توظيف اللغة الإسبانية في دعاية التنظيمات المتطرفة.. أداة لاستقطاب العقول وتوسيع النفوذ

  • | الخميس, 16 يناير, 2025
توظيف اللغة الإسبانية في دعاية التنظيمات المتطرفة.. أداة لاستقطاب العقول وتوسيع النفوذ

     لا تزال التنظيمات المتطرفة تسعى بخطى متسارعة نحو توسيع رقعة نفوذها، مستغلةً كل وسيلة متاحة لبث أفكارها الهدامة التي تستهدف زعزعة استقرار المجتمعات وتقويض أسسها بالدعاية المضللة والأكاذيب. ولم تقتصر هذه التنظيمات على استخدام اللغة العربية وسيلة رئيسية لنشر خطابها، بل عمدت إلى توظيف لغات أخرى للوصول إلى جماهير متعددة الثقافات، مستخدمة بذلك لغات العالم جسرًا لنشر أفكارها بين مختلف الشعوب والطبقات.

اللغة الإسبانية وسيلة إستراتيجية للدعاية المتطرفة

أولت هذه التنظيمات اهتمامًا خاصًّا باللغة الإسبانية، لما لها من أهمية إستراتيجية بوصفها ثالث أكثر اللغات انتشارًا عالميًّا بعد الإنجليزية والصينية. وبفضل انتشارها الواسع في أوروبا وأمريكا اللاتينية، أصبحت الإسبانية أداة فعالة للوصول إلى شريحة ضخمة من الجمهور العالمي، ما يُمكِّن التنظيمات من توسيع نفوذها جغرافيًّا وثقافيًّا.

في تقرير لصحيفة “لا راثون” الإسبانية بتاريخ 11 أكتوبر 2024، أُشير إلى تصاعد النشاط الإرهابي باستخدام اللغة الإسبانية لنشر الدعاية المتطرفة عبر منصات التواصل الاجتماعي والشبكات الإلكترونية. واستُغلت هذه المنصات لنشر تسميات خادعة تُظهر الجرائم الوحشية وكأنها أفعال مشروعة، مثل إطلاق اسم: “الحصاد” على عمليات القتل الوحشي، في محاولة لإضفاء طابع زائف من المشروعية على جرائمهم، متجاهلين حرمة الدماء وقدسية الأرواح.

العمليات الإرهابية وإستراتيجية التنظيم العابرة للقارات

في تقرير لاحق بتاريخ 26 نوفمبر 2024، أشارت الصحيفة ذاتها إلى إعلان التنظيم عن تنفيذ عمليتين إرهابيتين في سوريا، حملتا رسائل خادعة لنشر أفكارهم بين الناطقين بالإسبانية. استهدفت العملية الأولى مركبة تقلُّ أعضاء من حزب العمال الكردستاني (PKK) شمال دير الزور، وأسفرت عن مقتل وإصابة عشرة أشخاص. أما العملية الثانية، فتمثلت في تفجير خط أنابيب الغاز بمنطقة “الشمساني” في محافظة الحسكة، ما خلف أضرارًا مادية واسعة.

كل هذه التحركات تأتي ضمن خطة التنظيم لتحقيق رؤيته المزعومة لـ”الخلافة الكبرى”، مستهدفًا جعل إسبانيا ودول أمريكا اللاتينية مرتكزًا رئيسيًّا في إستراتيجيته العابرة للقارات، من خلال استغلال اللغة الإسبانية لجذب المزيد من المؤيدين إلى صفوفه.

التحذير من استغلال التنوع اللغوي والثقافي

يحذر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف من خطورة استغلال التنظيمات الإرهابية للتنوع اللغوي والثقافي وسيلةً لاستقطاب المزيد من الأفراد إلى مستنقع التطرف. ويدعو إلى تضافر الجهود الدولية لمكافحة هذه الدعاية المضللة بحزم ورؤية شاملة، إضافة إلى تعزيز الوعي المجتمعي بمخاطر الانسياق خلف هذه الأفكار الهدامة.
إن لجوء التنظيمات الإرهابية إلى توظيف اللغة الإسبانية يعكس مرونتها وقدرتها على التأقلم مع الجمهور المستهدف، متجاوزة حدود اللغة العربية للوصول إلى أفق أوسع. هذه المحاولات الخبيثة تضع على عاتق الحكومات والمنظمات الدولية مسؤولية كبيرة لتعزيز التعاون المشترك، ومكافحة الدعاية الإرهابية من خلال تطوير إستراتيجيات فعالة لمواجهة الإرهاب الرقمي. وفي ظل هذه التحديات، تبرز أهمية تفعيل أدوات التوعية الثقافية والتربوية وسيلةً لتحصين المجتمعات من التأثر بهذه الأفكار الهدامة، وتحويل اللغات من وسيلة للتفرقة إلى أداة للتفاهم والتعايش الإنساني.


وحدة الرصد باللغة الأسبانية


 

طباعة