أثر الانحياز الغربي للصهيونية على السلام العالمي

  • | الثلاثاء, 5 ديسمبر, 2023
أثر الانحياز الغربي للصهيونية على السلام العالمي

      جاهدت حكومات الدول الغربية إلى اقناع شعوب العالم الثالث (على مدار عقود) بأهمية القيم الغربية، لما تنطوي عليه من مساواة بين أبناء الجنس البشري، من خلال مجموعة من المواثيق الدولية التي تكفل حقوق الإنسان للجميع على اختلاف الجنس، واللون، والعرق، والدين. سعت هذه الحكومات إلى نمذجة وترويج النظم العلمانية باعتبارها الحل الأمثل للقضاء على مشاكل البشر في مشارق الأرض ومغاربها. لكن سرعان ما تحطمت هذه البروباغندا على صخرة الواقع الفلسطيني؛ حيث أعلنت هذه الحكومات بكل وضوح ودون مواربة مساندة الاحتلال الصهيوني في هجماته غير الآدمية على قطاع غزة والتي طالت حتى المدراس والمستشفيات المحمية بموجب القانون الدولي، ما أسفر عن أكبر عملية تطهير عرقي في التاريخ المعاصر كانت سببًا في استشهاد أكثر من (15) ألف فلسطيني ثلثهم من الأطفال والثلث الآخر من النساء.

وتستند الولايات المتحدة وحلفاؤها من الدول الأوروبية في دعم الكيان الصهيوني، لأسباب دينية، وسياسية، واقتصادية تتغذى على ثروات ومقدرات شعوب المنطقة عبر استزراع الورم السرطاني الصهيوني بين دول هذه المنطقة الغنية بالثروات الطبيعية. هذا بخلاف عقدة الذنب ومحاولة بعض هذه الدول التكفير عن جرائمها ضد اليهود منتصف القرن الماضي كالحكومة الألمانية التي تتطلع للتخلص من وصمة معاداة السامية والتي راح ضحيتها الملايين.  

ورغم الدعم الغربي غير المحدود بالمال والسلاح وغيرها من أشكال الدعم المادي والمعنوي، ما زال الكيان الصهيوني يعيش دور المظلومية وعقدة الاضطهاد عبر ترويج الأكاذيب واتهام المقاومة الفلسطينية بالإرهاب. في حين اتضح للعالم أجمع أن عداء الصهيونية لا يقتصر على المقاومة، ولكن يطال العرق الفلسطيني، ولا أدل على ذلك من استدعاء "بنيامين نتانياهو" رئيس وزراء هذا الكيان المصطنع، للنصوص التوراتية التي تحض على القتل والكراهية، الأمر الذي يعكس تجذر العداء الصهيوني لكل ما هو فلسطيني سواءٌ من الأحياء أو الجمادات.  

 في المقابل سعى الأزهر الشريف على مدار تاريخه الطويل إلى ترسيخ أسس الأخوة الإنسانية، ونبذ الكراهية، والدعوة إلى التنوع والتكامل في العلاقة مع الغرب، وأذّنَ في الناس بضرورة التسامح، والعيش المشترك، وقبول الآخر، وبراءة الأديان من العنف والإرهاب؛ حيث تكللت هذه الجهود بالتوقيع على وثيقة الأخوة الإنسانية بالتعاون مع الفاتيكان والمخلصين حول العالم، إلا أن الكيان الصهيوني نجح في توريط اليهود والأنظمة العالمية في إرهاب الأبرياء بفلسطين، في تحدٍّ سافر لكل الجهود التي من شأنها نشر الأمن والسلام في ربوع العالم.

وقد انعكست تداعيات هذا الدعم الأوروبي غير المحدود للكيان الصهيوني، على غضب مليارات البشر حول العالم، أغضبهم الغرب بهذا الانحياز الجائر لكيان تَنكَّر للشرعية الدولية، والمؤسسات الأممية، والنظام العالمي. كان الكيان الصهيوني يسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية للأبد فانتفضت شعوب العالم دعمًا للفلسطينيين، وأجبرت القيادات على تعديل مواقفها حيال هذه القضية؛ بل وجدنا بعضًا من اليهود (الساميين) يدافعون عن حق الشعب الفلسطيني الأعزل، كما وجدنا هذه اليقظة للشعوب الغربية ضد إرهاب الكيان الصهيوني، مما يحافظ على بصيصٍ من الأمل والود الباقي من الأخوة الإنسانية.

إن مرصد الأزهر إذ يُعبر عن بالغ أسفه لتلك المواقف الذي استنكرها مرارًا وتكرارًا، فإنه يحذر تحذيرًا شديد اللهجة من تفاقم الغضب لدى أبناء الإسلام ضد الغرب من جراء مواقف قادته التي للأسف باتت في غاية الضعف والخذلان، مؤكدًا أن الوضع لن يقف عند الضرر الاقتصادي الذي قاطع فيه كثير من أبناء المسلمين للبضائع الغربية الداعمة لسياسة الإبادة الصهيونية، وإنما الخطر القادم سيظهر من خلال استغلال التنظيمات المتطرفة لتلك الأوضاع للتبرير بالقيام بعملياتها الإرهابية، وخطابها المنحرف الذي رصدناه في إصداراتها، ونرفضه رفضًا قاطعًا ونحاربه على مدار سنوات.

وفي الوقت ذاته يناشد المرصد كل المراكز البحثية المعنية بمواجهة التطرف بضرورة المشاركة في هذا النداء الذي يهدف إلى الحفاظ على مكتسبات الجهود التي بُذلت خلال عشرات السنوات في مواجهة التنظيمات المتطرفة وتحصين فكر شبابنا ضد التطرف بكل اشكاله، وزيادة الوعي الفكري تحت مظلة حوار حضاري بناء، وتنوع وتكامل يحققان الخصوصية الثقافية ويكفل الأخوة الإنسانية، مما يسهم في ردع الإرهاب الغاشم، وإعلاء روح الحكمة والاستجابة للقانون الدولي، والمواثيق الإنسانية.

وحدة اللغة العربية

طباعة