في خطوة تعكس الجهود الدولية المبذولة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، أعلنت منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) عن تنفيذ عمليات أمنية واسعة في شرق القارة الإفريقية وغربها، ما أسفر عن اعتقال 82 شخصًا يُشتبه في تورطهم في أنشطة إرهابية وجرائم تهريب المخدرات.
في هذا السياق، شهد شرق إفريقيا اعتقال 37 مشتبهًا بهم، بينهم أعضاء يُعتقد بانتمائهم إلى تنظيم داعش الإرهابي، وذلك خلال عمليات نفذت بالتعاون مع هيئة الشرطة الإفريقية (أفريبول) خلال شهري: نوفمبر وديسمبر الماضيين. وشملت هذه الاعتقالات دولًا مثل: كينيا، وتنزانيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والصومال، مما يعكس تصاعد التهديدات الإرهابية في المنطقة.
أما في غرب إفريقيا، فقد تمكن الإنتربول خلال الأشهر الثلاثة الماضية من اعتقال 45 شخصًا في عمليات استهدفت مكافحة تمويل الإرهاب والاتجار بالمخدرات. ووفقًا لبيان المنظمة، شملت هذه العمليات اعتقال شخص يشتبه في انتمائه لداعش، في المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وآخر من شمال إفريقيا كان يحاول السفر عبر أوروبا للانضمام إلى التنظيم.
تأتي هذه العمليات الأمنية وسط مخاوف من استعادة التنظيمات الإرهابية لنشاطها، وتزايد دور تهريب المخدرات عبر الحدود في تمويل أنشطتها وتعزيز نفوذها في القارة التي تعاني من وطأة الإرهاب.
وتشير العمليات الأمنية الأخيرة إلى تصاعد خطر الإرهاب والجريمة المنظمة في إفريقيا؛ حيث تستغل الجماعات الإرهابية الحدود غير المحكمة والأوضاع السياسية غير المستقرة في توسيع أنشطتها الإجرامية. كما يُبرز ضبط كميات ضخمة من المخدرات، مثل (الكوكايين) بقيمة 50 مليون دولار في الرأس الأخضر و10 أطنان من (الأمفيتامين) في بوركينا فاسو، مدى الترابط الوثيق بين شبكات تهريب المخدرات وتمويل الإرهاب في إفريقيا.
ووفقًا للإنتربول، فإن المشهد الأمني في إفريقيا يزداد تعقيدًا مع استمرار النزاعات الإقليمية، ما يستدعي تعزيز التعاون الدولي وتكثيف العمليات الأمنية للحد من المخاطر المتنامية.
على صعيد آخر، تبرز هذه الاعتقالات الدور الحيوي للإنتربول في مواجهة التحديات الأمنية العابرة للحدود، إذ لم تعد الجرائم الإرهابية والمخدرات مقتصرة على مناطق محددة، بل أصبحت تهديدًا عابرًا للحدود يتطلب إستراتيجيات أمنية متكاملة وتعاونًا دوليًّا فعالًا لمواجهته والتصدي له. ومع استمرار هذه التحديات، يبقى التنسيق الأمني بين الدول والجهات المختصة العامل الحاسم في الحد من تمدد الإرهاب والجريمة المنظمة ليس فقط في إفريقيا، ولكن على مستوى العالم بأسره.
لذا يثمّن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف هذه الجهود، مشدّدًا على أنه لا فرق في الإجرام بين مجرم ينفّذ جرائمه بدعوى تطبيق شرع لا يعلم منه إلا ما زينه لنفسه واجتزأه ليناسب هواه وأجندته، وبين مجرم يسعى لنفوذ وسطوة مال، وبين ثالث ينفّذ جرائمه بأطماع استعمارية.