دراسة: الإسلاموفوبيا خطر مزدوج على النسيج المجتمعي والاقتصاد البريطاني

  • | الإثنين, 23 يونيو, 2025
دراسة: الإسلاموفوبيا خطر مزدوج على النسيج المجتمعي والاقتصاد البريطاني

 

أجرت منظمة "Equi" البريطانية، وهي منظمة بحثية مستقلة معنية بطرح أفكار ورؤى جديدة تتعلق بالسياسة العامة في المملكة المتحدة بما يسهم في تحقيق الخير والرفاه في المجتمع، دراسة استقصائية شارك فيها مسلمون، وغير مسلمين، ولا دينيين؛ بهدف قياس مشاعر الكراهية للمسلمين، وتقييم التماسك المجتمعي في بريطانيا. وتأتي الدراسة -التي تحمل عنوان: "حتى تكون بريطانيا موحدة: معالجة الكراهية ضد المسلمين جزء من الحل"(Britain United: Tackling Anti-Muslim Hatred Is Part of the Solution)- في سياق تصاعد ملحوظ في معدلات الكراهية ضد المسلمين في المملكة المتحدة خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد الأحداث التي شهدها صيف عام 2024م؛ حيث تشير مصادر متعدددة إلى زيادة كبيرة في جرائم الإسلاموفوبيا، وارتفاع مشاعر انعدام الأمان بين المسلمين البريطانيين. ولذلك تسلط هذه الدراسة الضوء على الأبعاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لهذه الظاهرة، وتحاول الوصول إلى حلول عملية من شأنها تعزيز تماسك المجتمع، ووحدته.

من أجل الوصول إلى مثل هذه الحلول، توجهت الدراسة بعدد من الأسئلة للمشاركين، منها: هل ستدافع عن شخص مسلم (أو شخص يعتنق دينًا آخر) إذا رأيته يتعرض للمضايقة أو التحرش من شخص آخر؟ ووجه القائمون على الدراسة أسئلة أخرى للمشاركين تتعلق بنظرتهم للإسلام والمسلمين في المملكة المتحدة، وما إذا كانوا على علم ببعض الجوانب التي تتعلق بالإيثار والمحبة للغير في الإسلام مثل الزكاة الواجب على المسلمين دفعها للفقراء والمحتاجين في المجتمع.

وقد جاءت أبرز النتائج الرئيسية التي توصل إليها التقرير كما يلي:

·       تكتنف كراهية المسلمين آثارًا اجتماعية وسياسية واقتصادية كبيرة؛ فهي تؤثر على تماسك المجتمعات، وتزعزع الثقة بين أفرادها وبين الحكومة، لا سيما عقب الأحداث الكبيرة مثل أحداث الشغب التي وقعت في صيف 2024م.

·       تؤدي كراهية المسلمين إلى تقطع العلاقات بين المجتمعات. وبعض المسلمين البريطانيين يشعرون بأنهم مستهدفون بشكل غير مسبب بذريعة تدابير مكافحة الإرهاب مثل: إستراتيجية منع " Prevent"، وانعدام الثقة بين المسلمين البريطانيين وبين الحكومة والمجتمعات المجاورة، يقوِّض من التماسك المجتمعي، ويزيد من الإحساس بالغربة والعزلة لدى الأفراد.

·       تشكل كراهية المسلمين عبئًا اقتصاديًّا كبيرًا على البلاد؛ حيث بلغت التكاليف التي تكبدتها المملكة المتحدة في أحداث الشغب، التي وقعت في صيف 2024م، 243 مليون جنيهًا إسترلينيًّا على أقل تقدير. كما تتضمن التكاليف الاقتصادية المباشرة آثار جرائم الكراهية المتسمة بالعنف، وتكاليف سيطرة الشرطة على أعمال الشغب، وتكاليف السجون، وكذلك الدعاوى المرفوعة بالتعويضات والضمانات عقب أعمال الشغب.

·       إن استهداف جماهير الناس بالحملات التوعوية التي تبرز "الدور الإيجابي" الذي يلعبه المسلمون في مجتمعاتهم يمكن أن يؤدي إلى تحولات إيجابية في السلوكيات. إن الغالبية من السكان في المملكة المتحدة أصحاب رؤى إيجابية، أو محايدون تجاه المسلمين البريطانيين، حتى ولو كان علمهم بالإسلام قليلًا. وتساعد حملات التوعية العامة في زيادة معرفة الناس بهذا الدين مثل: إبراز خُلُق الكرم الذي يتمتع به المسلمون البريطانيون، والمصارف الخيرية التي يبذلون فيها أموالهم محليًّا، كل هذا يمكن أن يغير مشاعر العامة تجاه الإسلام والمسلمين.

وفي النهاية، قدَّم التقرير توصيات، منها:

1-     على الحكومة تبني رؤية من شأنها توحيد الناس في المملكة المتحدة وتجميعهم ومجابهة ظواهر مثل: نشر المعلومات المغلوطة، والاستقطاب السياسي، والخطاب المثير للانقسامات. وينبغي كذلك على الحكومة معرفة المخاطر والأضرار المرتبطة بالسماح بالخطابات الرامية إلى الشقاق والنزاع والانقسام، وعدم تحجيمها.

2-     ينبغي على الحكومة مجابهة ظاهرة كراهية المسلمين، ووضع ذلك على قمة أولويات جهودها الرامية إلى تحسين التماسك المجتمعي. واعتبر التقرير أن مجابهة ظواهر مثل: كراهية المسلمين، والتمييز على أساس الجماعة، والرهاب من الأجانب، ومعاداة السامية، مفتاح لتحسين التماسك المجتمعي. كما أن هذا يساعد على تعزيز الأواصر المجتمعية، وتحسين الثقة في الحكومة، وتوفير الموارد اللازمة للاستجابة لجرائم الكراهية والعنف وأعمال الشغب.

3-     ينبغي على الحكومة تطوير إستراتيجية تشمل عدة وزارات لإدماج مجموعات المجتمعات، بما في ذلك الجهات الفاعلة في مجال الأديان.

4-     ينبغي على وزارة التعليم تشجيع المدارس على أن تلعب دورًا مركزيًّا في القضاء على ظاهرة كراهية المسلمين، وتعزيز التماسك المجتمعي.

5-     ينبغي أن تقدم وزارة الإسكان والمجتمعات والحكومة المحلية ووزارة الثقافة والإعلام والرياضة "مخططًا للمنح الحضرية بمساحات مشتركة"، بما يضمن التماسك المجتمعي، والاندماج، وتشارك الخبرات العملية بين أفراد المجتمعات.

6-     ينبغي أن تشجع وزارة الثقافة والإعلام والرياضة قنوات الإعلام المختلفة والرائجة على إبراز إسهامات المجموعات الدينية المتنوعة في مجتمعاتها المحلية، بما في ذلك المسلمون البريطانيون. فإن إبراز مثل هذه الإسهامات الإيجابية لتلك المجموعات يمكن أن يحسِّن التماسك المجتمعي، ويحد من ظاهرة كراهية المسلمين.

في الحقيقة، تقدم هذه الدراسة رؤية شاملة لمعالجة الكراهية الموجهة للمسلمين في بريطانيا، وتعزيز التماسك المجتمعي والاستقرار على المستويين السياسي والاقتصادي. وتؤكد التوصيات التي تدعو إلى ضرورة وجود تدخلات عاجلة من مختلف الجهات الحكومية والمجتمعية أن التصدي لهذه الظاهرة، والعمل على القضاء عليها، لم يعد من قبيل الترف السياسي أو الاجتماعي، بل صار ضرورة للحفاظ على وحدة المجتمع ومستقبله.

وحدة اللغة الإنجليزية


 

طباعة