القضية الفلسطينية بين دعم اللاعبين والجماهير.. ورفض إدارات الأندية الأوروبية ‏

  • | الأحد, 12 نوفمبر, 2023
القضية الفلسطينية بين دعم اللاعبين والجماهير.. ورفض إدارات الأندية الأوروبية ‏

تعد كرة القدم رياضة عالمية ذات تأثير كبير في دعم القضايا الاجتماعية والسياسية. وفي تاريخها لعبت كرة القدم دورًا مهمًّا في دعم الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل الحرية والعدالة، وخلال الأحداث الأخيرة والقصف المتواصل على غزة من جانب قوات الاحتلال الصهيوني، دأب اللاعبون العرب والأوروبيون وجمهور الأندية في أنحاء العالم على دعم الشعب الفلسطيني من خلال الفعاليات والمباريات الخاصة التي تهدف إلى جمع التبرعات، ونشر الوعي بالقضية الفلسطينية.

 

وإذا كان من الطبيعي أن يدعم نجوم الرياضة العرب والمسلمون القضية الفلسطينية بحكم انتمائهم الديني، أو مشاعرهم تجاه القدس، فإن الدعم الذي يأتي من نجوم كرة القدم غير المسلمين، أو الجمهور يكون اختياريًّا؛ لأن نجم كرة القدم العالمي غير المسلم أو العربي، يكون دعمه نابعًا من صدقه، وإيمانه بحق الشعب الفلسطيني في العيش في سلام.

 

دعم الجمهور:

بفضل شعبية اللعبة والمدرجات الممتلئة، يمكن لجمهور كرة القدم أن يلفت الانتباه إلى الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، ويعمل على تعزيز الضغط الدولي لتحقيق العدالة والسلام في المنطقة، وفي إسبانيا، سلطت جريدة ‏"بينتي مينوتوس" الإسبانية، الضوء على إظهار جماهير نادي أوساسونا الإسباني، دعمها لفلسطين وغزة خلال مباراة فريقها أمام غرناطة في افتتاحية الجولة العاشرة من منافسات الدوري الإسباني.

 

 وحرصت جماهير أوساسونا، على دعم الفلسطينيين من خلال رفع علم بلادهم في مدرجات ملعب "أل سادار" لدعم ضحايا الهجوم الغاشم لقوات الاحتلال بوصف ذلك نوعًا من الدعم للفلسطينيين وأهل غزة، ضد ما يتعرضون له من قصف وغارات من جيش الاحتلال، وعلى الرغم من إصدار رئيس رابطة الليجا "خافيير تيباس" قرارًا بمنع رفع الأعلام في مدرجات الملاعب، فإن الجماهير لم تلتزم بهذه التعليمات، وأظهرت تعاطفها مع غزة في المدرجات.

 

ومن الجدير بالذكر أن نادي غرناطة يضم بين صفوفه لاعبًا تابعًا للكيان الصهيوني، وهو المهاجم "شون فيسمان"، الذي تخلف عن السفر مع بعثة فريقه لمواجهة أوساسونا لدواع أمنية، وبحسب وسائل إعلام إسبانية، فإن اللاعب الصهيوني هو الوحيد في الدوري الإسباني الذي لم ينتقل مع بعثة غرناطة لمواجهة أوساسونا حسب توصيات من السلطات الأمنية.

وكان "فيسمان" قد نشر رسائل دعم للكيان الصهيوني على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد إعلان حركة المقاومة الفلسطينية إطلاق عملية "طوفان الأقصى" ضد الكيان، ما جعله عرضة للتوبيخ حتى من جانب بعض مشجعيه، كما رفعت جماهير فريق "ريال سوسييداد"، أعلام فلسطين في مدرجات ملعب "الأنويتا" خلال مباراة فريقها ضد نادي ريال مايوركا، وذلك ضمن منافسات الجولة ذاتها من مسابقة الدوري الإسباني لكرة القدم، في أعقاب عمليات القصف المتتالي لقوات الاحتلال على قطاع غزة. وبالمثل رفع جمهور "إشبيلية" لافتات دعم فلسطين في مدرجات ملعب رامون سانشيز بيزخوان.  

