مركز بيو للأبحاث: القيود التي تفرضها الحكومات على الدين تظل في أعلى مستوياتها منذ عام 2022م

  • | الثلاثاء, 21 يناير, 2025
مركز بيو للأبحاث: القيود التي تفرضها الحكومات على الدين تظل في أعلى مستوياتها منذ عام 2022م

نشر مركز بيو للأبحاث تقريرًا سنويًّا مُفصَّلًا حول العلاقة بين الدين والقيود التي تفرضها الحكومات والأعمال العدائية الاجتماعية في كل دولة.

ويشير التقرير في مستهلِّه إلى أن مركز بيو للأبحاث يجري تحليلًا للقيود الدينية في نحو 200 دولة وإقليم حول العالم من خلال استخدام مقياسين مرتبطين: مؤشر القيود الحكومية ومؤشر العداءات الاجتماعية. ويقيس مؤشر القيود الحكومية كل القيود التي تفرضها الحكومات، والتي قد تستهدف أشخاصًا بسبب معتقداتهم الدينية، فضلًا عن قياس الحالات التي تستخدم فيها الحكومات أسبابًا دينية لممارسة المضايقات أو الترهيب أو تقييد حرية الأفراد، في حين يركز مؤشر العداءات الاجتماعية على الأعمال العدائية المرتبطة بالدين التي تنفذها جهات غير حكومية.

ففي عام 2022م، لم يتغير المتوسط العالمي على كلا المؤشرين منذ عام 2021م؛ إذ بلغ معدل مؤشر القيود الحكومية 3 من أصل 10 نقاط (وهو أعلى مستوى له)، كما حقق مؤشر العداءات الاجتماعية 6,1 من أصل 10 نقاط.

وقد طرح الباحثون المسؤولون عن إجراء هذا التقرير سؤالًا: هل تميل الدول التي تضغط فيها السلطات الحكومية على الجماعات الدينية إلى السماح للأفراد والفئات الاجتماعية بإظهار العداء تجاه الجماعات الدينية؟

وبالمثل، هل تسمح الدول التي تقل فيها القيود الحكومية المفروضة على الدين بممارسة العداء الاجتماعي المرتبط بالدين؟

وتكمن النتيجة فيما يلي:

  • 62% من الدول والأقاليم التي جرى تحليل بياناتها (123 من أصل 198 دولة) سجلت متوسط درجات منخفضة أو متوسطة على مؤشر القيود الحكومية ومؤشر العداءات الاجتماعية خلال الفترة الممتدة من 2018م إلى 2022م. على سبيل المثال، تُعد كوريا الجنوبية وكندا والولايات المتحدة من بين هذه الدول.
  • 12% (أي 24 دولة) سجلت درجات عالية أو عالية جدًّا على كلا المؤشرين في المدة ذاتها. وتُعد الهند من بين هذه الدول.
  • 16% (أي 32 دولة) سجلت درجات عالية أو عالية جدًّا على مؤشر القيود الحكومية، ودرجات منخفضة أو متوسطة على مؤشر العداءات الاجتماعية. وتُعد الصين وكوبا من بين هذه الدول.
  • 10% (أي 19 دولة) سجلت درجات منخفضة أو متوسطة على مؤشر القيود الحكومية، ودرجات عالية أو عالية جدًّا على مؤشر العداءات الاجتماعية. وتُعد البرازيل والفلبين من بين هذه الدول.
  • معظم الدول التي سجلت درجات عالية أو عالية جدًّا على مؤشر القيود الحكومية سجلت درجات منخفضة أو متوسطة على مؤشر العداءات الاجتماعية (32 من أصل 56 دولة، أو 57% من إجمالي الدول التي جرى دراستها).
  1. الدول ذات الدرجات المنخفضة أو المتوسطة على كلا المؤشرين

بحسب الدراسة الممتدة من 2018 إلى 2022، سجلت 62% من الدول التي جرى دراستها (123 من أصل 198 دولة) درجات تتراوح بين منخفضة ومتوسطة على كلا المؤشرين. ويبلغ عدد سكان معظم هذه الدول (121 دولة) أقل من 60 مليون نسمة، بما في ذلك كوريا الجنوبية وكندا وغانا، كما يبلغ عدد سكان 34 دولة من هذه الدول أقل من مليون نسمة.

