يبدو أن العدوان الصهيوني على قطاع غزة سيدخل عامه الثاني دون إحراز تقدم في ملف وقف إطلاق النار رغم جهود مصر المضنية وشركائها، بسبب تعنت رئيس وزراء الاحتلال وعصابته من المتطرفين الذين أظهروا في الأشهر الماضية رغبة مقيتة لسفك دماء الفلسطينيين -بلا هوادة- مستعينين بالنصوص الدينية لتبرير جرائمهم الإرهابية بحق الأبرياء.
واليوم يتكرر مشهد استهداف مدرسة تأوي نازحين في حي الزيتون في القطاع، ما أدى إلى استشهاد ما يزيد عن 22 فلسطينيًّا بينهم 13 طفلًا وست سيدات وجَنين وإصابة 30 آخرين بينهم تسعة أطفال، والحجة المعتادة "ملاحقة عناصر المقاومة الفلسطينية"، في انتهاك صريح للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين وقت الحرب.
ومع تكرار استهداف مدارس الإيواء فإن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف يؤكد أن الشواهد التاريخية تكذب الحجج التي يسوقها الاحتلال عقب كل هجوم، ففي الأمس القريب رأينا جميعًا جنوده وهم يلقون بجثث الشهداء بعد قتلهم من أعلى البنايات في جنين.. فهل كان في الأعلى عناصر للمقاومة أيضًا دفعتهم لإلقاء جثث الفلسطينيين بعد التنكيل بهم أحياءً؟!
إن جرائم الاحتلال لم تعد تخفى على أحد من القادة الدوليين أو الشعوب، فاليوم أصبح الجميع يدرك حقيقة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويعي المشهد كاملًا، ورغم هذا يستمر تدهور الوضع هناك والاكتفاء بإعلان قرارات أممية دون تحديد خطوات وآليات التنفيذ ما يجعل من هذه القرارات حبرًا على ورق لا فائدة منه، وهو ما يدركه نتنياهو وجميع من سبقوه في هذا المنصب.
لهذا نتساءل متى تدرك القوى الدولية المهيمنة على قرارات الأمم المتحدة والموجهة لدفتها وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية أن المسئولية الآن باتت معلقة في أعناقهم وليس في عنق هذا الكيان الجرثومي الهش الذي زرع في المنطقة لأهداف سياسية استعمارية بحتة ذكرها التاريخ مرارًا ويدركها الأجيال الحالية؟
وأن الدماء المسالة على أرض فلسطين الحرة بأسلحتهم وذخائرهم المتطورة يتحملون إثمها لا سيما أن التاريخ مهما تلاعب به البعض يظل هناك جزء منه يسرد الوقائع الحقيقية لتعريف الأجيال اللاحقة بمأساة شعب انتهكت حريته وسرقت أرضه تحت غطاء دولي لم يتهاون في إبرام الصفقات التجارية والعسكرية للإبقاء على كيانه "المدلل" في المنطقة.