ملصق عنصري يستهدف المسلمين يثير غضبًا واسعًا في فرنسا

  • | الخميس, 15 مايو, 2025
ملصق عنصري يستهدف المسلمين يثير غضبًا واسعًا في فرنسا

     في خضم المظاهرات التي تشهدها مدن فرنسية عدة تحت شعار مناهضة الإسلاموفوبيا والعنصرية ودعوة إلى وحدة المجتمع، تفاجأ سكان مدينة أورليان الفرنسية بظهور ملصق يحمل عبارات تمييزية صريحة تستهدف المسلمين. وتضمَّن الملصق الذي وُجد معلقًا في الأماكن العامة نصًّا باللغة الفرنسية جاء فيه: "لقد دخلتم للتو منطقة محظورة على المسلمين.. مجتمع أفضل بدون مسلمين"، الأمر الذي أثار استنكارًا واسعًا على المستويين السياسي والاجتماعي، وعاد ليفتح النقاش حول تنامي الأعمال المعادية للمسلمين في البلاد.
وبحسب ما نشره موقع "تجمّعات" (Tajmaât) الإعلامي، رصد هذا الملصق تحديدًا في شارع "شارل سانجلييه" بمدينة أورليان التابعة لإقليم لواريت، وسرعان ما انتشرت صورته على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ويحتوي الملصق إلى جانب تلك العبارات العنصرية على صور مشطوبة باللون الأحمر لرموز إسلامية مثل الحجاب، ومشهد للصلاة في الشارع، ورسوم لأشخاص ملتحين. ويختتم الملصق برسالة واضحة تدعو إلى "مجتمع أفضل بدون مسلمين". كما تضمن رابطًا إلكترونيًّا يقود إلى منصة تروج لمنتجات مرتبطة بالفكر النازي.
يأتي ظهور هذا الملصق في سياق يشهد تصاعدًا في الأعمال العدائية تجاه المسلمين في فرنسا، حيث سجلت البلاغات المتعلقة بهذه الأعمال زيادة قدرها 37% خلال العام الماضي 2024.
وقد أثار انتشار صورة الملصق على منصة "X" (تويتر سابقًا) ردود فعل غاضبة ومستنكرة. فوصف السيد "توماس بورتيس"، النائب عن حزب "فرنسا الأبية" في "سين سان دوني"، هذا الملصق بأنه "مثير للاشمئزاز"، ووجه انتقادات حادة إلى وزير الداخلية الفرنسي، السيد "برونو ريتايو"، محملًا إياه مسؤولية هذا المناخ المتوتر.
من جهتها، طالبت النائبة الأوروبية، السيدة "ريما حسن"، بمساءلة عمدة مدينة أورليان، السيد "سيرج غروار"، وتساءلت عبر حسابها على منصة "X" عن رد فعله تجاه هذا الحادث. وتأتي هذه المطالبات السياسية في ظل توتر سابق بين بلدية أورليان والمجتمع المدني، وذلك بعد رفض البلدية تخصيص قاعة لتنظيم مؤتمر حول "الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي" كان من المقرر أن ينظمه "التجمع المناهض للفاشية" في أورليان.
وعلى الرغم من عدم إعلان السلطات عن فتح تحقيق رسمي حتى الآن للكشف عن الجهة التي تقف وراء تعليق هذا الملصق، فقد عبر العديد من المراقبين عن قلقهم إزاء تصاعد المناخ المتوتر تجاه المسلمين والطوائف الدينية الأخرى في فرنسا، حيث تعد هذه الحادثة مؤشرًا على وجود نزعة متزايدة نحو تهميش فئة معينة من المجتمع الفرنسي، وهو ما تغذيه الخطابات المتطرفة.
جدير بالذكر أن هذا الملصق يعد الأول من نوعه، حيث اقتصرت حوادث العنصرية على الرموز المرتبطة بالعلمانية، وقضايا الهجرة، وتيارات اليمين المتطرف. وبهذا، يمكن تفسير هذه الأفعال على أنها محاولة لتطبيع التعصب وزرع بذور الانقسام داخل المجتمع الفرنسي من خلال تأجيج التوتر بين مكوناته المختلفة.
لذا، يدعو مرصد الأزهر لمكافحة التطرف إلى ضرورة التصدي بحزم لهذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد النسيج المجتمعي الفرنسي، وتعمل على تقويض أسس التعايش المشترك بين جميع الطوائف على الأراضي الفرنسية. ويحذر المرصد من أية دعوات تسعى إلى تهميش المسلمين أو اعتبارهم خارج إطار المجتمع الفرنسي، مؤكدًا أن المسلمين هم مكون أساسي لا يمكن إنكاره، وأن مثل هذه الدعوات لن تساهم إلا في إضعاف الترابط بين عناصر المجتمع.
ويشدد مرصد الأزهر على الحاجة الملحة إلى فتح نقاش جاد وعميق حول سُبل تعزيز قيم التسامح والاحترام المتبادل بين مختلف الأديان والثقافات في فرنسا، إضافة إلى بحث الآليات الكفيلة بحماية حقوق المسلمين بوصفهم مواطنين يتمتعون بكامل الحقوق والواجبات، وضمان مشاركتهم الكاملة في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية داخل الدولة الفرنسية.

طباعة
كلمات دالة: