في اليوم الدولي للسلام.. مرصد الأزهر: لا نحتاج إلى ٢٤ ساعة من اللا عنف ووقف إطلاق النار بل نحن في أمسّ الحاجة إلى تعزيز المسؤولية الأخلاقية لإحلال السلام الدائم في العالم

  • | الأربعاء, 20 سبتمبر, 2023
في اليوم الدولي للسلام.. مرصد الأزهر: لا نحتاج إلى ٢٤ ساعة من اللا عنف ووقف إطلاق النار بل نحن في أمسّ الحاجة إلى تعزيز المسؤولية الأخلاقية لإحلال السلام الدائم في العالم

المرصد: تراجع حصص المساعدات الإنسانية المقدمة للاجئين يؤدي إلى زيادة عبء الدول الفقيرة المستضيفة

المرصد: ارتفاع أعداد اللاجئين والنازحين بنهاية مايو ٢٠٢٣ إلى ١١٠ ملايين شخص يكشف عن تغليب البعض للصراعات على الحلول السلمية ما ينذر بمزيد من الفارين من أوطانهم

 

     "كنا نعتقدُ، بل ننتظرُ من العقود الأولى من الألفيَّة الثالثة أن تحمل من تحضُّرِ الإنسانية وتراحُمها وتعارفها بمقدار ما حملته من تقدُّمٍ مُذهلٍ وقفزات مُدهشة في مجالاتِ التقدُّم العلمي والصناعي والحضاري المادي، إلَّا أنَّ الواقعَ الأليم أثبت أنَّ هذا التَّقدُّم لم يُواكبه -مع الأسف- تقدُّم مُوازٍ في مجال المسؤولية الأخلاقية، والإصغاء لنداء الضَّمير والالتزام بالفِطْرَة الإلهيَّة التي فَطَرَ الله الناس عليها.." بهذه الكلمات التي ألقاها فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، خلال مشاركته في اللقاء الدولي من أجل السلام بألمانيا، عبر عن حال العالم اليوم في ظل الصراعات والحروب التي تضرب جذور عدد من دوله والخاسر الأكبر منها هو الإنسانية العالمية.

في الـ ٢١ من سبتمبر يحتفل العالم سنويًّا بـ اليوم الدولي للسلام، إذ يعلن عن ٢٤ ساعة من اللا عنف ووقف إطلاق النار في مسعى لتعزيز جهود إقرار السلام، إلا أن الواقع يحدثنا عن حاجتنا الماسة إلى أيام وشهور وسنوات طوال من وقف إطلاق النار بدلًا من ٢٤ ساعة يتجدد بعدها العنف والحرب، وهو ما يؤكده خطاب شيخ الأزهر من حاجة العالم إلى تقدُّم مُوازٍ في مجال المسؤولية الأخلاقية، لأنه دون هذه المسؤولية يسير الإنسان وراء غاياته التي قد تتجاوز الضمائر ويطغى عليها صوت المصلحة لا صوت العقل.

في هذا اليوم من العام الذي أقرته الأمم المتحدة علينا مخاطبة الجميع للسعي الحثيث من أجل إقرار السلام الفعلي في العالم وبذل المزيد من الجهود للحد من التطرف الفكري الذي يقود إلى سفك الدماء وأعمال العنف التي نشهدها حاليًّا في عدد من الدول في إفريقيا وآسيا.. وغير ذلك من مناطق.

فالتطرف لم يعد وجهًا واحدًا بل بات العديد من الوجوه التي نصادفها اليوم وتمثل خطرًا حقيقيًّا على استمرارية الإنسانية واستقرار العالم بعيدًا عن الاضطرابات والصراعات التي لا ينتج عنها سوى الخراب والتشتت وملايين اللاجئين.

ويكفينا أن نشير إلى ارتفاع أعداد الأشخاص الذين شردهم العنف والحروب والاضطهاد بنهاية مايو ٢٠٢٣ إلى رقم قياسي -وفق بيانات الأمم المتحدة- ، إذ سجل ١١٠ ملايين شخص. وهو ما قال عنه المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي: "توضح لنا هذه الأرقام أن بعض الجهات تهرع نحو الصراعات وتتباطؤ للغاية في البحث عن الحلول، مما يؤدي إلى حدوث دمار ونزوح ومعاناة لملايين الأشخاص الذين اقتلعوا من ديارهم".

ويلفت مرصد الأزهر لمكافحة التطرف إلى أن هذه الأرقام المتصاعدة في أعداد اللاجئين والنازحين يتزامن معها تراجع ملحوظ في المساعدات الإنسانية، حيث أعلن مؤخرًا عن تراجع حصص المساعدات الإنسانية المقدمة للاجئي الروهينجا في مخيمات بنجلاديش، الأمر الذي يؤدي إلى وقوع العبء الأكبر من المسؤولية عن هؤلاء اللاجئين على الدول الفقيرة المستضيفة ما يفاقم من سوء الأوضاع الإنسانية والاقتصادية بها.

ويضيف المرصد أن اليوم الدولي للسلام يأتي في وقت يقترب فيه احتفال ملايين المسلمين حول العالم بمولد سيد الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي عمل على إرساء السلام قولًا وفعلًا، فقد حث على إفشاء السلام واعتبر ذلك من دوافع العزة والرفعة والمسالمة بين الناس، ويعزز الطمأنينة في الأرض والديار.

وإذا نظرنا إلى تحية الإسلام نجدها تبدأ بـ "السلام" وفي هذا إقرار بأهميته للناس، فالسلام هو شعار الإسلام الذي لا يتجزأ بل يشمل مناحي الحياة الدينية والاجتماعية والأخلاقية والسياسية كافة ... إلى غير ذلك، فالسلام متجذر في كل فعل حث عليه رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- .

ويتجلى ذلك فيما أقرته الشريعة الإسلامية والسنة في المنازعات والحث على اعتماد مبدأ التسوية السلمية بما يحفظ الحقوق والأوطان، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} البقرة: ٢٠٨.

طباعة
كلمات دالة: