حمل عام 2023 بين طياته حلقات متتالية من التـدنيس بحق المسجد الأقصى المبارك، من قبل عصابات ومنظمات جبل الهيكل المزعوم، والتي تتلقى دعمًا غير محدود من سلطات الاحتلال الصهيونية، خاصة في عهد هذه الحكومة اليمينية المتطرفة، ومن أبرز حلقات هذا التدنيس المستمر، هو اقتحام (50,098) ألف مستوطن لباحات المسجد المبارك خلال العام المنقضي، تحت حراسة أمنية مشددة من قبل شرطة الاحتلال، ليكون ثاني أكثر الأعوام انتهاكًا للأقصى منذ احتلال شرقي القدس عام 1967م، بينما كان عام 2022م هو أكثر الأعوام انتهاكًا حيث سجل (51483) مقتحمًا.
وقد سجل شهر أكتوبر من العام الماضي أكبر عدد من المقتحمين، حيث اقتحم خلاله أكثر من 8000 مستوطن باحاته المباركة؛ مستغلين فترة الأعياد اليهودية.
وقد سلّط مرصد الأزهر الضوء على أبرز الانتهاكات الصهيونية طوال العام المُنصرم، والتي كان أبرزها، اقتحام قوات الاحتـلال للمسجد والاعتداء على المصلين والمعتكفين بداخله وإجبارهم بالقوة على الخروج منه بهدف تمكين منظمات الهيكل والمستوطنين المتطرفين من اقتحامه احتفالًا بما يطلقون عليه "عيد الفصح"، وكذلك ما أوردته المواقع العبرية من رصد ميزانيات ضخمة لتمويل مشروع يهدف إلى إزالة المانع الديني الذي يحول دون مشاركة الكثير من المستوطنين في اقتحام المسجد الأقصى، عبر تسهيل إجراءات عملية استيراد "خمس بقرات حمراء اللون"، لإحراق واحدة منهم على جبل الزيتون، ليتطهر بها ملايين الصهاينة ويتمكنوا بعدها من اقتحام الأقصى دون مانع ديني، وفق التعاليم اليهودية.
ويحذر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف من استغلال سلطات الاحتلال انشغال العالم بالإبادة الجماعية والمجازر الجماعية التي ينفذها الاحتلال بقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، ويقوم في الوقت ذاته بتصعيد مساعيه الحثيثة لفرض سيطرته على ساحات الأقصى المبارك، من خلال السماح للمزيد من المستـوطنين باقتحامه وحمايتهم.
فوفقًا لأعداد المقتحمين المذكورة خلال الأعوام السابقة، ومدى اتساع الانتهاكات التي يتعرض الأقصى من قبل جماعات الهيكل المزعوم، يتبين أن الاحتلال يسير بخطة ثابتة ومدروسة بغرض فرض أوضاع جديدة داخل الأقصى وتزييف الحقائق القائمة بالفعل، عبر إدخال الأدوات الدينية التوراتية، ونفخ البوق، وتقديم القرابين، والصلاة الجماعية داخل باحاته، وذلك للوصول إلى هدفهم المنشود بتقسيم الأقصى زمانيًّا ومكانيًّا، وبناء هيكلهم المزعوم في موقع مسجد قبة الصخرة.
ويشدد المرصد على أن المسجد الأقصى بكامل ساحاته هو حق للمسلمين وحدهم دون غيرهم، مؤكدًا رفضه القاطع لأية خطط صهيونية تستهدف تقسيم المسجد المبارك، أو فرض واقع جديد داخل ساحاته، معتبرًا أن ما يقوم به الاحتلال - بجانب ما يقوم به من إبادة جماعية وتهجير لأبناء الشعب الفلسطيني بقطاع غزة - بأذرعه كافة اعتداء صارخ على الأمة الإسلامية، الأمر الذي من شأنه يوجِب اتخاذ موقف موحد وحازم يضع حدًّا لتدنيس المسجد الأقصى المُبارك، والحفاظ على أبناء الشعب الفلسطيني.