الإعلاميون والصحفيون في مرمى نيران الاحتلال الصهيوني

  • | الأحد, 10 ديسمبر, 2023
الإعلاميون والصحفيون في مرمى نيران الاحتلال الصهيوني

      تضطلع وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، بدورٍ مهمٍ في تغطية الأحداث، ودفع الرأي العام باتجاهات معينة. ومن خلال متابعة الأحداث الجارية في قطاع غزة والمجازر التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، يتضح أن الكيان الصهيوني يتعامل بأحد طريقتين مع وسائل الإعلام:

الأول: استغلال بعض وسائل الإعلام في ترويج الرواية الصهيونية، وتبرير إبادة الفلسطينيين بحجة الدفاع عن النفس.

الثاني: استهداف المراسلين المعنيين برصد الحقيقة، وفضح أكاذيب الاحتلال الصهيوني، وتسليط الضوء على انتهاكات جيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني المظلوم، عبر نقلها بدقة وموضوعية، واتهام المقاومة بارتكاب هذه الجرائم.

وللكيان الصهيوني سجل حافل في انتهاك حقوق الصحفيين والإعلاميين تنوعت بين القتل، والاعتقال، والتنكيل، والتهديد، والتشريد، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد وإنما طال أسرهم كذلك. ويهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على أدوات التنكيل الصهيوني بالإعلاميين والصحفيين؛ للحيلولة دون انتشار وتداول الحقائق التي تتعارض والأكاذيب الصهيونية.

الاستهداف والقتل:

ارتقى منذ بداية العدوان الصهيوني على قطاع غزة في أكتوبر الماضي نحو (٦٠) صحفيًّا، رغم ارتدائهم شارات الإعلام، ويقومون بواجبهم المهني في تغطية الأحداث؛ ثم يسارع قادة الكيان للتنصل من المسؤولية عبر اتهام المقاومة. (بوابة الشروق، ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٣م). يقول "ميك والاس" العضو الأيرلندي في البرلمان الأوربي: "يستهدف الاحتلال الصحفيين الذين يتجرؤون على تقديم تقارير عن جرائم الحرب الصهيونية" (وكالة أنباء فارس الإيرانية، ۷ نوفمبر ۲۰۲۳م). في حين يحفل التاريخ بجرائم الصهاينة مع اغتيال أصحاب الكلمة الحرة، خوفًا من إظهار الحقيقة. فلم تبدأ الاعتداءات الصهيونية على الصحفيين مع العدوان على غزة، وإنما تقترن بالجرائم الصهيونية المتكررة والممتدة منذ عقود ضد الفلسطينيين، سواء في الضفة الغربية أو غزة.

فعلى سبيل المثال لم يتورع جنود الاحتلال الصهيوني عن اغتيال "شرين أبو عاقلة" مراسل فضائية الجزيرة، أثناء القيام بدورها في تغطية العملية العسكرية في مخيم جنين بالضفة الغربية عام 2022م. وكالعادة سارعت في البداية إلى اتهام المقاومة قبل أن تتراجع وتقر بسقوط (أبو عاقلة) بنيران الجيش الصهيوني. (وكالة أنباء اسبوتنيك ٤ يوليو ٢٠٢٢م)، وعليه حل هذا الكيان (وفق دراسة منظمة Countercurrents- التيارات المضادة) في المرتبة الأولى عالميًّا من حيث اغتيال الصحفيين والإعلاميين، مقارنة ببؤر التوتر والصراعات حول العالم. (وكالة أنباء مهر الإيرانية، ۱۲ يونيو ٢٠٢٢م).

ورغم الإدانات الدولية الواسعة، وتكرار الدعوات بشأن التحقيق في قضايا مقتل الصحفيين، لم يتورع الكيان الصهيوني عن ارتكاب المزيد من الجرائم، بالنظر إلى انعدام المساءلة الجنائية والسياسية، لا سيما بعد فشل محاولات التحقيق المتكررة في إثبات الحقيقة، وإدانة هذا الكيان ومعاقبته، بحسب لجنة حقوق حماية الصحفيين. (موقع (rt)، ٩ مايو ٢٠٢٣م)

الاعتقال والتهديد:

في العام 2018م، اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني عدد (4) إعلاميين في قناة القدس الفلسطينية، وأشرفت على عملية تعذيبهم بعد اتهامهم بالتحريض على الإرهاب. (موقع (rt)، ٣٠ يوليو ٢٠٠٨م). ووفق تقرير منظمات حقوقية عربية، يقبع في السجون الإسرائيلية نحو (١٩) صحفيًّا وإعلاميًّا، يعيشون أوضاعًا إنسانية سيئة تحت التعذيب. وليس من المستغرب أن تعتقل قوات الأمن بعض الصحفيين الصهاينة الذين أدانوا عمليات الكيان ضد الفلسطينيين، أمثال "يسرائيل فراي" الذي اعتُقل على خلفية التغريد بحق الشعب الفلسطيني في مقاومة المحتل (وكالة أنباء اسبتونيك، ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٢م).

في السياق ذاته، وحال الفشل في الوصول إلى الصحفيين والإعلاميين، تتعمد قوات الاحتلال استهداف عوائلهم، على غرار ما حدث مؤخرًا من قصف منزل "وائل الدحدوح" مراسل فضائية الجزيرة، ما أسفر عن استشهاد عددٍ من أفراد أسرته. وكذلك استشهاد (20) من أفراد أسرة "هاني المغاري" المراسل بقناة الأقصى. وقد تسببت مثل هذه الجرائم في نزوح نحو (80 %) باتجاه جنوب غزة. (سكاي نيوز، ١٩ أكتوبر ٢٠٢٣م).

الفصل من العمل:

لم يكن الاغتيال على يد قوات الاحتلال داخل قطاع غزة والضفة، أو التهديد والاعتقال والتهجير وهدم المنازل هو فقط جزاء الصحفي الذي ينطق بكلمة الحق أو يتعاطف مع القضية الفلسطينية، بل إن عددًا من الإعلاميين والصحفيين ممن يعملون في مؤسسات إعلامية عالمية طُردوا من عملهم؛ بسبب مناصرتهم للقضية الفلسطينية، كما حدث مع المراسلة "جازمين هيوز" التي أنهت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عملها على خلفية دعمها للقضية الفلسطينية. وفق ما ذكرته (بوابة الأهرام، ٤ نوفمبر ٢٠٢٣م). كما فَصلت صحيفة «الجارديان» البريطانية رسام الكاريكاتير "ستيف بيل" من عمله لديها بعد (٤٠) عامًا؛ بسبب رسوماته التي تنتقد سياسات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو (المصري اليوم، ١٦ أكتوبر ٢٠٢٣م). هذا بالإضافة إلى العديد من الصحفيين الذين أُحيلوا للتحقيق، ومن المتوقع طردهم من بعض الصحف العالمية على إثر دعمهم للقضية الفلسطينية العادلة.

ولكن هذه الاعتداءات على الصحفيين لن تكون الأخيرة طالما يجد هذا المحتل من يدعمه ويسكت عن جرائمه، وطالما يدرك أنه سيفلت من العقاب، لذا يشدد مرصد الأزهر على ضرورة حماية الصحفيين والإعلاميين، وفضح مزاعم هذا الاحتلال الدموي الغاشم، وكشف الحقائق التي يحاول طمسها وإخفائها.

وحدة رصد اللغة الفارسية

طباعة