موقف مصر الرافض لمخطط التهجير ... تحديات وضغوط تثير تحليلات إعلامية واسعة!

  • | الثلاثاء, 4 مارس, 2025
موقف مصر الرافض لمخطط التهجير ... تحديات وضغوط تثير تحليلات إعلامية واسعة!

     منذ شن الحرب على قطاع غزة في أعقاب هجمات السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م وموقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم واضح وراسخ. وفي مناسبات متعددة، جدد الرئيس عبد الفتاح السيسي تأكيد هذا الموقف معلنًا أن مصر لن تكون جزءًا من أي مقترح لنقل الفلسطينيين أو تهجيرهم أو تصفية قضيتهم.

ومنذ أيام، عندما اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطةً لما أسماه: تطهير قطاع غزة ونقل سكانه إلى مصر والأردن، ثم حديثه عن خطته لاستيلاء بلاده على القطاع، ونقل سكانه منه، وتحويله إلى "ريفيرا الشرق الأوسط"، تحركت مصر في اتجاهات متعددة لمجابهة هذه الخطة وإفشالها.

فلم يتوقف الموقف المصري الرافض للمخطط -الذي تراه القاهرة تهديدًا لأمنها القومي- عند حد التصريحات، بل إن الدبلوماسية المصرية تتحرك على الأرض لمواجهة هذا المخطط ومنعه عبر مجموعة من الإجراءات، منها تقديم الإغاثة العاجلة لتعزيز صمود المواطن الفلسطيني، وتثبيت وجوده على أرضه؛ والدفع نحو بدء إعادة إعمار القطاع المنكوب مع تسريع تلك العملية وتنفيذها دون خروج أي مواطن فلسطيني من أرضه، كما جاء في تصريحات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الذي قال في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الجيبوتي محمود علي يوسف: "لدينا رؤية واضحة في إعادة إعمار غزة دون خروج أي مواطن من أرضه، ولدينا توافق عربي في هذا الشأن، ونتحدث مع الأمم المتحدة في هذا الإطار".

وبالنظر إلى مكانة مصر وموقعها، فإنه قُدِّر لها أن تضطلع بالدور الأكبر في هذا السياق، فهي أحد الوسطاء في اتفاق وقف إطلاق النار، بجانب إدارتها لمعبر رفح من الجانب المصري، الأمر الذي يسهل عمليات نفاذ الإغاثة لسكان القطاع، وتنفيذ مشروعات عاجلة لإعادة الحياة إلى القطاع.

ومنذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، تابعت مصر الأوضاع عن كثب، وأرسلت قوافل ضخمة من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، كما استقبلت الجرحى والمصابين لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية. وتضمنت المرحلة الأولى من الاتفاق، إدخال المساعدات الطبية والغذائية، وإعادة تأهيل المستشفيات والمرافق الصحية، وتوفير مستلزمات الإيواء للنازحين.

وعلى الصعيد الإقليمي، تحرص مصر على تنسيق مواقفها مع دول المنطقة، وخاصة السعودية، التي قال ترامب: إنها لا تشترط إقامة دولة فلسطينية مقابل تطبيع علاقاتها مع الاحتلال. غير أن السعودية ردَّت بتأكيد تمسكها بموقفها الثابت تجاه إقامة دولة فلسطينية، ورفضها كل مخططات التهجير... كما تسعى مصر إلى حشد موقف عربي وإقليمي موحد للوقوف أمام مخطط اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم وتمكين الاحتلال منها.

وفي سعيها لإيجاد خطة بديلة لمخطط الرئيس الأمريكي ترامب، تسعى مصر جاهدة إلى تعزيز الجهود الدولية لإعادة إعمار غزة وتأهيل البنية التحتية، مع تأكيد اقتران ذلك ببقاء الفلسطينيين على أرضهم، ودفعها بكل قوة لإدخال المعدات اللازمة للبدء في إعادة الإعمار إلى جانب الإصرار الدائم على رؤيتها للحل "الوحيد المستدام" للقضية الفلسطينية ممثلًا في إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧م، وعاصمتها القدس الشرقية.

لطالما كانت مصر سبّاقة في تنبؤها بالأحداث، واستشرافها للمستقبل، وكشفها للمخططات التي تخبو تارةً وتظهر تارات؛ فالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حذَّر في بداية الحرب من مسألة التهجير معتبرًا أن ذلك سيفضي إلى القضاء على فرص إقامة الدولة الفلسطينية، واصفًا هذا الأمر "بالخط الأحمر" الذي يهدد الأمن القومي المصري. وكرر الرئيس السيسي تحذيره هذا مرارًا في مناسبات متعددة، مؤكدًا أن المساس بتلك الحقوق «يهدد الاستقرار، وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها».

وفي ضوء هذا الموقف الحاسم والمشرِّف، رصدنا في المدة الماضية -ومنذ تولي الرئيس ترامب مهامه في البيت الأبيض وإطلاق تصريحاته بشأن غزة - عددًا من المقالات التي تناولت الضغوط التي تعرضت لها مصر في سبيل إجبارها على الموافقة على مشروع التهجير، ومن هذه المقالات ما يلي:

بتاريخ ٢ فبراير ٢٠٢٥: نشر موقع مؤسسة "العربي الجديد" الإلكتروني الإعلامي الناطق باللغة الإنجليزية –وهي مؤسسة إخبارية عربية مقرها لندن، مملوكة لشركة فضاءات ميديا القطرية– خبرًا وصفه "بالحصري" أفاد فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب تقارير، استخدمت أزمة الأمن المائي لمصر ورقةً للضغط على القاهرة لقبول خطة تهجير فلسطيني غزة قسريًّا. وذكر الموقع أن مسئولًا رفيع المستوى في إدارة ترامب عقد يوم الأربعاء الماضي اجتماعات منفصلة مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ورئيس المخابرات العامة حسن رشاد، خلال زيارة له إلى القاهرة للتباحث بشأن خطة التهجير المثيرة للجدل والنزاع الدائر حول سد النهضة الإثيوبي.

ووفقًا للمصادر، اقترح المبعوث الأمريكي أن يكون تدخل الولايات المتحدة لحل أزمة السد مشروطًا بتعاون مصر في مسألة إعادة توطين سكان غزة في مصر والأردن. وعلى الرغم من هذه الضغوط، أكد المسئولون المصريون رفضهم التام لمقترح الرئيس ترامب بشأن "تطهير غزة" ونقل سكانها إلى الدول المجاورة، معربين عن قلقهم حيال المقترح ومحذرين من التحديات البالغة والعواقب الوخيمة التي ينطوي عليها، ومشددين على صعوبة تنفيذه. وأضاف الموقع إن المبعوث الأمريكي التقى شخصيات عامة ورئيسين من رؤساء الأحزاب السياسية في مصر؛ للوقوف على موقف مصر من مقترح ترامب وتحديد ما إذا كانت التظاهرات العامة ضد الخطة أدت إلى ظهور مشاعر معادية للولايات المتحدة أو أنها مجرد رفض لمبادرة التهجير.

كذلك أفاد الموقع المذكور أنه وفقًا لمصدر دبلوماسي مصري رفيع المستوى له اطلاع على اللقاءات التي تمت، فإن قدرة القاهرة على مجابهة خطة ترامب تحتاج إلى دعم عربي واسع النطاق، وإلا ستكون المواجهة صعبة. وأشار المصدر إلى أن ترامب كان عازمًا على المضي قدمًا لتنفيذ المقترح رغم الاعتراضات المصرية؛ فيما أبدى المسئولون المصريون انفتاحهم على التوصل إلى حلول بديلة من شأنها ضمان أمن إسرائيل دون اللجوء إلى التهجير القسري للفلسطينيين من أرضهم.

بتاريخ ٤ فبراير ٢٠٢٥: نشر الموقع السابق مقالًا بعنوان: "هل سيؤثر رفض مصر لخطة تهجير سكان غزة على العلاقات مع الولايات المتحدة"؟! وذكر فيه أنه على الرغم من أن البيانات الرسمية التي صدرت عن البيت الأبيض والرئاسة المصرية بشأن المكالمة الهاتفية التي جرت بين الزعيمين، لم تتعرض لخطة ترامب لطرد الفلسطينيين من غزة، فإن التكهنات منتشرة في القاهرة بشأن ضريبة رفض مصر لمقترح ترامب على العلاقات مع الولايات المتحدة في المستقبل. إن هذه العلاقات في تقلب مستمر عبر السنوات، لكن فترة ترامب الرئاسية الأولى اتسمت بتحسن العلاقات مع القاهرة بعد توتر دام لأربع سنوات مع إدارة باراك أوباما بسبب أحداث ٢٠١٣م. فترامب ادعى وجود علاقة جيدة تربطه بالسيسي في ٢٠١٦م، ووصفه "بالصديق"، وأعرب عن ثقته في أن "يفعل السيسي شيئًا ما لمساعدة فلسطينيي غزة على العيش بأمان بعيدًا عن العنف"!

وفي إجابته عن سؤال بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستفرض تعريفات جمركية على مصر والأردن لرفضهما قبول لاجئي غزة، أعاد ترامب مقترحه قائلًا: "إن الدولتين ستفعلان؛ لأن بلاده ساعدتهما في الماضي"، محاولًا بذلك وضع الرئيس المصري في موقف حرج؛ لأنه سيكون من الصعب تغيير الموقف الراسخ الذي اتخذته مصر تجاه قضية تهجير الفلسطنيين من غزة إلى سيناء منذ اندلاع الحرب على غزة، وهو الأمر الذي اعتبره السيسي "خطًّا أحمر".

في 29 من يناير 2025م: شدد السيسي على أن التهجير المخطط للفلسطينيين من غزة هو نوع من الظلم لا يمكن لبلاده أن تشارك فيه، متذرعًا بالرفض الشديد من المصريين لهذه الخطة؛ إضافة أنه إذا رضخت القاهرة لخطة ترامب وقبلت اللاجئين الفلسطينيين جزءًا من التهجير القسري لهم، فإن السيسي لن يمكنه ضمان بقاء المصريين، أو الجيش في الحقيقة، صامتًا.

تشديد الخناق على مصر:

إن اعتماد مصر على الأموال الساخنة والقروض من مؤسسات الائتمان الدولية والودائع الأجنبية من النقد الأجنبي من الدول العربية الشقيقة لربما يشكل المجالات التي يمكن أن يتدخل فيها النفوذ الأمريكي في الفترة المقبلة لجعل حياة المصريين أصعب. فالدولة العربية الأكثر من حيث تعداد السكان تعاني اقتصاديًّا منذ عقد من الزمن تقريبًا، ناهيك عن الأزمات المتلاحقة التي تأثرت بها كثيرًا كالإرهاب، ووباء كورونا، والغزو الروسي لأوكرانيا، وحرب إسرائيل على غزة؛ علاوة على تأثر قناة السويس بسبب هجمات الحوثي على السفن في البحر المتوسط، وتدهور عائداتها بحسب التقديرات بقيمة 7 مليار دولار في 2024م.

وإذا نجح ترامب في إقناع مستثمري رؤوس الأموال الساخنة والدول العربية الشقيقة في سحب أموالهم من البنك المركزي المصري، فإن الولايات ستطبق ضغطًا كبيرًا على القاهرة، وتفاقم من مشكلاتها الاقتصادية. ومع تشديد الخناق الاقتصادي على مصر، فإن القاهرة قد تُجبَر على قبول جزء على الأقل من مقترح تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. وإن أي تدهور إضافي للاقتصاد في مصر قد يكون له تداعيات خطيرة على المستوى السياسي والأمني والاجتماعي في مصر والمنطقة ككل.

يقول مراقبون: إن الأهمية الإستراتيجية لمصر كانت سببًا في تدفق الدعم الاقتصادي الدولي، بما في ذلك الدعم المقدم من الاتحاد الأوروبي، حيث يعتبرها حجز زاوية لاستقرار المنطقة. ولهذا لم يكن رد فعل ترامب على رفض مصر القاطع لمقترح التهجير عفويًّا؛ فمصر تمثل طرفًا رئيسًا لإستراتيجية الأمن الأمريكي في المنطقة بما لديها من جيش قوي الذي تنظر إليه واشنطن باعتباره ميزة لاستقرار المنطقة. هذا إضافة إلى أن مصر هي الدولة العربية الأولى التي دخلت في اتفاق سلام مع إسرائيل عام 1979م، وهذا يجعلها شريكًا ذا قيمة بالنسبة للولايات المتحدة في جهود مكافحة الإرهاب. وقد لعبت مصر دورًا محوريًّا من خلال وساطتها في محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين على مدى عقود من الزمن ومع ما لعبته من دور في التوصل إلى الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار في غزة، فقد أكسبها كل ذلك أهمية كبرى بالنسبة لصانعي السياسة الأمريكية. وربما كان قرار وزارة الخارجية الأمريكية الأخير باستثناء مصر مع إسرائيل من الأمر التنفيذي بوقف جميع المساعدات الأجنبية في مجال التنمية لمدة 90 يومًا إشارة إلى أهمية مصر بالنسبة للولايات المتحدة.