 

Image

 

ومن إنجلترا، وبعد فيديو اللاعب المصري محمد صلاح، الذي حصد ملايين المشاهدات عبر الشبكات الاجتماعية، وجهت جماهير ليفربول رسالة دعم للشعب الفلسطيني ، وذلك خلال لقاء فريقها ضد إيفرتون. وحرصت جماهير نادي ليفربول على دعم الشعب الفلسطيني وأهل غزة من خلال رفع أعلام فلسطين في مدرجات ملعب "أنفيلد"، ورفعت جماهير اليونايتد علم فلسطين في مدرجات ملعب شيفيلد يونايتد في اللقاء الأخير بينهما.

 

وفي تركيا رفعت جماهير جالطة سراي لافتة تقول: "إن لم تكن القدس حرة، فالعالم كلُّه سيبقى أسيرًا"..

 

وفي اسكتلندا، رفعت جماهير نادى سيلتك الاسكتلندي لافتات ضخمة في المدرجات خلال المباراة الأخيرة للفريق، وحملت عبارات الدعم لدولة فلسطين، مثل "الحرية لفلسطين". كما دعمت الإسبانية "ماريا غوارديولا" ابنة المدير الفني لمانشستر سيتي الإنجليزي بيب غوارديولا، الفلسطينيين، وقالت عبر إنستجرام: "إننا نشاهد شعبًا مظلومًا ومضطهدًا يواجه الإبادة على يد دولة نووية بدعم كامل من العالم الغربي. هذه ليست ولم تكن قط معركة متكافئة"، حسبما ذكرت صحيفة "لا راثون" الإسبانية.

 

  • دعم اللاعبين:

 

وفيما يخص الدعم المتواصل من اللاعبين المسلمين وغير المسلمين للقضية الفلسطينية على الرغم من صعوبة العواقب، وجه الفرنسي "جول كوندى" لاعب برشلونة الإسباني، رسالة لمتابعيه عبر حسابه الرسمي على موقع "إنستجرام" بخصوص القضية الفلسطينية: قائلًا: "رسالتي في الحياة هي أن أكون قائدًا وصوتًا لأكثر الناس اضطهادًا وتهميشًا في العالم، وأن أحارب الظلم، وأنا رفيق الشعب الفلسطيني، ومناضل ضد الفصل العنصري والإبادة الجماعية والاستعمار الاستيطاني".

 

ومن إسبانيا أيضًا ذكرت صحيفة الموندو الإسبانية أن اللاعب الدولي الفرنسي "كريم بنزيما" أعلن دعمه وتعاطفه مع القضية الفلسطينية عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي قائلًا: "كل صلاتنا لسكان غزة، الذين أصبحوا مرة أخرى ضحايا القصف الظالم، الذي لا يترك طفلًا أو امرأة". ونتيجة لهذا، خرجت بعض الأبواق الفرنسية لتعترض على إعلان اللاعب دعمه للقضية الفلسطينية وطالبت بتجريده من الجنسية الفرنسية، وتوقيع العقوبات عليه، وتجريده من الكرة الذهبية.

وكتب اللاعب الفرنسي "بول بوجبا": "العالم يحتاج إلى السلام والمحبة: صلوا من أجل فلسطين". كما نقلت صحيفة "الدياريو" الإسبانية، تصريحات الإسباني "هيكتور بيليرين" لاعب نادي ريال بتيس حيث أبدى دهشته من سياسة الكيل بمكيالين حيال الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني على الجانب الفلسطيني، قائلًا: "هذه عنصرية، لا يتحدث أحد عن الحرب في فلسطين، دائمًا ما كان الصمت هو السائد".

 

وفي تركيا، دعم "هاكان أرسلان" لاعب نادي سيفا سبور التركي، القضية الفلسطينية بلفتة رائعة بعدما رفع علم فلسطين على مقاعد بدلاء فريقه، ودعم الهولندي صاحب الأصول النيجيرية "أرناوت دنجوما" -مهاجم نادى إيفرتون الإنجليزي- القضية الفلسطينية عبر حسابه الشخصي بـ “تويتر"، مستشهدًا بآيات من القرآن الكريم: {وَمَا النَّصرُ إِلّا مِن عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيمٌ} [الأنفال: 10].

 

كما لم تقتصر عملية الدعم والتنديد بما يحدث في فلسطين فقط على اللاعبين الحاليين، بل امتدت أيضًا للاعبين المعتزلين؛ إذ شن نجم فرنسا السابق "باتريس إيفرا" ولاعب مانشستر يونايتد ويوفنتوس هجومًا شديدًا من خلال موقع إنستجرام، مهددًا بعدم استخدامه مرة أخرى بسبب اقتطاعهم لأجزاء من فيديو وصور على حسابه تدعم فلسطين والمدنيين في غزة، كما حرص أسطورة بايرن ميونيخ الألماني، فرانك ريبيرى، على دعم القضية الفلسطينية، حيث نشر عبر "انستجرام" صورة لعلم فلسطين، وعلق "الحرية لفلسطين".

 

في حين أكد الفرنسي المعتزل "إريك كانتونا" لاعب نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي، على دعمه للشعب الفلسطيني في رسالة قوية نشرها عبر "إنستجرام"، وتابع: "فلسطين حرة" تعني تحرير الفلسطينيين من الاحتلال الصهيوني الذي يسلبهم حقوقهم الإنسانية الأساسية منذ ٧٥ عامًا، وأن "فلسطين الحرة¨ تعني وقف حبس (٢,٣ مليون) فلسطيني في أكبر سجن مفتوح في العالم، نصفهم من الأطفال، وأن "فلسطين الحرة" تعني إنهاء الفصل العنصري الذي فرضته الحكومة الصهيونية. وأنهى النجم الفرنسي رسالته قائًلا: "فلسطين الحرة" تعني منح الفلسطينيين السيطرة على البنية التحتية الأساسية في أرضهم".

وقال لاعب إشبيلية السابق "فريديريك كانوتيه": "إن الفصل العنصري مستمر وإن الفلسطينيين يُطردون من منازلهم، ومعظم "القادة" متواطئون في صمتهم".

 

Image

 

وأدان اللاعب التركي "أردا توران" لاعب فريق برشلونة الإسباني السابق الغارات الصهيونية على المدنيين في غزة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "انستجرام"، قائلًا: "إن الكيان الصهيوني يقتل المدنيين والأطفال الأبرياء، ويجب على العالم كله أن يتحد، وأن يتحدث علنًا ضد هذا العمل الوحشي، أي شخص لا يتفاعل اليوم، سيكون مسئولًا، لا يمكن للبشرية أن تعيش مع هذا الألم، مع هذه الوحشية". ودعا الكيان الصهيوني إلى أن يتوقف عن هذه الجرائم ضد الإنسانية". كما قدم اللاعب الالماني "مسعود أوزيل" لاعب أرسنال وريال مدريد السابق الدعم للقضية الفلسطينية في رسالة عبر صفحته على موقع "إكس" كتب فيها "هل هناك سبب لقتل الأطفال الأبرياء؟! من فضلكم أوقفوا الحرب، أين الإنسانية؟"

 

ويأمل مرصد الأزهر أن يكون الدعم الذي يقدمه اللاعبون مستمرًّا وملموسًا، للمساهمة في تعزيز الوعي بالقضية الفلسطينية وزيادة الضغط الدولي لحماية حقوق الشعب الفلسطيني.

 

وعلى مستوى المؤسسات، وعلى عكس موقف رابطة الأندية الإسبانية، أصدرت رابطة الدوري الإنجليزي بيانًا بشأن ضحايا الحرب في فلسطين قالت فيه: "يشعر الدوري الإنجليزي الممتاز بالصدمة والحزن، بسبب الأزمة المتصاعدة حاليًا في غزة، ويدين بشدة أعمال العنف المروعة والوحشية ضد المدنيين الأبرياء، وستقدم الرابطة أيضًا تبرعًا للصليب الأحمر البريطاني لدعم جهود الإغاثة لمساعدة المنكوبين".

 

 

  • رفض الأندية الأوروبية دعم اللاعبين لفلسطين ومعاقبتهم:

من الملفت للنظر أنه بعد مواصلة الدعوات حول العالم لدعم الفلسطينيين؛ بسبب هجمات قوات الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة وقتل الآلاف من المدنيين، فإنَّ رد فعل الأندية الأوروبية أثار استياء الوسط الرياضي، ففي ألمانيا، أنهى نادى "ماينز" الألماني عقد لاعبه الهولندي "أنور الغازي" بعد تضامنه مع فلسطين ضد العدوان الغاشم من جانب قوات الاحتلال، وجاء ذلك بعد شهر واحد فقط من انضمامه للفريق في صفقة انتقال حر.

