المرأة لم تخلق فقط للإنجاب

  • | الخميس, 24 مارس, 2016
المرأة لم تخلق فقط للإنجاب

بسم الله الرحمن الرحيم

المبادئ:

  1. المرأة خلقت من جنس الرجل، فكانت شقيقة له في الإنسانية، ومعينة له في تحمل المسئولية، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء:1].
  2. المرأة في أصل الخلقة فوق تحملها المسئولية، خلقت لأسمى وظيفة، بجعلها موضع النسل والإنجاب؛ لتكون سبباً مع الرجل في المحافظة على النوع الإنساني، عن طريق التناسل والتوالد، قال تعالى: { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء:1].
  3. جاء حديث القرآن الكريم عن المرأة حديثاً منصفاً وضعها في أكرم منزلة، فتحدث عنها كأم للإنسانية، وأم لنبي، وزوجة لنبي، وملكة صاحبة رأي في قومها، وبصيرة في قولها.
  4.  المرأة في التاريخ الإسلامي مشاركة في مجالات الحياة المختلفة، ولم تحرم من أي نوع من أنواع المشاركات التي تتناسب مع فطرتها وخلقتها.

التفصيل:

أولا: المرأة مكون أساسي في بناء المجتمع الإنساني.

لقد سطرت آيات القرآن الكريم دور المرأة في الحياة وفي بناء المجتمعات الإنسانية، فكانت شريكة الرجل في إقرار قِوام الأسرة باعتبارها اللبنة الأولى في أساس المجتمع، والخلية التي ينتج عنها التوالد والتكاثر في النسل البشري منذ خلق الله عز وجل الإنسان الأول في عالم البشر، وصنفه إلى نوعين متكاملين وفقاً للطبيعة الفطرية في كل منهما – الذكر والأنثى- ، قال تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [النجم:45]، فكانا معاً هما الأساس في التنوع البشري الذي قام عليه امتداد النوع الإنساني حتى الآن وإلى يوم القيامة {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات:13].

وحتى يكون النوع الإنساني ذا نسب معروف ورحم موصول، جاءت العلاقة بين الإنسان الأول –آدم- كذكر، والأم الأولى –حواء- أنثى، علاقة زواج شرعي بوحي من الله عز وجل {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}، فلم تكن علاقة صداقة، ولا علاقة خِدن تستباح فيها المرأة، وإنما علاقة أنساب وأصهار وتواصل أرحام، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء:1].

ثانيا: المرأة في المسئولية شقيقة الرجل.

مما يميز الشريعة الإسلامية في النهوض بالمرأة أنها شيدت فكرة المساواة بين الإناث والذكور في الخلق والتكريم والتكليف والحساب والجزاء مع الحرص على توزيع العمل بصورة تحافظ على نظرية التمايز بين الذكورة والأنوثة، فكانت المساواة هي مساواة الشقين المتكاملين "النساء شقائق الرجال"، وهو ما يدفع المجتمعات لتوزيع العمل بين الرجال والنساء على أساس الطبيعة الفطرية التي استندت إلى تحديد السنة لدور كل من الرجل والمرأة في المسئولية، فكانت المرأة مسئولة كما الرجل مسئول، وهو ما أشار إليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا" [رواه البخاري].

 

 

ثالثا: الإنجاب من أهم وظائف المرأة وخصائصها، إلا أنها لم تخلق من أجله فقط.