فمصر تستقبل حوالي 1.5 مليار دولار من الولايات المتحدة في شكل معونة عسكرية واقتصادية منذ توقيع اتفاق السلام مع إسرائيل عام 1979م. وعلى الرغم من أنه يتم إنفاق معظم هذه المعونة في شراء الأسلحة الأمريكية وقطع الغيار، فإنها سهلت عملية تحديث الجيش المصري الذي يخدم المصالح الأمنية لمصر. وفيما يتعلق بمسألة تأثير رفض مصر لمقترح ترامب على هذه المعونة الأمريكية في السنوات الأربع المقبلة، يظل الأمر رهن النظر.

وهناك أيضًا تكهنات حول تأثير موقف مصر من مقترح التهجير على القضايا الدبلوماسية الأخرى، بما في ذلك تدخل ترامب في الصراع بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة. فقبل انتهاء فترة رئاسته الأولى عام 2020م، كان ترامب على وشك التوصل لحل يساعد الطرفين على التوصل لاتفاق بشأن إنشاء وتشغيل السد. وبعد فشل المحادثات بين الدولتين، بدا الرئيس الأمريكي داعمًا لحق مصر في الدفاع عن نفسها ضد مشروع إثيوبيا، منوهًا على أن القاهرة قد تفجِّر السد. إلا إنه عندما ناقش ترامب والسيسي مسألة السد في مكالمة يوم السبت الماضي، أشارت بعض التقارير الصحفية إلى أن هذه القضية استخدمت للضغط على مصر للرضوخ لخطة ترامب.

وعلى الرغم من أن السيسي كان صريحًا في موقفه ضد الخطط الإسرائيلية لإخلاء قطاع غزة وتهجير سكانه، محذرًا من أن التهجير إلى سيناء سيهدد السلام مع إسرائيل، فإن ترامب حاول الضغط على الرئيس المصري ليسير على خط دقيق بين قبول مقترحه، وتعريض أمن بلاده للخطر، والسماح بتصفية القضية الفلسطينية، لكن السيسي لم يرضخ لتلك الضغوط، ورمى الكرة في ملعب الرأي العام، عازيًا رفضه للخطة إلى الرفض الشعبي العام. ففي الأسبوع الماضي، قال السيسي :"إن أكثر من 100 مليون مصري سوف يخرجون في الشوارع لمعارضة خطة تهجير سكان غزة إن وافق هو على خطة ترامب". وقد تُرجم هذا الرفض العام إلى بيانات رفض واستهجان من البرلمان المصري، والنقابات العمالية، والمؤسسة الدينية، والأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، علاوة على خروج الآلاف من المتظاهرين بالقرب من معبر رفح للتعبير عن رفضهم لخطة ترامب.

وفي 8 فبراير 2025: نشر نفس الموقع أيضًا مقالًا بعنوان: "كيف ستزيد خطة تهجير غزة من أثقال مصر بسبب اللاجئين" وجاء فيه: "تواجه مصر، التي تستضيف حوالي 10 ملايين مهاجر ولاجئ، الآن ضغوطًا لإيواء مئات الآلاف من الغزاويين، الأمر الذي تعتبره القاهرة ظلمًا للفلسطينيين، وخطرًا محتملًا يهدد اقتصادها وأمنها.

كانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد أشادت بسياسة مصر تجاه المواطنين الأجانب المهجرين الذين تستقبلهم في المجتمعات، "الأمر الذي يعكس التزام الحكومة بالميثاق العالمي المتعلق بمبدأ توفير بدائل للاجئين مكان المخيمات."

وفي حين تقول الإحصاءات الرسمية: إن مصر تستضيف أكثر من 9 ملايين لاجئ وطالب لجوء، لا يوجد سوى 822710 منهم مسجلين لدى المفوضية. ووفقًا لإحصاءات الأمم المتحدة، سجلت مصر لاجئين من 59 دولة، من بينها: السودان، وسوريا، وجنوب السودان، وإريتريا، وإثيوبيا، واليمن، والصومال، والعراق. واعتبارًا من أكتوبر 2023م، سجل السودانيون العدد الأكبر من اللاجئين المسجلين –وبعدهم السوريون­– نظرًا للأحداث الدائرة في السودان.

من جانبه، أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، عن قلقه حيال الضغوط التي تشكلها أزمة اللاجئين على الموازنة العامة والمجتمعات المضيفة، مشيرًا إلى عدم كفاية الدعم الدولي وسط تزايد أعداد النازحين.

وخلال اجتماع حضره في 27 يناير 2025م، مع رؤساء ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة في جينيف، أكد عبد العاطي على مطالبة مصر بمشاركة عادلة ومستدامة في المسؤولية من الجميع، داعيًا المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة إلى المساعدة في إدارة تدفق اللاجئين، وتعزيز قدرة مصر على استضافة هؤلاء الموجودين على أراضيها بالفعل. وفي 28 يناير 2025م، أفاد عبد العاطي الاستعراض الدولي الشامل لحقوق الإنسان في جينيف بأن بلاده اضطلعت بمسؤولية كبيرة نيابة عن المجتمع الدولي؛ حيث استضافت 10.7 مليون مواطن أجنبي، منهم لاجئون ومهاجرون غير نظاميين. وأضاف عبد العاطي: "إلا إن قدرة مصر على الاستيعاب ومواصلة جهودها مهددة، لا سيما مع عدم كفاية الدعم الدولي بالنظر إلى الضغوط التي نواجهها".

وفيما يتعلق بالضغوط الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها مصر بسبب استضافة هذه الأعداد، كان رئيس الوزراء قد صرح في أبريل من العام الماضي 2024م، أن بلاده تتكبد سنويًّا ما يقرب من 10 مليار دولار نظير استضافتها لهذا العدد من اللاجئين في الوقت الذي تواجه فيه مصر أزمة اقتصادية، وتتلقى مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي وغيرها، إسهامًا في منع أو تفادي الانهيار.

وتتمثل الأزمة الاقتصادية التي تحدث عنها رئيس الوزراء في انخفاض عائدات قناة السويس بنسبة 60% عام 2024م، نتيجة التوترات الإقليمية، وهجمات الحوثي في البحر الأحمر، علاوة على ارتفاع معدلات التضخم.

في 9 فبراير 2025م: نشر موقع صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية اليومية الناطقة باللغة الإنجليزية خبرًا بعنوان: "الأردن ومصر تحذران: تهجير غزة سيعزز من وجود حماس على طول الحدود الإسرائيلية"، نقل فيه تحذيرات مسؤولين أمنيين مصريين وأردنيين رفيعي المستوى من مغبة مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بطرد السكان من غزة إلى بلادهم؛ حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى تكوين معاقل إرهابية على طول الحدود مع إسرائيل. ومن جانب مصر، شدد مسؤولون أمنيون على أن تدفق مئات الآلاف من عناصر حماس إلى سيناء في مصر عن طريق معبر رفح الحدودي قد يؤدي إلى زعزعة الأوضاع على الحدود، ويهدد اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل.

أما الأردن، فقد حذر مسؤولون أمنيون بأن التهجير القسري لحوالي مليون غزاوي إلى داخل الحدود قد يؤدي إلى ظهور حماس وغيرها من الجماعات المسلحة على طول الحدود الشرقية من إيلات في الجنوب وحتى الطرف الجنوبي من بحيرة طبريا شمال إسرائيل. وكانت الأردن قد رصدت محاولات إيرانية للتسلل إلى  أراضيها بهدف زعزعة استقرار المملكة. ويرى المراقبون أن محور الشيعة ينظر للأردن الآن باعتبارها الوكيل المحتمل الذي يمكنهم توسيع قبضتهم الإقليمية فيه بعد خسارة معاقلهم في سوريا ولبنان.

وحدة الرصد باللغة الإنجليزية

طباعة