 

كما كشفت صحيفة "ماركا" الإسبانية أن الإعلام الألماني شن هجومًا على اللاعب المغربي "نصير مزراوي" لاعب بايرن ميونخ الألماني بعد أن أعلن دعمه للقضية الفلسطينية، إذ نشر مقطع "فيديو" على حسابه الرسمي على مواقع التواصل الاجتماعي، تمنى فيه انتصار الفلسطينيين في صراعهم مع الكيان الصهيوني، لكن في النهاية قرر النادي "البافاري" الإبقاء على المدافع الدولي المغربي ضمن صفوف الفريق بعد توبيخه وتوجيه اللوم له على منشوراته وعودته لتدريبات الفريق مرة أخرى بعد إيقافه لفترة عن التدريبات.

كما تعرض "عيسى العيدوني" لاعب منتخب تونس ونادي يونيون برلين الألماني إلى هجمة شرسة، على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بسبب إعلان تضامنه مع فلسطين، وطالب البعض من أنصار النادي بضرورة فسخ العقد، وإبعاده عن صفوف الفريق بسبب مساندته للشعب الفلسطيني.

 

وفي فرنسا أصدر نادى نيس الفرنسي أيضًا بيانًا رسميًّا أعلن خلاله عن إيقاف اللاعب الدولي الجزائري "يوسف عطال" لحين إشعار آخر، بسبب دعمه للقضية الفلسطينية. وأعلن النادي عبر موقعه الإلكتروني عن عقوبات تأديبية تم اتخاذها بشكل فوري، قبل صدور عقوبات أخرى من السلطات الرياضية والقضائية الفرنسية، خاصة بعد أن فتحت النيابة العامة في مدينة نيس تحقيقًا أوليًّا ضد نجم المنتخب الجزائري بتهمة "الدفاع عن الإرهاب" و"التحريض على الكراهية أو العنف على أساس دين معين" ، وذلك على خلفية منشور اعتبروه معاديًا للسامية.

 

وفي إنجلترا، حذر نادي أرسنال الإنجليزي لاعبه المصري "محمد النني"؛ بسبب دعمه للقضية الفلسطينية خوفًا على قاعدة النادي الجماهيرية من اليهود الداعمين للكيان الصهيوني، حيث قام اللاعب بتغيير صورته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "انستجرام" ووضع صورة علم فلسطين بجانب القدس.

وبشكل عام "طُلب من الغالبية العظمي من اللاعبين الامتناع عن نشر أي شيء يخص فلسطين، وفي حالة النشر يشترط عدم الإشارة إلى أي شيء يدل على الإرهاب أو العنصرية، وهو ما يدل على سياسة الكيل بمكيالين من إدارات الأندية وتكميم أفواه لاعبيها".

 

لكن التأثير الأكبر لهذه المواقف الإيجابية لا يكمن فقط في التعبير الحر عن الرأي الشعبي الرافض للبطش الصهيوني، لكنه كان حائلًا دون قيام بعض الأندية الأوروبية برفع علم الكيان الصهيوني تعبيرًا عن تأييده، وهو الأمر الذي تراجعت عنه بعض روابط الأندية في أوروبا بعد مواقف بعض اللاعبين والجماهير.  

 

ومن جانبه، يؤكد مرصد الأزهر على أهمية الرياضة وجماهيرها في التعريف بالقضية الفلسطينية والدفاع عنها؛ إذ تعد وسيلة مهمة للتنديد بالسياسات الصهيونية والتضامن مع الشعب الفلسطيني والتعبير عن الدعم للقضية الفلسطينية وتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية المرتبطة بها.

كما أن كلمات المشاهير من الرياضين لها صدى مسموع، ومن خلال هذه الأحداث، يمكن للرياضة أن تعزز الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية وتسهم في تحقيق العدالة والسلام في المنطقة، إضافة إلى تأكيد حق الشعب الفلسطيني في الأرض والدفاع عنها.

وحدة رصد اللغة الإسبانية

 

طباعة