الإرهاب والبيئة.. المخاطر والمواجهة

  • | الثلاثاء, 29 أغسطس, 2023
الإرهاب والبيئة.. المخاطر والمواجهة

تتعدد أشكال الإرهاب فلا تقتصر على استخدام السلاح، وفرض الرأي بالقوة ضد المخالفين، كما لا يقف عند حدود العمليات الإجرامية التي تنفذها تنظيمات، ومجموعات تتبع فكرًا متطرفًا، وسلوكًا منحرفًا تشمل التفجيرات، أو الاغتيالات، أو الاختطاف، أو تخريب الممتلكات العامة والخاصة على السواء، ووفقًا لما ذكرته (سحر حافظ ، 2005) تحدد مجموعة من العوامل والأهداف والأيديولوجيات والأساليب، أنواع وصور الإرهاب لا سيما ذاك الذي يرتدي عباءة الدين (وهو منه براء) باعتباره الأكثر شيوعًا. ويمكن إجمالها على النحو التالي:

1- الإرهاب الناتج عن تطرف فكري بدعوى إقامة الدين: ويتضمن استخدام العنف أو التهديد بالعنف بغية تحقيق أهداف منسوبة لأغراض دينية – وما هي من الدين في شيء، تخدم سياسات وأهداف تنظيمات بعينها في محاولة لفرض أفكارها، وأيديولوجيتها بالقوة، واستخدام العنف بدعوى نصرة الدين، أو تطبيق الشريعة.

2- الإرهاب السياسي: ومن خلاله يتم استخدم العنف، أو التهديد بالعنف لتحقيق مكاسب، وأهداف سياسية، ويتخذ الإرهاب السياسي عدة أشكال حيث يمكن أن يتضمن هجمات على أنظمة وحكومات، أو مؤسسات حكومية، أو مواطنين؛ وذلك بهدف تنفيذ مخططات، ومطالب سياسية، أو ممارسة الضغط على حكومات بعينها لتغيير قوانين، أو تغيير سياسات.

3- الإرهاب النفسي: ويستهدف مهاجمة معنويات الفرد، وزعزعة أمنه النفسي، عبر خلق حالة من الخوف، والرعب عن طريق الهجمات الصغيرة، والاعتداءات التي تستهدف الأفراد العاديين.

4- الإرهاب الاقتصادي: ويستهدف ضرب البنية الاقتصادية والتجارية من أجل تحقيق أهداف معينة، مثل الضغط على الحكومات، أو المؤسسات لتنفيذ تغييرات معينة تخدم مصالح أفراد، أو دول أخرى من خلال الضغط، والابتزاز الاقتصادي، كما يتضمن هذا الشكل من الإرهاب تهديد المستقبل، والأمان المالي للفرد، أو للمؤسسات.

5- الإرهاب العرقي والقومي: ويستند إلى العنصرية، والتفرقة بين الأعراق والثقافات، ويهدف إلى تحقيق مكاسب للمجموعة العرقية، أو القومية التي تمتلك القوة والنفوذ، بهدف فرض السيطرة على المجموعات الأخرى والتحكم في مصائرها.

6- الإرهاب الرقمي: ويشمل الهجمات السيبرانية، واختراق المواقع الإلكترونية لتعطيل الأنظمة، ونشر الأفكار المتطرفة عبر الإنترنت، وشن هجمات ابتزاز لضحايا هذا النوع من الإرهاب.

7- الإرهاب البيئي: ويستهدف تدمير الموارد الطبيعية والبيئية؛ بهدف تحقيق أهداف بيئية، أو سياسية. والإرهاب البيئي هو مصطلح يستخدم لوصف سلوك، أو مواقف متطرفة فيما يتعلق بالقضايا البيئية، واستخدام العنف، أو العمليات غير القانونية في سبيل تحقيق أهداف بيئية، أو إثارة تغييرات في سياسات البيئة من خلال القوة، والتهديد.

كما أشارت (خديجة بركاني، 2019) إلى أنّ للإرهاب البيئي أشكالًا، وصور ًا مختلفة منها:

التلويث والتدمير البيئي: قد يستخدم الإرهابيون الأعمال العنيفة للتسبب في التلوث، أو التدمير المتعمد للبيئة، سواء عن طريق تسريب مواد كيميائية خطرة، أو تخريب موارد طبيعية مهمة بشكل متعمَّد.

تخريب البنية التحتية: يمكن أن يستهدف الإرهاب البيئي البنية التحتية المرتبطة بالبيئة مثل محطات توليد الطاقة ومحطات معالجة المياه، مما يتسبب في تأثيرات سلبية على البيئة والمجتمع.

تهديد الأمن الغذائي: ومن خلاله يمكن أن يستخدم الإرهابيون أساليب مثل تخريب المزارع، أو تعطيل نشاطات الصيد لتهديد الأمن الغذائي، وتحقيق أهداف اقتصادية عن طريق الاحتكار، أو حتى سياسية من خلال توجيه الرأي العام نحو نظام بعينه، أو إحداث فتنة.

التأثير على الاقتصاد والبنية الاقتصادية: من خلال تدمير الممتلكات الاقتصادية المرتبطة بالبيئة، حيث يمكن للإرهابيين أن يسببوا أضرارًا جسيمة للاقتصادات المحلية والوطنية سواء من خلال إفساد المناخ الاقتصادي والاستثماري أو إشاعة حالة من الهلع في السوق المحلي وتهديد السلام الداخلي.

التأثير على القرارات السياسية: قد يهدف الإرهاب البيئي إلى إجبار الحكومات، أو المؤسسات على تبني سياسات بيئية معينة، أو تحقيق مطالب بيئية ليس بداعي خدمة البيئة ذاتها، ولكن بهدف توجيه النظام الحاكم، وصناع القرار نحو قرارات، وسياسات غير مدروسة.

وختامًا، نعرض مجموعة من الخطوات، والإجراءات التي يمكن اتخاذها للوقاية، والحد من الإرهاب البيئي، ومن هذه التوصيات:

وضع تشريعات وقوانين صارمة: تستهدف مكافحة الإرهاب البيئي، وحماية البيئة، والممتلكات البيئية من الاعتداءات.

تعزيز الرصد والمراقبة: من خلال تطوير نظم فعالة للرصد، والمراقبة تتيح تحديد أي نشاطات مشبوهة، أو تهديدات بيئية، واتخاذ إجراءات مبكرة.

تعزيز ورفع درجة الوعي العام: وتقوم على توعية المجتمعات بمخاطر الإرهاب البيئي، وكيفية التعامل معها، من خلال حملات توعية وتثقيف.

تقوية الحماية البيئية: عن طريق تعزيز الإجراءات الأمنية، والتقنيات الحديثة لحماية المرافق، والممتلكات البيئية المهمة.

التعاون الدولي: حيث يتضمن تعزيز التعاون بين الدول لمكافحة الإرهاب البيئي من خلال مشاركة المعلومات، وتبادل الخبرات، وتطوير إستراتيجيات مشتركة بين مختلف دول العالم لمواجهة خطر الإرهاب، والحد من تأثيراته على البيئة.

تطوير البحث العلمي: حيث يسهم دعم البحث العلمي والتطوير في التوصل لآليات، وتقنيات جديدة، وفعالة للكشف المبكر، والوقاية؛ بهدف مكافحة الإرهاب البيئي.

تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص: حيث يضمن تعزيز التعاون بين الحكومات، والشركات الخاصة، والمنظمات غير الحكومية تعزيز الجهود المشتركة في مكافحة الإرهاب البيئي.

تطوير إستراتيجيات مستدامة: من خلال تعزيز استخدام الممارسات البيئية المستدامة، والتحول نحو اقتصاد أخضر يقلل من تأثير الأنشطة البشرية على البيئة، وبالتالي يقلل من تداعيات الإرهاب البيئي، وآثاره.

تعزيز التعليم والتوعية البيئية: من خلال تشجيع التعليم، ورفع الوعي بالقضايا البيئية، وأهميتها للمجتمع بما يسهم في خفض الاستجابة للمشاركة في الأنشطة الإرهابية المرتبطة بالبيئة.

إن الإرهاب بكل صوره وأشكاله داء خبيث، وظاهرة خطيرة تضرب المجتمعات، والشعوب، وتستهدف أمنها، واستقرارها، ولا يتوقف خطر الإرهاب عند الإرهاب بصورته التقليدية، وشكله المعهود عنه، بل إن أي نشاط يهدّد الأمن، ويتجنى على الطبيعة، والحياة الهادئة الآمنة التي يحلم بها كل إنسان إنما هو إرهاب، وإجرام يوجب على مرتكبه العقاب بقوة القانون في الدنيا، فضلًا عن مصيره في الآخرة. كذلك، لا يمكن بحال من الأحوال أن نفصل بين الدفاع عن الإنسان، والدفاع عن البيئة التي يعيش فيها، وينعم بخيرها، فما كان لإنسان أن يحيا آمنًا مطمئنًا دون أن يجد أرضًا يعيش عليها، ويتنقل بين دروبها، وسماءً يستظل بها، ومياهًا تقيم حياته ونباتًا يقتات منه.

 

وحدة البحوث والدراسات

 

قائمة المراجع

بركانى، خديجة (2019). الإرهاب البيئي والارهاب الإيكولوجي: أوجه الشبه والاختلاف. مجلة آفاق للعلوم، ع (15)، ص ص 273 – 281.

حافظ، سحر مصطفى (2005). جرائم الإرهاب البيئي: منظور عالمي ومحلي. المجلة الجنائية القومية، مج ( 48)، ع (3)، ص ص 65 – 93.

 

طباعة