ردود أفعال إسبانية مناهضة لقرار حظر العباءة في المدارس بفرنسا

  • | الإثنين, 2 أكتوبر, 2023
ردود أفعال إسبانية مناهضة لقرار حظر العباءة في المدارس بفرنسا

أثار قرار الحكومة الفرنسية، والذي صدر مؤخرًا بحظر ارتداء العباءة، والثياب العربية التقليدية في المدارس، حالة من الجدل وسط اتهامات بالعنصرية، وتهميش المسلمين في البلاد. وكانت الحكومة الفرنسية قد بدأت منذ عام ٢٠٠٤م بفرض قيود على الملابس الإسلامية في المدارس، بدءًا من حظر الحجاب، وصولًا إلى حظر العباءة في آخر قراراتها. وفي هذا الصدد أشارت صحيفة "إل كوريو" الإسبانية، في ٧ سبتمبر ٢٠٢٣م، إلى أن هذا القرار قد أثار حالة من الاستياء، والاستنكار بين أوساط المسلمين؛ وذلك لما فيه من طابع تمييزي ضد الهوية الدينية للمسلمين.

وفي إسبانيا، انتقدت الدكتورة "إيلينا أريخيتا" المتخصصة في الدراسات الإسلامية بجامعة غرناطة، هذا القرار ووصفته بأنه "عنصري وإقصائي"؛ نظرًا لاستبعاده قطاعًا كبيرًا من المسلمين في فرنسا. وأعربت عن اعتقادها بأن هذا القرار يأتي في إطار سياسات الأحزاب اليمينية المتطرفة، والتي تهدف إلى توطيد إقصاء البعض في فرنسا وتهميشهم، وأن هذا القرار قد يزيد من حدَّة التوترات الاجتماعية في فرنسا، حيثُ تعاني البلاد بالفعل من مشكلات في التعايش بين الثقافات، والهويات المختلفة.

وأوضحت "أريخيتا" أن هذه الخطوة تنُمُّ عن عنصرية متأصلة؛ لأنها تستبعد شريحة كبيرة من المجتمع تعاني في الأساس من التهميش. ولاحظت أن مثل هذه القرارات غالبًا ما تُطرح في أوقات الأزمات، وموجات العنف، مشيرة إلى أن البعض يُحمِّل الإسلام مسؤولية هذه المشاكل؛ في حين أن المشكلة الحقيقية تكمن في السياسات المتشددة ضد الآخر، والتي تستبعد أيَّ تنوع في المدارس، وتفرض نمطًا واحدًا يتجاوز الملابس، ويمتد لاستبعاد بعض فئات المجتمع. وربطت "أريخيتا" بين هذه الظاهرة، وتصاعد خطاب اليمين المتطرف في فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية، مشدِّدة على أن ما يحدث هو محاولة لتكريس إقصاء بعض فئات المجتمع تحت شعارات مضللة.

ومن وجهة نظرها، يمكن أن يُفهم الحجاب، على سبيل المثال، بطرق ثقافية متعددة وبالتالي لا يقتصر على كونه رمزًا دينيًّا. وقد أشارت إلى أن هذه الظاهرة مرتبطة في فرنسا وعدد من الدول الأخرى بظهور اليمين المتطرف في المؤسسات، وخطابه المعادي للأجانب بشكل واسع.

كما عبَّرت "باربرا رويث بيخارانو"، الأستاذة في جامعة أليكانتي، وعضو الرابطة الإسلامية في إسبانيا، عن استيائها من حظر الحجاب، حيث تعد ذلك انتهاكًا لحرية الاعتقاد، والتي هي حقٌّ معترف به في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأضافت "بيخارانو" أن العباءة رغم أنها تمثل رمزًا دينيًّا في الأساس، فإن البعض يرى أنها مجرد زي تقليدي لا يحمل أيَّ طابع إسلامي. إضافة إلى ذلك، أشارت "بيخارانو" إلى أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى حدوث تأثير عكسي، ما يؤدي في النهاية إلى تمسُّك الأفراد بارتداء هذه العباءة كنوع من الحفاظ على هويتهم العربية والإسلامية.

وأكَّدت "بيخارانو" أن الفشل الأساسي في فرنسا يكمن في سياستها في دمج بعض فئات المجتمع. وبالرغم من دفاع "بيخارانو" عن مفهوم العلمانية للدولة، فإنها ترفض الطريقة التي تنتهجها الحكومة الفرنسية في تفسير هذا المفهوم، والقرارات المتخذة في طياته، وتحت مظلته. كما شدَّدت على أن الدولة يجب أن تكون مُحايدة، موضحة أنه يجب أن تحترم القرارات التي تكفل التنوع الديني والثقافي لأفراد المجتمع، وتتيح ممارسة شعائرهم الدينية، وتضمن حقهم في الاعتقاد، وحرية التعبير عن الرأي دون ترهيب، أو تقييد.

وفي هذا السياق يوضح مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن هذا القرار يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التوترات الاجتماعية، وزيادة الانقسامات داخل المجتمع الفرنسي. ويأمل المرصد أن تكون الحلول المتبعة للقضايا الثقافية والدينية في المجتمعات مفتوحة وشاملة، وتُشجع على الحوار والتفاهم المتبادل، وتعزز التعايش السلمي بين الثقافات المختلفة. ويدعو مرصد الأزهر إلى ضرورة أن تعمل الحكومات والمؤسسات التعليمية على تعزيز الحوار، والتفاهم الثقافي، والديني بين الطلاب من مختلف الثقافات والأديان، وأن تكون المدارس مكانًا للتعلم، والتعايش السلمي، واحترام التنوع والاختلاف، وتعزيز قيم التسامح، والمحبة، والاحترام المتبادل.

وحدة رصد اللغة الإسبانية

طباعة