مرصد الأزهر يفتح الصندوق الأسود لحركة الشباب المجاهدين الصومالية ويؤكد: معالجة فكر المتطرفين وليس ما ينتج عنه..المواجهة الحقيقية

  • | الأحد, 21 أغسطس, 2016
مرصد الأزهر يفتح الصندوق الأسود لحركة الشباب المجاهدين الصومالية ويؤكد: معالجة فكر المتطرفين وليس ما ينتج عنه..المواجهة الحقيقية

كثيراً ما يتردد اسم حركة الشباب المجاهدين الصومالية في وسائل الإعلام وعادة ما يرتبط هذا الاسم بدماء الأبرياء من ضحايا هجمات هذه الحركة التي تولدت من رحم تنظيم القاعدة وأخذت تشتد في قوتها وعتادها حتى باتت تمثّل الخطر الأكبر ومصدر الإرهاب في شرق القارة الإفريقية، حتى بعد انقسامها لفصيلين أحدهما بقي على ولائه للقاعدة والآخر راح يبايع الدولة المزعومة "تنظيم داعش"، الأمر الذي لم يتوقف عند حد المواجهة على الأراضي الصومالية فحسب، بل تعداها إلى دول الجوار وأبرزها كينيا التي تعد أكبر المتضررين من هجمات الحركة من بين دول جوار الصومال.

ومن خلال عمل مرصد الأزهر على كشف جماعات الدم والإرهاب يسلط الضوء في الأسطر القادمة على هذه الحركة حتى يكشف للقارئ الكريم ما لا يعرفه عن هذه الحركة منذ النشأة حتى وقتنا الراهن


التأسيس والعلاقة بالمحاكم الإسلامية:

يعود تأسيس حركة الشباب الصومالية إلى عام 2004، غير أن كثافة نشاطها وتداول اسمها في الإعلام يعود إلى عام 2007. وقد ظلت الحركة توصف في البداية بأنها الجناح العسكري للمحاكم الإسلامية خاصة في فترة استيلاء المحاكم على أكثرية أراضي جنوب الصومال في النصف الثاني من عام 2006.غير أن هزيمة المحاكم أمام مسلحي الحكومة الصومالية المؤقتة المدعومة من طرف الجيش الإثيوبي وانسحاب قيادتها خارج الصومال، وتحالفها مع المعارضة الصومالية في مؤتمر أسمرا المنعقد في سبتمبر2007، كانت سبباً وراء انشقاق حركة الشباب الصومالية عن المحاكم متهمة إياها بالتحالف مع العلمانيين والتخلي عن الجهاد في سبيل الله.

قيادة الحركة:

الزعيم الحالي للحركة هو " أحمد ديري أبو عبيدة"  والذي خلف "أحمد عبدي غودني"  الذي تزعم الحركة من 2008 إلى 2014 المشهور بـ(الشيخ مختار عبد الرحمن أبو الزبير) قبل أن يلقى مصرعه في غارة أمريكية في سبتيمبر 2014م جنوب الصومال, وفي عهد غودني وصلت الحركة إلى ذروة قوتها حيث سيطرت على ثلاثة أرباع العاصمة مقديشو وكادت تقضي على الحكومة الصومالية برئاسة شيخ شريف أحمد والمدعومة غربياً وإفريقيا لولا انسحابها المفاجئ من العاصمة إثر ظهور خلافات بينه وبين المتحدث السابق باسم الحركة الشيخ مختار علي روبو أبو منصور الذي انسحب بمعظم قواته من العاصمة وانعزل عن الحركة إلى الآن ويعمل بشكل مستقل وهو أكثر اعتدالا من القادة الآخرين.

أيديولوجيا الحركة:

وتوصف حركة "الشباب الصومالية" بأنها حركة سلفية جهادية متمردة، وتزعم أنها تسعى إلى إقامة "دولة إسلامية"، وقد أعلنت مرارا ولاءها لتنظيم "القاعدة". وتصف تقارير غربية الحركة بأنها عضو في التنظيمات الجهادية السلفية العالمية التي يوجد فيها مسلحون لا من الصومال فقط بل من دول عربية وإسلامية أخرى شتى. وعلى غرار ما يفعل تنظيم الدولة (داعش) تستغل حركة "الشباب الصومالية" شبكة الإنترنت لنشر رسائلها وبياناتها وتسجيلات فيديو خاصة بها على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع ذات صبغة سلفية جهادية بهدف الترويج لأفكار الحركة واستقطاب أكبر عدد ممكن من الشباب للانضمام لصفوفها وهو ما نجحت فيه الحركة جزئياً ولولا ضعف الإمكانات الإلكترونية في أغلب دول القارة الإفريقية لكان نتائج هذا الترويج وذلك الاستقطاب أكبر مما هي عليه الآن.

التعداد والإمكانيات القتالية:

بعد القضاء على "المحاكم الإسلامية"، أصبحت حركة الشباب أقوى الفصائل الإسلامية المسلحة في الصومال، ويقدر عدد عناصرها بين 3 آلاف و7 آلاف عنصر، يعتقد أن لها معسكرات تدريب في إريتريا يخضع مقاتلوها فيها لدورات تدريبية، يكتسبون خلالها مهارات قتال الشوارع والتفخيخ والتفجير، واستخدام الأسلحة الفردية والمدفعية. كما يتبع عناصر حركة "الشباب المجاهدين الصومالية" أساليب مشابهة لأساليب تنظيم القاعدة، من حيث العبوات الناسفة على الطرق، أو السيارات المفخخة، والعمليات الانتحارية، والقصف المدفعي.

النشاط الإرهابي:

رغم تضييق الخناق على حركة الشباب المجاهدين الصومالية من قبل عدة جهات مثل القوات التابعة للاتحاد الإفريقي "أميصوم" والقوات الكينية والصومالية والأوغندية، إلا أن الحركة تسعى بين الحين والآخر لإيجاد موقع لها على خريطة الإرهاب في إفريقيا، لاسيما في شرق القارة، وهو الأمر الذي يتطلب مزيدًا من الجهود لمكافحتها والقضاء على طموحاتها ومساعيها.


علاقة الحركة بالتنظيمات الإرهابية الأخرى:

عُرفت حركة الشباب بولائها لتنظيم القاعدة منذ ظهورها على ساحة الجماعات الإرهابية وهو ما أعلنته الحركة في أكثر من مناسبة، ولكن مع ظهور تنظيم الدولة (داعش) وجدت الحركة نفسها أمام تحدٍ كبير بين الثبات على ولائها للقاعدة وبين إعلانها البيعة لداعش على غرار ما فعلته جماعات وتنظيمات أخرى مثل بوكو حرام التي بايعت داعش، ومن هنا نشب الخلاف داخل الحركة بين مؤيد لمبايعة داعش ومعارض لذلك، الأمر الذي انتهي بظهور بعض الخلايا التي انشقت عن الحركة وبايعت داعش فصارت توقد نار الإرهاب في الصومال، والوطن هو الضحية، حتى باتت الصومال بين نار الشباب والمنشقين عنهم. والتي كان أبرزها جماعة جديدة باسم "جاهبا إيست أفريكا" والتي أعلنت بيعتها لزعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي. وهي جماعة تضم المنشقين عن "حركة الشباب" من الذين تركوا الحركة بسبب قضية مبايعة داعش من عدمه وأنهم أعلنوا ولائهم لتنظيم الدولة. وهو ما أكده المتحدث باسم المنشقين حين قال إن حركة الشباب قد عجزت عن إحراز أي نصر كما لم تعمل على تطوير نفسها سواء على المستوى البدني أو الجانب النفسي. وأردف قائلاً: "نحن جماعة "جاهبا إيست أفريكا" سنعمل جاهدين على أن ندافع عن جميع إخواننا في شرق إفريقيا، فدعكم من حركة الشباب وكل من انضوى تحت لوائها من أمثال جماعة المهاجرين أو جماعة الهجرة أو جماعة أنصار الإسلام".  

الدعم المادى:

لا تتوفر معلومات كافية عن مصادر تمويل الحركة. ولكن ما هو معروف عنها أنها تعتمد في جزء من تمويلها على عمليات القرصنة، وخطف بواخر مع طواقمها من المياه الإقليمية الصومالية، أو المياه الدولية المقابلة للسواحل الصومالية وتستبدلها بمبالغ مالية ضخمة، ومما يظهر حجم التمويل الذي تعتمد عليه الحركة امتلاكها أسلحة ثقيلة تصل لحد قذائف الهاون والصواريخ أحياناً وأيضاً ظهورها على ساحة الإعلام الإليكتروني من خلال مؤسسة الكتائب الجناح الإعلامي للحركة والتي تقوم بنشر البيانات الصادرة عن الحركة وكذا حصاد عمليات الحركة شهرياً عبر مواقع متعددة ومما يشير إلى قوة الحركة رغم جهود المكافحة المبذولة من قبل قوات الجيش الصومالي وقوات الاتحاد الإفريقي "أميصوم" أنها لا تزال قادرة على المقاومة والظهور بين الحين والآخر من خلال عمليات تتنوع بين أهداف عسكرية صومالية وأهداف لمقار قوات "أميصوم" كما وقع الشهر الماضي، وبين أهداف مدنية كالفنادق والتجمعات السكنية، ذلك الظهور والنشاط الذي تميزت به الحركة في الآونة الأخيرة في ظل تراجع نشاط جماعات أخرى ومنها داعش التنظيم الذي يوصف بأنه الأخطر على مستوى العالم.

نتيجة مهمة

اضطلاعاً بمسئوليتنا في مرصد الأزهر نحو إلقاء الضوء على مكامن الخطر في العالم نختتم هذا التقرير بنتيجة هامة، وهي أن جماعات التطرف والإرهاب في العالم باتت تمثل خطراً داهماً على اختلاف مواقعها وتفاوت موازين القوى فيما بينها، وليس من المقبول أن ينصبّ التركيز حول جماعة أو تنظيم بعينه مهما بلغت خطورته، بل ينبغي أن تكون المواجهة شاملة لكل التنظيمات، وهي في الأساس مواجهة فكر قبل أن تكون مواجهة عسكرية؛ إذ الأمر ليس قاصراً على عدد من الجماعات والتنظيمات التي إذا تم القضاء عليها فسيكون العالم قد تخلص من هذا الوباء اللعين، بل إن الأزمة في حقيقتها هي أزمة فكر وليست مجرد أعمال إجرامية يقوم بها مجموعة ممن فقدوا صوابهم، الأمر الذي يُحتم أن تتم المواجهة في الأساس على معالجة الفكر وليس ما ينتج عنه، وهو ما يحاول مرصد الأزهر الشريف القيام به من خلال نشاطه المستمر وعمله الدؤوب على تصحيح هذا الفكر المتطرف وتحذير الشباب من الوقوع في براثنه، وتنبيههم إلى أن الفكر القويم لا يجنح للعنف ولا يأمر بإراقة الدماء؛ حيث من المعلوم أن معالجة الفكر أهم وأولى من المواجهة العسكرية، وفي الوقت ذاته يتطلب جهداً أكبر لأن نجاحه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإقناع المخاطب بتغيير فكرة ترسّخت في ذهنه ربما لسنوات واستقر في يقينه أنها هي الصواب وما عداها خطأ؛ لذا يقوم المرصد بتحمل هذا العبء الكبير لمعالجة هذا الفكر، ليس فقط لدى المنضمين لتلك الجماعات؛ بل يعمل أيضاً على تحصين الشباب من أن تصيبهم لعنة هذه الأفكار فما هؤلاء الشباب المنضم لهذه الجماعات إلا فريسة أفكار خبيثة زيّنت لهم قتل الأبرياء وصوّرته على أنه جهادٌ في سبيل الله وأن الموت من أجله شهادة ينالون بها جنة الله ونعيمه المقيم. وهو ما يدفعنا دائما لإرشادهم وإسداء النصح إليهم لعلهم يعقلون!!!

                                                وحدة رصد اللغات الإفريقية

    أغسطس 2016م

 

طباعة
الأبواب: أخبار المرصد
كلمات دالة: