد المواطن الصالح، ويمكنها أن تلعب دورًا مهمًّا في تحقيق هذا الهدف؛ وذلك لما للآباء والأمهات من قدرة على التأثير على الأبناء، وتعلم المهارات اللازمة لشئون الحياة، والاستعداد لتحمل المسئولية، حيث يتأثر الأبناء بقيم الآباء، وباهتماماتهم.

ويتلخص دور الأسرة في توجيه سلوك الأبناء إلى ما فيه الخير نحو أنفسهم، ومجتمعاتهم، وأوطانهم، حيث تظهر سلوكًا حضاريًّا في تعاملهم مع الغير، وتهيئتهم للعمل على ما فيه الصالح العام.

ويمكن للأسرة القيام ببعض الأنشطة التي يمكن من خلالها تعزيز قيمة المواطنة؛ مثل: تعويد الأبناء على ممارسة الانضباط وحب النظام واحترامه، وكذلك الحديث معهم عن المفاهيم الأساسية للمواطنة، مثل: الحقوق، والواجبات، والمشاركة مع جيرانهم، وزملائهم، مرورًا بتعزيز القيم الأخلاقية، والدينية التي تعزز التعايش السلمي، والاحترام المتبادل، وتشجيع الأبناء على الالتزام بهذه القيم، وتعريفهم بأهمية حرية الآخرين، وأن الاعتداء على الحرية يمثل اعتداء على الإنسانية.

ومن بين هذه الأنشطة تشجيع الأبناء على المشاركة في الأنشطة داخل النوادي، والمدارس، والقيام ببعض الأعمال التطوعية، وإشعارهم بقيمتهم في المساهمة ببناء المجتمع. وكذلك العمل على توفير الفرص للأبناء كي يتعرفوا على الزعماء السياسيين، ورجال العلم، والمبدعين، ودور القوات المسلحة في حماية البلاد، والحفاظ على  أمنها، واستقرارها.

ويدخل في هذه النقطة أيضًا تنشئة الأبناء على الاحترام، والتقدير للتنوع الثقافي، والاجتماعي، والديني، وتعليمهم كيفية التعامل مع الآخرين بطريقة إيجابية، ومحترمة، وكذلك تشجيعهم على الاهتمام بالبيئة، وحمايتها، وتعليمهم كيفية الاعتناء بالموارد الطبيعية، والحفاظ على البيئة، وغرس روح الاهتمام بالوقت، واستثماره في المجالات النافعة.

ويأتي دور التربويين بعد دور الأسرة؛ إذ يمكن للتربويين تحقيق هذه الأهداف من خلال العديد من الطرق، وذلك من خلال توفير برامج تعليمية داخل المدارس، والمعاهد والجامعات، والتي من شأنها أن تنمي قيمة المواطنة، من خلال تشجيع التفكير النقدي، وتطوير المهارات اللازمة للمشاركة الفعالة في الحياة العامة، وتنظيم ورش عمل، وندوات، وفعاليات تعزز الوعي بالمواضيع المتعلقة بالمواطنة، وحقوق الإنسان،  وتنظيم نشاطات تربوية تهدف إلى تعزيز القيم الأخلاقية، والدينية، كالأناشيد، والمسرحيات، والأنشطة اليومية في الصفوف، والتي من شأنها تعزيز التعايش السلمي، والاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع، وتنظيم زيارات ميدانية للطلاب إلى المتاحف، والمؤسسات، والمنظمات التي تهتم بشؤون المواطنة، والديمقراطية، والتي من خلالها يمكن التعرف على منجزات الكثير من السياسيين، والعلماء، والمبدعين حتى يكونوا قدوة لهؤلاء الطلاب.

  وكذلك بث روح القوة، والوحدة داخل هؤلاء الطلبة، والشباب، والتأكيد على أن الوحدة الوطنية من أقوى الأسلحة الدفاعية، والهجومية أمام كل التحديات التي تواجه البلاد، والتي تبدأ من احترام القوانين المنظمة لشؤون الوطن، واحترام القيادة السياسية، والمحافظة على الممتلكات العامة والخاصة، وغرس مفاهيم الأمانة والإخلاص للوطن، حتى يتكون لدى الطلاب رقابة ذاتية، أو ضمير من شأنه أن يشعر بالمسئولية تجاه وطنه.

ويرى مرصد الأزهر أنه من المكن أن تساهم جميع هذه الإجراءات في تعزيز قيمة المواطنة لدى الطلاب، وتحفيزهم على المشاركة الفعالة في بناء المجتمع، وتحقيق الصالح العام، ومن شأنه أن يجعل الشباب يحبون أوطانهم، ويتفانون في خدمتها، ويضحون بأنفسهم في سبيل وطنهم.

وأن هذا الأمر يحتاج إلى تضافر الجهود باعتباره شيئًا يجب أن يشارك فيه الأسرة، والمدرسة والمجتمع، ويتطلب كذلك التعاون، والتنسيق بين الجميع؛ حيث إن هذه القيمة تكون أكثر ثباتًا، وتشكل سلوكه إذا روعيت في سن مبكرة، وأنه من المهم ألا يتوقف تعليم الطلاب لقيم المواطنة عند مرحلة عمرية محددة؛ بل لا بد وأن تصاحب الأبناء على اختلاف مستوياتهم، وكذلك يجب عمل دورات تدريبية من قبل المسئولين لكل المربين، ولأولياء الأمور، لتقديم المساعدة في هذا الأمر.

 

وحدة رصد اللغة العربية

 

 

طباعة