هل عزم واشنطن إنزال مساعدات إغاثية لغـزة جوًا تغير في الموقف الأمريكي حيال العدوان الصهـيوني؟

  • | السبت, 2 مارس, 2024
هل عزم واشنطن إنزال مساعدات إغاثية لغـزة جوًا تغير في الموقف الأمريكي حيال العدوان الصهـيوني؟

     مع تفاقم الجوع في قطاع غـزة الذي يعاني شح الموارد لدرجة خطيرة، جاء إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمس الجمعة، عن خطط لتنفيذ أول عملية إنزال جوي للأغذية والإمدادات على غـ.زة، بعد يوم من مقتل أكثر من ١٠٠ فلسـطيني في أثناء الحصول على المساعدات شمال القطاع.
ليتبع ذلك غموض حيال ملامح الخطة الأمريكية، بعد تصريح بايدن: "لا نعلم على نحو مؤكد متى سيتم إنزال أول دفعة من المساعدات جوًا".
وكذلك، ما ذكره جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بـ البيت الأبيض، أن عمليات الإنزال الجوي في غـزة "صعبة للغاية" بسبب الكثافة السكانية والصراع المستمر.

ورغم أن عمليات الإنزال الجوي لها تأثير محدود في معالجة الأزمة الإنسانية في القطاع الفلسـ.طيني خاصة في الشمال، إلا أنها الحل المتاح حاليًا مع تعقد إدخال المساعدات برًّا بسبب تعنت الاحتـ.لال، وتدخله في تحديد كمية المساعدات المارة، واستمرار قصف القوافل الإغاثية وهو ما دفع برنامج الأغذية العالمي قبل ١٠ أيام إلى إيقاف تسليم المساعدات الغذائية إلى شمال غـ.زة مؤقتًا، حتى تسمح الظروف في القطاع بتوزيعها بشكل آمن.
والملاحظ أنه قبل الإعلان الأخير، كان الرئيس بايدن قد كشف عن وقف إطلاق النار بحلول الإثنين القادم، ليتراجع بعدها ويعلن عن عدم التأكد من إمكانية تنفيذ ذلك، ليتأكد لنا ضبابية المشهد السياسي بين الولايات المتحدة والكيان الصهـيوني، ومحاولات لتهرب الجانبين من أسئلة مطروحة من بينها هل تم التنسيق بينهما بشأن إنزال المساعدات؟!
إذا الإعلان الأمريكي ليس إلا محاولة لإصلاح صورة إدارة "بايدن" المتضررة بفعل خمسة أشهر من عدوان صهـ.يوني حصد أرواح ٣٠ ألف مدني أغلبهم من الأطفال والنساء وهي الأرقام التي انعكست على شعبية الرئيس الأمريكي التي بالفعل في تراجع وفق أرقام استطلاعات الرأي التي أجريت قبل وبعد أكتوبر الماضي.
ففي وقت سابق، كشف استطلاع أجرته مؤسسة غالوب أن معدل الموافقة الإجمالية على وظيفة "بايدن" بلغ ٣٧%، وهي المرة الثالثة في عام ٢٠٢٣ التي يصل فيها الرئيس إلى مستوى قياسي منخفض، وذلك لطريقة تعامله مع عدة ملفات خارجية من بينها ملف القضية الفلسـ.طينية.
وكذلك ما ذكرته صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية بأن رغم الإنجازات الاقتصادية للرئيس جو بايدن، إلا أنه من الناحية السياسية أخفق في تأمين معركته الانتخابية أمام غريمه "ترامب"، الأمر الذي أزعج كثيرًا من الديمقراطيين.
ووفق الصحيفة فإن الأمر أثار نقاشًا بين الديمقراطيين حول قدرته على الفوز بفترة رئاسية ثانية. وظهر هذا الجدل، مع ما كشفه ستيف كورناكي، المراسل السياسي الوطني لشبكة «إن بي سي»، أن غالبية الديمقراطيين لا يتفقون مع دعم بايدن لـ «إسر.ا.ئيل» حيث أشار ٥١٪ من الناخبين أن الرد العسكري كان مفرطًا في القوة مقابل ٢٧٪ قالوا: إنه مبرر.
وما يكشف تأثير العدوان الصهـ.يوني على غـ.زة على الداخل الأمريكي، ما أظهره استطلاع رأي لشبكة «إن بي سي» من تراجع شعبية الرئيس بايدن بين أوساط الناخبين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا، وذلك بعد استطلاع آخر أجرته نفس الشبكة في يونيو وسبتمبر ٢٠٢٣ كان "بايدن" متقدمًا به على "ترامب" بفضل هذه الفئة.
وما يجعل هذه الأرقام مزعجة لـ "بايدن" أنه تمكن من قنص الفوز من "ترامب" في الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٠ بفضل أصوات الشباب في هذه الفئة العمرية التي أعطته فارقًا بأكثر من ٢٠ نقطة على منافسه دونالد ترامب.
وبهذا يتأكد أن قطاع غـ.زة ليس المتأثر الوحيد من العدوان الصهـ.يوني بل الإدارة الأمريكية التي تواجه غضبًا شعبيًّا متصاعدًا خاصة مع إقدام طيار أمريكي على حرق نفسه في ثاني الحوادث المشابهة التي تمت بدافع التعبير عن رفض تأييد "بايدن" المطلق للكيان الصهـ.يوني وهو ما دفع مرصد الأزهر للتحذير من تكرار مثل هذه الحوادث على المدى القريب ضمن ما وصفه بـ "عدوى الانتحار"، وما تبع الحادث من قيام جنود أمريكيين بإحراق زيهم العسكري في تجمع علنًا رفضًا للموقف الأمريكي "المترهل".
وما نراه اليوم من تغير في المشهد السياسي الأمريكي يعود إلى نهج السياسة الخارجية للرئيس بايدن الذي تسبب في تنحية إنجازاته الاقتصادية جانبًا والنظر بعين ناقدة لتوجهاته السياسية الداعمة لمحتل سفك د.ماء الأبرياء -ولا يزال- دون تحرك جاد لوقف إطلاق النار أو على أقل تقدير وقف تصدير الأسلحة والقنابل المستخدمة في العدوان.

طباعة
كلمات دالة: