يدرك "بنيامين نتنياهو" ويعي جيدًا أن بقاءه على رأس السلطة داخل الكيان الصهيوني بات مرتبطًا باستمرار الحرب، ومواصلة التطهير العرقي للفلسطينيين من غزة والضفة الغربية، وأنه لا مناص عن إرضاء اليمين المتطرف داخل الكيان الصهيوني، والذي لولا دعمه لم يكن نتنياهو ليتمكن من تشكيل حكومته الحالية، والتي هي واحدة من أشد حكومات الكيان تطرفًا وإرهابًا ووحشية؛ لذا يسعى الإرهابي الأكبر إلى تجديد حرب الإبادة في غزة مرة أخرى مستغلًّا وصول الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" إلى البيت الأبيض مرة أخرى بأجندة تتبنى تهجير الفلسطينيين من غزة.
وفي هذا السياق، وبعد أقل من شهرين على وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير 2025م، كشف تقرير نشرته صحيفة "واشنطن فري بيكون" الأمريكية" – وهي صحيفة ذات أجندة يمينية- عن مخطط للاحتلال الصهيوني، تم بحثه على المستويات السياسية والعسكرية رفيعة المستوى؛ لتجديد الحرب في غزة في غضون أربعة إلى ستة أسابيع، وإرسال عشرات الآلاف من الجنود لاحتلال قطاع غزة بأكمله في هجوم منسق ضد المقاومة الفلسطينية.
خطة إبادة مكتملة الأركان
أشار التقرير إلى أن رئيس أركان جيش الاحتلال الجديد "إيال زمير"، بأوامر من رئيس الوزراء "نتنياهو" ووزير الحرب "يسرائيل كاتس"، قد بدأ بالفعل في تطوير خطة إبادة مكتملة الأركان لسكان غزة، وذلك بالتنسيق مع عدد من المسؤولين الصهاينة السابقين والحاليين رفيعي المستوى. وتقضي الخطة بتجهيز نحو 50 ألف جندي صهيوني لشن حملة برية ضخمة على قطاع غزة بأكمله؛ حيث تهاجم من أربع إلى خمس فرق في وقت واحد شمال القطاع ووسطه وجنوبه والقضاء على جميع السكان، وذلك بعد إنذار الفلسطينيين بالانتقال إلى مناطق يزعم الاحتلال أنها "مناطق إنسانية"، ومن لم يمتثل لأوامر الاحتلال وظل في بيته فسيكون عُرضة للقتل.
وكأن كل المجازر الوحشية التي ارتكبها الاحتلال على مدار عام ونصف ليست كافية، ويحذر التقرير أن الأمر سيصبح مختلفًا عما حدث طوال الحرب وحتى الآن؛ فحسب العقيد احتياط، "حازي نحما"، الذي شارك في وضع "خطة الجنرالات" أن الأمر سيكون حاسمًا، وقال العميد احتياط، "أمير أفيفي"، مؤسس حركة "الأمنيين" لوسائل الإعلام: إن الكيان سيستخدم كل أداة تحت تصرفه لاحتلال غزة والقضاء على المقاومة.
وحقيقة هنا لا نجد وصفًا لما يهدد به قادة الاحتلال الإرهابيين أكثر من قتلهم نحو 50 ألف فلسطيني، وتدمير القطاع بشكل كامل حتى أصبح غير صالح للحياة، ولا ندري ما الذي سيفعلونه بالقطاع وأهله أكثر مما فعلوا. ويؤكد المرصد أننا إذا كنا في عالم يحترم حياة الإنسان ويقدرها، فإن هؤلاء الصهاينة يجب أن يحاكموا بتهم إبادة وجرائم حرب، وأن يكونوا عبرة تاريخية، بيد أننا الآن بتنا في عالم يكيل بمكاييل مختلفة، ويدعم القاتل، ويهاجم الضحية.
المساعدات الإنسانية سلاح صهيوني خبيث لتهجير الفلسطينيين
قال المسؤول الاستخباراتي "كوبي ميخائيل"، الرئيس السابق للشأن الفلسطيني في مكتب الشؤون الإستراتيجية: إن الخطة تتضمن أيضًا تقليص المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، ومنع المساعدات خارج المناطق الإنسانية، بزعم منع المقاومة من الحصول على المساعدات، مما يزيد الضغط على المقاومة من خلال السكان المحليين. جدير بالذكر أن جيش الاحتلال قد رفع بالفعل مستوى التأهب على طول حدود غزة، الأحد 2 مارس 2025م، في إطار استعداده لاستئناف حرب الإبادة.
