يسلط مرصد الأزهر في السلسلة التي تحمل عنوان "حتى لا ننسى.. قرى دمرَّها الإرهاب الصهيوني" الضوء على إرهاب الاحتلال ضد الفلسطينيين وقراهم والمقدسات الدينية منذ عشرات السنوات..
ونبدأ بـ قرية الجَمَّامَة: دُمَّرت في مايو ١٩٤٨م
كانت الجمَّامة قرية تقوم على رقعة متموجة من الأرض تقع في القسم الشمالي من صحراء النقب، على طرف وادي المدبَّع، شمال غربي مدينة بئر السبع، وتعتبر هذه القرية مدخلًا إلى فلسطين الجنوبية. ومع نهاية الحرب العالمية الأولى في ٨ نوفمبر ١٩١٧م، تغلب البريطانيون على القوة العثمانية فيها.
واستنادًا إلى معلومات حصل عليها مركز الجليل للأبحاث الاجتماعية -في الناصرة- من عشيرة عرب العطاونة البدوية، التي استوطنت القرية قبل سنة ١٩٤٨م، فقد كانت الجَمَّامة تشتمل على نحو (١٢٠) من الأبنية المسماة «البايكات»؛ وهذه كانت مبنية بالحجارة والطين، ومسقوفة بالطين والخشب، والكثير من هذه الأبنية كانت تُستخدم كمنازل لسكان القرية، وقليل منها كانت تُستعمل كمخازن للحبوب، ومراعي للحيوانات؛ إذ كانت في حال متردية.
كان اقتصاد الجَمَّامة قائمًا على الزراعة، ويعتمد في الغالب على القمح، والشعير، والخضروات. وكان سكانها يعنون أيضًا بتربية الحيوانات، مستفيدين من المراعي الكثيرة في الجوار، وكانت الآبار القريبة من الموقع تلبي حاجة حيواناتهم من المياه، وتُستخدم أيضًا لري بعض بساتين الخضروات الصغيرة. وقد أُنشئت مدرسة ابتدائية في الجَمَّامة سنة ١٩٤٤م. وكان في القرية موقع أثري فيه صهاريج للمياه، ومعصرة للزيتون، وأرضيات من الفسيفساء، وقبور، وتاج عمود من الحجر، وبعض قطع الأعمدة. كما عُثر في جوار موقع القرية على عدد من الأدوات الحجرية، التي يعود تاريخها إلى العصر الحجري القديم الأوسط.
احتُلت القرية، وهُجِّر سكانُها من جراء هجوم عسكري إرهابي بربري، ولم يبق منها سوى بعض الحيطان على سفوح التلال، تحيط به شجيرات العوسج، والأشواك. وينمو في الموقع نبات الصبَّار، وأشجار الصمغ. ويُستخدم الموقع كمرعى للمواشي، أما الأراضي المجاورة فتُستخدم للزراعة، ولا يزال البدو يضربون خيامهم بين الحين والآخر، وقد أُنشئت مستعمرة «روحاما» الزراعية على أراضي القرية منذ سنة ١٩٤٤م.
وفي استفزاز متعمد بالتزامن مع العدوان الغاشم على قطاع غزة، أحد جنود الاحتلال يغرس شجرة تكريمًا لـ "عميرام بن أوليئيل"، و"أريئيل دانينو"، متطرفَيْنِ من أصل أربعة أحرقوا أسرة "دوابشة" الفلطسينية بدمٍ باردٍ في الضفة الغربية عام 2015م، حينما ألقوا قنبلة حارقة على منزلهم وهم نيامٌ؛ مما تسبب في استشهاد طفل رضيع ووالديه.
ووثق هذا الجندي المتطرف تلك اللحظات قائلًا: "زرعنا هنا الشجرة من أجل هَبَّة شعب إسـرائيل وإطلاق جميع أسرى صهيون، بما فيهم عميرام أوليئيل وأريئيل دانينو. نحن لا ننساكم، فأنتما جزء من هذا الصراع. ولن ننسى أي شخص بقي وراءنا. الجميع سوف يصل هنا في النهاية".
نذكر هنا أنه في سبتمبر الماضي ترددت أنباء عن مطالبة أعضاء في الكنيست ووزراء في الكيان الصهيوني بإطلاق سراح قاتل عائلة "دوابشة" إضافة إلى جمع تبرعات لصالحه، الأمر يعد بمثابة تشجيع للمستوطنين لإعمال العنف والقتل والتدمير في صفوف الفلسطينيين دون رادع قانوني.
وأن الدعوى التي أطلقها هذا الجندي المتطرف لإطلاق سراح اثنين من المستوطنين المتطرفين تدل على أن التطرف والإرهاب سمة متلازمة لجنود الاحتلال ومستوطنيه، كما تدل على رغبة الاحتلال وجنوده في العودة إلى غزة والاستيطان فيها مرة أخرى رغم إنكار نتنياهو وقادته الأمنيين ذلك في جميع بياناتهم.