وشهد شاهد من أهلها

  • | الخميس, 31 مارس, 2016
وشهد شاهد من أهلها

إن التنظيم الوحشي الذي يقوده بعض العقول المريضة هو بطبيعة الحال بعيد عن أن يفي بالفهم الإسلامي الصحيح بخصوص كيف يجب أن تبدو الخلافة، ولكنه يثير أيضًا الطموح مع صدى قوي ومتزايد في العالم الإسلامي، إن فكرة الجهاد وأن تكون جزءًا من الخلافة العالمية حلم صار يراود العديد من الشباب، وخاصة  في المناطق التي ينشط فيها الجهاديون الرافضون  لمبادئ الديمقراطية والداعون لتطبيق الشريعة الإسلامية كمبدأ بديل، ورغم أن أعداد  المنضمين إلى داعش من الهند ليست بالأعداد الكبيرة، ولكن دعوات داعش المتكررة بشن هجمات على الهند أدت إلى رفع حالة الطوارئ القصوى في البلاد، والوقوف على أسباب إقدام  بعض الشباب الهندي المسلم للانضمام الى داعش.
يحاول هذا التنظيم  الإرهابي أن يستفيد من كل الفرص المتاحة حتى يستقطب أعضاءً جددًا مستغلاً الفراغ النفسي والثقافي لضحاياه فيعِد الشباب بأن يعيشوا في ظل دولته المزعومة حلمًا جميلاً ما يلبث أن يتحطم فور وقوعه بين مخالب هذا التنظيم،  ويتحول هذا الحلم الجميل إلى كابوس مخيف ومأساة  مقززة  تقتل ماضيهم وحاضرهم، وليس هناك دليل أقوى على جرائم هذا التنظيم الوحشي من شهادات العائدين من أرض الشيطان؛ حيث يوجد داعش، كما أن محاربة هذا التنظيم وفضحه سيكون أسرع وأقوى إذا جاءت على لسان أهله من منطلق "وشهد شاهد من أهلها"  .
لقد انفردت صحيفة " اكسبريس نيوز الهندية " بنشر تقرير الاستجواب مع الشاب الهندي المنضم إلى داعش الذي عاد إلى الهند، "أريب مجيب" هو أول المنضمين  إلى التنظيم من منطقة كليانا بالهند.
 سافر أريب مجيب ومعه ثلاثة من أصدقائه من كليان إلى العراق من أجل الانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي، وكان أريب مجيب هو الوحيد الذي تمكن من العودة إلى الهند، وتم القبض عليه والتحقيق معه وهو الآن قيد الحبس بأحد سجون مومباي.
يكشف تقرير الاستجواب المكون من 76 صفحة عن الأسباب التي أدت إلى تطرفه وإلى التفكير في الانضمام إلى داعش ومن أهم هذه الأسباب:-
-     تأثره بكلام بعض الشيوخ المسلمين المتطرفين.
-    التطبيقات الإسلامية التي كان يُحمِّلها على هاتفه والتي أتاحت له الحصول على الكثير من الكتب الإلكترونية التي تتناول بعض الأفكار المتطرفة.
-    مواقع التواصل الاجتماعي التي يسرت له التواصل مع عناصر تنظيم داعش، ورسخت أفكارهم لديه.
أما عن مرحلة الانضمام فقد جاءت بعد أن قام "أريب مجيب"  بالتواصل مع بعض أتباع داعش ما يقرب من شهر، وتمكنوا خلال هذه الفترة إلى إقناعه بالانضمام إلى التنظيم وأعطوا له رقم أحد الأفراد يدعى "أبو علي" وطلبوا منه أن لا يقوم بالتواصل معه لحين أن يصل إلى "الموصل" وهناك سيتولى هو أمر تجنيده في داعش.
ذهب "أريب مجيب" إلى السعودية بحجة السفر لأداء فريضة الحج ومن هناك سافر إلى العراق وانضم إلى تنظيم داعش الإرهابي.
أما عن الأسباب التي دفعته إلى التخلي عن هذا التنظيم ومحاولة الفرار منه بحسب ما  قاله "مجيب" ونشرته وكالة "برس تراست أوف اينديا"، أنه لم يجد أي شيء مما كانت تزعم وتروج له داعش؛ فقد قام من التقى بهم من المتطرفين بتكليفه بمهام وضيعة مثل تنظيف الحمامات وقضاء طلبات المجندين والمقاتلين ولم يسمح له المشاركة في المعارك وتعرض لإهمال شديد عندما أُصيب بطلق ناري كاد أن يودي بحياته فلم يعتني به أحد ولم يُظهر أحد منهم أدنى مظاهر الرحمة التي يجب أن يتسم به أي مسلم حق يسعى لتطبيق الشريعة كما يدعي هؤلاء، وكانت هذه هي القشة التي قسمت ظهر البعير و قرر العودة إلى دياره.
هذه هى حكاية " أريب مجيب" وهناك غيره الكثيرون ممن نجحوا في الفرار من جحيم داعش بعد أن عرفوا حقيقتها المرة، وأنها أبعد ما تكون عن الإسلام الصحيح وتعاليمه السمحة، وتؤكد لنا بما لا يقبل شكًّا صحة المقولة الشهيرة "ليس من رأى كمن سمع!"، فهذه الشهادات هي توثيق صادق لما يجري على أرض الواقع داخل التنظيم، كما أن مثل هذه الشهادات ترفع من رصيد التصديق والقبول لما كانت تؤكد عليه المؤسسات الإسلامية الرسمية من زيغ هذه الجماعات، وبالتالي حتى من لم يكن يصدق بها من قبل، فسيصدق الآن.

 

 

طباعة
الأبواب: قضــايا أخرى
كلمات دالة: مرصد الأزهر