وصرح مسؤول في حكومة الاحتلال، لصحيفة "واشنطن فري بيكون" قائلًا: "إنه في اجتماعات الحكومة الأخيرة، رفض الوزراء بشكل قاطع نهج رئيس الأركان السابق، هرتسي هاليفي، تجاه غزة، والتي يرى أنها تعوق تحقيق الانتصار في الحرب.
ووفقًا لتصريحات عسكريين صهاينة، فإن تقديرات رئيس أركان جيش الاحتلال تفيد أن الخطة، التي سيقدمها إلى نتنياهو وكاتس، يمكن أن تكتمل في غضون ستة أشهر أو أقل، وأنه حان الوقت لمهاجمة غزة بجميع قوات جيش الاحتلال؛ حيث يرى أن حزب الله أصبح لا يشكل تهديدًا في الشمال، وبالتالي ليست هنالك حاجة إلى تقسيم القوات على أكثر من جبهة.
كما أكد مسؤول عسكري صهيوني سابق أن رئيس الأركان التالي اعترض على رؤية "هاليفي"، وأخبر رئيس الوزراء ووزير الحرب أنه سيقدم لهما خطة مختلفة، أكثر عدوانية وحسمًا، بمشاركة المزيد من القوات. فيما صرح مصدر عسكري لوسائل الإعلام أن الخطة الجديدة لا تتعامل بشكل مباشر مع اليوم التالي للحرب في غزة، لكنهم أكدوا أن صناع القرار في الاحتلال يأخذون دعوة ترامب للتهجير الجماعي لسكان غزة على محمل الجد، على الرغم من المعارضة الدولية للفكرة.
وتنفيذًا لتهديداته، أصدر مكتب رئيس وزراء الكيان الصهيوني، الأحد 2 مارس 2025م، قرارًا بمنع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة، في قرار لا يعرف للإنسانية سبيلًا؛ وفي جريمة تؤكد تجرد الاحتلال من كل معاني الرحمة وقيم الإنسانية.
وتأكيدًا على نوايا الاحتلال الخبيثة في استئناف حرب الإبادة والتطهير العرقي في غزة، نشر موقع "كيكار هشابات"، تقريرًا حول عزم نتنياهو قطع المياه والكهرباء والمساعدات الإنسانية عن غزة كخطوة أولى لدفع الفلسطينيين للهجرة من غزة.
وأشار الموقع إلى أن هناك مصادر في مكتب "نتنياهو" تقول إنه لا ينوي المضي قدمًا في المرحلة الثانية من الصفقة، على الرغم من إرسال فريق التفاوض بالفعل إلى القاهرة، وأنه من الممكن العودة إلى القتال خلال وقت قصير للضغط على المقاومة الفلسطينية للإفراج عن الأسرى الصهاينة. وأن السبب في تغير موقف "نتنياهو" هو وصول "ترامب" إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي أعطاهم الضوء الأخضر لتهجير الفلسطينيين.
من جهته، يؤكد مرصد الأزهر أن الكيان الصهيوني يسعى بكل قوة إلى استغلال وصول "ترامب" إلى البيت الأبيض لتنفيذ مخططاته الرامية إلى تنفيذ حلمهم المزعوم والمعروف بـ "إسرائيل الكبرى"؛ من النيل إلى الفرات، وأن الأطماع الصهيونية التي يقودها اليمين المتطرف برئاسة الإرهابي الأكبر "نتنياهو" لن تتوقف عند حد معين، وأن الحل الوحيد هو توحيد الصف العربي أمام الغطرسة الصهيونية، لمواجهة مخططات التهجير غير المقبولة، والعمل الجاد والحاسم على إقامة دولة فلسطينية مستقلة كونه الحل الوحيد لوقف الصراع في المنطقة، وإجبار الصهاينة على التخلي عن أوهامهم وأطماعهم الاستعمارية، خاصة وأن الصهاينة معروف عنهم أن لا يجيدون التعايش السلمي، ولا يؤمنون بوجودهم إلى جانب الآخرين، وإنما يؤمنون أن وجودهم حتمًا لا بد أن يكون على حساب فناء الآخرين، وهو مبدأ متطرف لا يُدحض إلا بالقوة ووحدة الصف.
وحدة الرصد باللغة العبرية