ولم تسجل 9 دول يبلغ عدد سكانها أقل من مليون نسمة مثل: بالاو، وناورو أي عداء اجتماعي

 وبالمِثل، لم تسجل 3 دول أي عداء اجتماعي، وهي: بوتسوانا وناميبيا وليسوتو، حيث يزيد عدد سكان هذه الدول عن مليون نسمة.

 

Image

الدول ذات الدرجات المنخفضة أو المتوسطة على كلا المؤشرين. المصدر: مركز بيو للأبحاث

التوزيع الإقليمي للدول التي سجلت درجات منخفضة أو متوسطة على كلا المؤشرين:

  • الأمريكتان: 32 من أصل 35 دولة سجلت درجات منخفضة أو متوسطة.
  • أوروبا: 33 من أصل 45 دولة.
  • إفريقيا جنوب الصحراء: 34 من أصل 48 دولة.
  • آسيا ومنطقة المحيط الهادئ: 24 من أصل 50 دولة.
  • الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: لم تسجل أية دولة درجات منخفضة أو متوسطة على كلا المؤشرين.
  1. الدول ذات الدرجات العالية أو العالية جدًا على كلا المؤشرين

سجلت 24 دولة متوسط درجات عالية أو عالية جدًّا على مؤشر القيود الحكومية ومؤشر العداءات الاجتماعية. وثمَّة عوامل مشتركة بين هذه الدول؛ إذ واجهت معظمها حروبًا مرتبطة بالدين، أو أنشطة عسكرية، أو عنف طائفي. وتتضمن قائمة هذه الدول ما يلي: بنجلاديش- الهند – العراق – نيجيريا – باكستان – سريلانكا – سوريا - تايلاند - اليمن.

الاتجاهات الإقليمية للدول ذات الدرجات العالية أو العالية جدًّا على كلا المؤشرين

جنوب آسيا: سجلت الهند وباكستان وبنجلاديش درجات عالية أو عالية جدًّا بسبب العنف المرتبط بالدين الذي تمارسه جهات غير حكومية، فضلًا عن فرض القيود الحكومية الصارمة.

الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: سجلت تسعة من أصل 20 بلدًا في هذه المنطقة درجات عالية أو عالية جدًّا على كلا المؤشرين.

آسيا والمحيط الهادئ: سجلت 10 بلدان من أصل 50 بلدًا درجات عالية أو عالية جدًّا.

أوروبا: تندرج أربعة من أصل 45 بلدًا في هذه القائمة.

إفريقيا جنوب الصحراء: سجلت دولة واحدة فقط درجات عالية أو عالية جدًّا.

الأمريكتان: لم يسجل أية بلد من أصل 35 بلدًا درجات عالية أو عالية جدًّا على كلا المؤشرين.

 

  1. الدول ذات الدرجات العالية في مؤشر القيود الحكومية والدرجات المنخفضة أو المعتدلة في مؤشر العداءات الاجتماعية

أظهر 32 بلدًا من البلدان التي جرى دراستها مستويات مرتفعة أو مرتفعة للغاية في مؤشر القيود الحكومية المفروضة على الدين، مع تسجيل مستويات منخفضة أو معتدلة في مؤشر العداءات الاجتماعية.

جدير بالذكر أن 22 من هذه البلدان تُصنَّف بأنها استبدادية وفقًا لمؤشر الديمقراطية لعام 2022م الصادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية. وتُفضِّل 20 بلدًا من هذه البلدان ديانات معينة، وتظهر 9 بلدان أخرى عداءً تجاه المؤسسات الدينية.

وتشير النتائج إلى أن الدول التي تفرض قيودًا حكومية عالية ومستويات منخفضة من العداء الاجتماعي غالبًا ما تكون لديها أنظمة استبدادية تتحكم في الدين باعتباره جزءًا من القيود الأخرى المفروضة على الحريات المدنية. وتتضمن قائمة هذه البلدان دول ما بعد الاتحاد السوفيتي التي تظهر عداءً للدين مثل: أذربيجان وكازاخستان وأوزبكستان.

ويسري هذا الحال على الأنظمة الاستبدادية الأخرى مثل: الصين وكوبا وفيتنام؛ إذ تواصل الصين فرض قيود حكومية صارمة، حيث تفرض حظرًا على الجماعات الدينية التي تعارض الحزب الشيوعي. كما تستهدف كوبا القادة المسيحيين المعارضين مع الحفاظ على مستويات منخفضة من العداء الاجتماعي.

وتفرض سنغافورة، المصنفة باعتبارها "ديمقراطية معيبة"، قيودًا حكومية صارمة، على الرغم من التزامها المُعلَن بالعمل على تحقيق الانسجام الديني الذي يتعرض للتقويض بسبب ممارسة السياسات التقييدية ضد بعض المجموعات الدينية.

 

Image

الدول ذات الدرجات العالية في مؤشر القيود الحكومية والدرجات المنخفضة أو المعتدلة في مؤشر العداءات الاجتماعية

المصدر: مركز بيو للأبحاث

التوزيع الإقليمي:

  • الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: 9 من من أصل 20 بلدًا تندرج في هذه القائمة.
  • آسيا والمحيط الهادئ: 15 من أصل 50 بلدًا، بما في ذلك الصين وسنغافورة.
  • أوروبا: 3 من من أصل 45 بلدًا.
  • إفريقيا جنوب الصحراء: 4 من أصل 48 بلدًا.
  • الأمريكتان: 1 من 35 دولة فقط.
  1. الدول ذات الدرجات العالية في مؤشر العداءات الاجتماعية والدرجات المنخفضة في مؤشر القيود الحكومية

أظهر التقرير أن 19 من إجمالي 198 بلدًا جرى دراستها سجلت درجات مرتفعة أو مرتفعة للغاية في مؤشر العداء الاجتماعي، بينما حافظت هذه البلدان على مستويات منخفضة أو معتدلة في مؤشر القيود الحكومية المفروضة على الدين. وتتضمن هذه البلدان 3 بلدان توصَف بأنها ديمقراطية كاملة: (الدنمارك وألمانيا والمملكة المتحدة) و3 بلدان ديمقراطية معيبة (بلجيكا والبرازيل والفلبين). إضافة إلى ذلك، صُنِّفَت 8 بلدان باعتبارها أنظمة استبدادية، و4 بلدان باعتبارها أنظمة هجينة.

 

Image

الدول ذات الدرجات العالية في مؤشر العداءات الاجتماعية والدرجات المنخفضة في مؤشر القيود الحكومية

المصدر: مركز بيو للأبحاث

التوزيع الجغرافي لهذه البلدان:

  • 9 بلدان في إفريقيا جنوب الصحراء
  • 5 بلدان في أوروبا
  • بلدان اثنان من الأمريكتين
  • بلد واحد في منطقة آسيا والمحيط الهادئ
  • بلدان من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

 

  1. القيود على الدين في عام 2022م

القيود التي تفرضها الحكومة

Image

 

في عام 2022م، ظل متوسط المؤشر العالمي للقيود التي تفرضها الحكومة ثابتًا. بيد أن عدد الدول التي سجلت مستويات مرتفعة أو مرتفعة للغاية في مؤشر القيود التي تفرضها الحكومة على الدين ارتفع إلى 59 دولة (بواقع 30% من إجمالي 198 دولة جرى دراستها)، وهو أعلى رقم مُسجَّل منذ عام 2007م، مقارنة بـ 55 دولة في عام 2021م. وعلى الرغم من هذا الارتفاع، سجلت معظم الدول (139 دولة، أو 70% من الدول التي جرى دراستها) مستويات منخفضة أو معتدلة من هذه القيود. ومع مرور الوقت، ارتفع مُعدَّل القيود الحكومية على صعيد عالمي، حيث زاد متوسط المؤشر من 8,1 في عام 2007م إلى 3 في عامي 2021م و2022م.

 

 

 

 

العداءات الاجتماعية

Image

 

بلغ متوسط المؤشر العالمي للعداءات الاجتماعية عند 6,1 في عامي 2021م و2022م. وارتفع عدد الدول التي سجلت مستويات مرتفعة أو مرتفعة للغاية من العداوات الاجتماعية ارتفاعًا طفيفًا؛ بواقع 45 دولة (23% من إجمالي الدول التي جرى دراستها) موازنة بـ 43 دولة عام 2021م. ومع ذلك، شهدت معظم الدول (153 دولة، أو 77%) مستويات منخفضة أو معتدلة من العداءات الاجتماعية المرتبطة بالدين. وتميل هذه العداءات، التي تتضمن أعمال العنف والمضايقات، إلى التفاوت والتذبذب أكثر من السياسات الحكومية. ومنذ عام 2007م، بلغ متوسط مؤشر العداءات الاجتماعية ذروته بواقع 1,2 عام 2017م، قبل أن ينخفض إلى 6,1 في عامي 2021م و2022م.

  1. مضايقات الحكومات للجماعات الدينية وتدخلها في العبادة عام 2022م

 

Image

أولًا: المضايقات الحكومية للجماعات الدينية

Image


تُعد المضايقات الحكومية للجماعات الدينية إحدى أكثر أنواع القيود انتشارًا؛ إذ جرى الإبلاغ عن هذه المضايقات في 186 من أصل 198 بلدًا ومنطقة شملتها الدراسة (بما يعادل 94%). وتتضمن هذه المضايقات تخريب الممتلكات والاعتداءات اللفظية والجسدية وحملات الاعتقال وأعمال القتل. ويُعد المسلمون والمسيحيون أكثر الجماعات الدينية التي استهدفتها أعمال المضايقات خلال عام 2022م.

ثانيًا: تدخل الحكومات في العبادة

يُعد تدخل الحكومات في العبادة أيضًا أحد أبرز القضايا؛ إذ سجل 170 بلدًا ومنطقة (بما يعادل 86%) هذا النوع من التدخل. ويتضمن هذا التدخل السياسات والإجراءات التي تعيق ممارسة الشعائر الدينية، مثل منع إصدار التصاريح لدور العبادة، أو منع الوصول إليها، أو تقييد بعض الشعائر مثل ممارسات الدفن.

مرصد الأزهر: يجب إعادة النظر في القوانين والسياسات التي تفرض قيودًا على الدين

ومن جانبه، يُشيد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بالمعلومات القيمة التي أوردها تقرير مركز بيو للأبحاث حول القيود الحكومية والعداءات الاجتماعية المرتبطة بالدين، والتي تعد مؤشرًا مهمًّا لقياس التحديات التي تواجه حرية الدين والمعتقد على مستوى العالم. ويؤكد ارتفاع عدد الدول التي تفرض قيودًا مرتفعة على الممارسات الدينية إلى مستويات غير مسبوقة ضرورة تعزيز الجهود الدولية التي تدعم حرية الدين باعتباره حقًّا أساسيًّا من حقوق الإنسان.

ويرى المرصد أن القيود التي تفرضها الحكومات تمثل انتهاكًا صارخًا للحقوق الدينية، فضلًا عن أنها تدل على غياب تنفيذ السياسات العادلة التي تضمن التعايش الديني، وتعزز السلام المجتمعي، ومن ثم فإن هذا الوضع يتطلب تكاتف الجهود الحكومية والمجتمعية لمكافحة الكراهية الدينية، وتعزيز ثقافة الحوار بين الأديان.

كما يدعو المرصد إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية لمعالجة هذه القضايا، بداية من إعادة النظر في القوانين والسياسات التي تفرض قيودًا على الدين، ووصولًا إلى نشر قيم التسامح والاحترام المتبادل من خلال حملات توعية شاملة، وهو ما يعمل عليه مرصد الأزهر بالفعل منذ تأسيسه عام 2015م.

 

وحدة الرصد باللغة الإنجليزية

طباعة