إن قضية الإنجاب من أهم وظائف المرأة وخصائصها، وأعظم مسؤولياتها، فمهما أُسند للمرأة من أعمال، ومهما ألقي عليها من تكاليف، فيجب أن يظل عملها الأصلي هو الإنجاب والأمومة، إلا أنه ليس معنى كونه عملها الأصلي أنها محصورة في هذا العمل، ممنوعة من مزاولة غيره من الأعمال، بل خلقها الله تعالى لتعمل في الحياة العامة، كما تعمل في الحياة الخاصة، وجعل لها أن تزاول كل أنواع المهن التي تتناسب مع فطرتها وطبيعة خلقتها، وأن تتولى العقود، وأن تملك كل أنواع الملك، وأن تنمي وتستثمر أموالها، وأن تباشر شؤونها في الحياة بنفسها، وأن تقوم بسائر المعاملات، فدورها في الحياة ليس قاصرًا على الإنجاب، بل خلقها الله تعالى لحفظ توازن الحياة، ولتشارك آدم عليه السلام رسالته، وهي مثله تمامًا في التكليف وتحقيق العبودية لله رب العالمين، وقد أشار القرآن الكريم إلى المساواة عند الله بين الذكر والأنثى بغير تفريق في التكليف أو الجزاء، وكذلك في ثمرات الأعمال و الجهود، فقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:71-72].

رابعا: المرأة في التاريخ الإسلامي مشاركة في مجالات الحياة المختلفة.

القرآن الكريم ذكر المرأة في مواضع تكريم واصطفاء، فهي إما أم لنبي، أو زوجة نبي، أو ملكة صاحبة رأي في قومها، وبصيرة في قولها، قال تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} ، {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ}،{إنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ}، وقد ذكر القرآن الكريم سورة باسم جنسها، وهي سورة النساء.

والمرأة في التاريخ الإسلامي مشاركة في التعليم والرواية والتدريس، والجهاد، والدعوة، وبناء الحضارة، ومشاركة في شتى مناحي الحياة في المجتمع الإسلامي من العهد النبوي، وإلى الآن؛ فكانت المرأة في العهد النبوي تشهد الصلوات مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم-  بغية الحصول على ثواب الجماعة، وتعلم العلم الشرعي الذي يتدارس في المسجد، وقد أعطاها النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الحق بقوله: «لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» ( أخرجه البخاري).

وكانت تشارك في الغزوات مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وتدافع عنه صلى الله عليه وسلم، وكانت تداوي الجرحى،  وكانت حريصة على المشاركة برأيها فيما يستجد من أحداث، بل تجاوز المسلمون أخطر أزمة في بداية تاريخ الإسلام يوم صلح الحديبية بحكمة امرأة ومشورتها وهي أم المؤمنين - أم سلمة رضي الله عنها- حينما أشارت على النبي " صلى الله عليه وسلم " في صلح الحديبية أن يبدأ هو بالحلق، فحقنت دماء المسلمين وحقنت فتنة كادت أن تقع ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين ظهرانيهم (أخرجه البخاري).

ومن يقرأ السيرة النبوية يجد مشاهد عدة لنساء كن يعملن في مواقع عدة ويكفلن أسرهن، وينفقن عليهن، ومن ذلك ما روي أن ريطة بنت عبد الله الثقفية زوجة عبد الله بن مسعود " رضي الله عنه " كانت امرأة صناعًا تعمل وتنفق على زوجها وأولادها، جاءت إلى النبي " صلى الله عليه وسلم " فقالت له: «إِنَّنِي امْرَأَةٌ ذَاتُ صَنْعَةٍ أَبِيعُ مِنْهَا، وَلَيْسَ لِي وَلَا لِوَلَدِي وَلَا لِزَوْجِي شَيْءٌ، فَشَغَلُونِي فَلَا  أَتَصَدَّقُ، فَهَلْ لِي فِي ذَلِكَ أَجْرٌ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ " صلى الله عليه وسلم ": «لَكِ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ مَا أَنْفَقَتِ عَلَيْهِمْ فَأَنْفَقِي عَلَيْهِمْ»(أخرجه أحمد والبيهقي وصححه ابن حبان).

فالمرأة في نظر الإسلام تتمتع بشخصية مستقلة محترمة ذات حقوق مقررة، وواجبات معتبرة، مثلها مثل الرجل، ولم يكن دورها في الحياة قاصرًا علي الإنجاب، بل خلقها الله تعالى لتشارك الرجل في شتى مجالات الحياة، فلم تحرم من أي نوع من أنواع المشاركات التي تتناسب مع فطرتها وخلقتها.

طباعة
كلمات دالة: