التمائم اليهودية واستدعاؤها على مسرح الأحداث

  • | الأربعاء, 20 ديسمبر, 2023
التمائم اليهودية واستدعاؤها على مسرح الأحداث

      الاعتقاد في التمائم والسحر من الأمور المتجذرة في النفس اليهودية، على عكس المحاولات التي تروج إلى تحضر المجتمع؛ حيث تنتشر بين أفراد هذا المجتمع التمائم المنبثقة سواءٌ عن معتقد ديني محض كـ (مزوزا)، أو تلك المستحدثة عن معتقدات شعبية تدخل في صميم الحياة الاجتماعية للصهاينة. تلك الظاهرة أثارت انتباه البروفيسور "شلومو فيشر" وتطرق في مقالة بعنوان: "التمائم والحرية السياسية"، إلى توزيع الحاخام "عوفاديا يوسف" تمائم على أعضاء الأحزاب الدينية وحثهم على التصويت لحزب "شاس"!

لذا يمكننا القول: إن التمائم -على اختلاف أنواعها وأغراضها- هي قاسم مشترك بين اليهود على اختلاف طوائفهم وطبقاتهم، وتُعدُّ في نظر المتدينين سلاحًا فعَّالًا مؤثرًا على الأقل من الناحية النفسية والروحية لهم، ومما يلي إشارة لأبرز التمائم اليهودية، والتي تم استدعاؤها على خلفية الحرب في قطاع غزة:  

(مزوزا- מזוזה) وتعني في العبرية "عضادة الباب":

Image

 رُقاقة صغيرة من جلد حيوان طاهر (بحسب الشريعة اليهودية) عليها نقوش بحبر غير قابل للإزالة للفقرتين الأوليين من صلاة "الشِمَاع"، أو شهادة التوحيد اليهودية، وفيها: "اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد. فتُحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك، ومن كل قوتك"، وعلى خلفية الرقعة تكتب كلمة (شَدَّاي- שַׁדָּי) هي الأحرف الأولى من كلمة "شومير دلاتوت يسرائيل"، أي "حارس أبواب إسرائيل"، وهي أيضًا أحد أسماء الإله عند اليهود.

 

Image

تعتبر الـ (مزوزا) تميمة، أو رُقية يلصقُها اليهود على قوائم أبواب بيوتِهم؛ حيث يُعِدُّون مكانًا مُخَصَّصًا لها في الثلث الأول من الإطار الأيمن لباب البيت، أو باب الحجرة، لوضعها فيه، أو تثبيتها عليه بالمسامير، وذلك بعد تلاوة مباركة إعداد المزوزا، وهي: "مبارك أنت أيها الربُّ إلهَنا ملك العالم الذي قدسناه بوصاياه، والذي أمرنا بوضع المزوزا". وتُلفُّ (مزوزا) وتُلصق على أعمدة أبواب المنازل اليهودية، لتصنيف المنزل على أنه يهوديٌّ، وتذكير أولئك الذين يعيشون فيه بارتباطهم بالربِّ، وبتراثهم اليهودي.وقد اتبع اليهود عادة وضع (مزوزا) على الأبواب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فشملت المباني الحكومية أيضًا، وبعد حرب ١٩٦٧م، عُلقت (مزوزا) على أبواب مدينة القدس القديمة، باعتبار أن هذا هو الإجراء النهائي لكي تصبح المدينة المقدسة يهودية الطابع تمامًا.

في السياق ذاته، وثق فيديو خلال عملية اقتحام قطاع غزة بريًّا، قيام جنود الاحتلال بتعليق (مزوزا) على أحد البيوت بعد تهجير أهلها قسرًا، ووعدوا بتكرار الموضوع في كل المنازل التي سيستولون عليها في غزة، تمهيدًا لتصبح المدينة يهودية الطابع تمامًا.      

 

وتعكس مثل هذه التصرفات رغبة الاحتلال بصبغ المدينة بالطابع اليهودي، في محاولة لتأسيس علاقة وجدانية روحية تربط المحتل بهذه الأرض وتلك البيوت، حتى يترسخ في نفس المحتل بمرور الوقت حنين، وانتماء مزيف، يسوغ له ارتكاب المزيد من جرائم الإبادة الجماعية، والتهجير القسري، والتطهير العرقي لأصحاب الأرض الأصليين. ويؤكد المرصد أن هذه هي إحدى صور الاحتلال المقيتة الممزوجة بالتنطُّع الديني.      

الـــ"كامِيَّع" קמיע وتعني في العبرية: تميمة أو حجاب.

في السياق ذاته، انتشرت ظاهرة تجارة الأحجبة والتمائم في المجتمع الصهيوني على نطاق واسع خلال الأسابيع الأخيرة، ما يعكس عنف الأزمة التي تعصف بالمجتمع الصهيوني في الوقت الحالي، والتي أسفرت عن اتجاه قطاع كبير من الناس إلى أمور أشبه بالدجل والشعوذة، بحثًا عن الأمن والأمان. إنها حالة من الرعب والفزع تنتاب الجنود والمستوطنين منذ بدء العملية البرية في قطاع غزة، وتوالي الأنباء عن سقوط القتلى والجرحى في جيش الاحتلال؛ ما دفع عددًا كبيرًا من جنود الاحتلال من التردد على بيوت الحاخامات بحثًا عن عمل سحري، أو حجاب، أو تميمة. فكما أن هناك تمائم للحسد وللحصول على الزواج.. وغيرها، هناك أيضًا تمائم لدفع الضُرِّ، وحماية الجنود، والنصر على الأعداء، وغير ذلك حسب معتقداتهم.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل إن عددًا من أهالي الأسرى استغاثوا بالحاخامات لتحديد أماكن أبنائهم المخطوفين في قطاع غزة عن طريق الدجل والشعوذة! ويشير استدعاء تمائم الحماية والنصر وغيرها إلى أن الاحتلال الصهيوني يمر بحرب نفسية لا تقل عن الحرب النفسية التي يمارسها الاحتلال الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني المناضل، فكيف يحيا آمنًا من يقوم بإبادة النساء والأطفال والعُزَّل، ويتجرأ على انتهاك الحرمات والمقدسات!

وحدة رصد اللغة العبرية

طباعة