في خطوة تحمل أبعادًا إنسانية وسياسية خطيرة على مستقبل قطاع غزة المكلوم، كشفت العديد من الصحف العبرية عن خطة أعدها الكيان الصهيوني لإقامة منطقة جديدة على أنقاض مدينة رفح الفلسطينية، جنوبي قطاع غزة، لتكون مركز تجمع رئيسي لسكان غزة؛ حيث يتم احتجاز الفلسطينيين بداخلها بعد الخضوع لفحوصات أمنية، فيما لا يُسمح لهم بمغادرتها مرة أخرى.
وعلى الرغم من محاولات الكيان الصهيوني إظهار مخططه الخبيث في صورة المشروع الإنساني عبر إطلاقه على هذه المنطقة مسماه المزعوم "مدينة إنسانية"، فإن بنوده تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الاحتلال في الحقيقة يسعى إلى إقامة سجن كبير داخل قطاع غزة؛ ووفقًا لما جاء في تلك المواقع، تتضمن الخطة الصهيونية عددًا من البنود، وذلك على النحو التالي:
· إدخال 600 ألف فلسطيني إلى تلك المنطقة الجديدة في المرحلة الأولى عقب إخضاعهم لفحوصات أمنية صارمة.
· عدم السماح بمغادرة هذه المنطقة، أو الخروج منها مرة أخرى.
· تم الاتفاق على إقامة هذه المنطقة بين محوري صلاح الدين "فيلادلفيا"، وموراج، جنوبي قطاع غزة.
· يتحكم الكيان الصهيوني بشكل كامل في إدخال المساعدات الغذائية، والإنسانية إلى تلك المنطقة.
· يعتبر الكيان الصهيوني إقامة هذا السجن الكبير إحدى أسس ما يُطلقون عليه: "اليوم التالي" لحرب الإبادة في غزة.
· يستغل الاحتلال خلال الـ(60) يومًا المتوقعة لوقف حرب الإبادة في غزة لإنشاء هذه المنطقة.
· إقامة 4 نقاط جديدة لتوزيع المساعدات التي تشرف عليها ما تُسمى: "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة، والكيان الصهيوني.
· إنشاء هذه المنطقة هو مرحلة أولى من مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى عدة دول أخرى؛ حيث ذكرت بعض التقارير أنه قد جرت بالفعل اتصالات أولية مع عدد من دول العالم دون الكشف عن أسمائهم.
وفي تصريح يكشف البعد الإستراتيجي الأعمق، أشار وزير الحرب الصهيوني، يسرائيل كاتس، إلى وجود رغبة متزايدة داخل الكيان الصهيوني في تشجيع ما سماه بـ"الهجرة الطوعية" لأهالي غزة. وبيَّن أن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يعمل على تحديد الدول التي قد توافق على استقبال الغزويين، في إطار رؤية صهيونية لإعادة توزيع السكان الفلسطينيين خارج حدود القطاع.
كما أوضح الوزير الصهيوني أن قوات الاحتلال ستقوم بتأمين المنطقة التي من المخطط إقامة المدينة الإنسانية فيها جنوب قطاع غزة، إلا إنها لن تتولى إدارتها المباشرة، ولن تُشرف على توزيع المساعدات. وأضاف أن الكيان الصهيوني يسعى إلى إشراك جهات دولية في هذا المشروع، في محاولة لمنح المخطط غطاءً دوليًّا؛ تخفيفًا لحدة الانتقادات المتوقعة.
ويبرز الوجه الأكثر إثارة للجدل في هذا المخطط في المرحلة التالية؛ حيث كشفت القناة 12 العبرية أن الاحتلال يعمل على تفعيل آليات متعددة لتسريع ما أسمته: "الهجرة الطواعية" للغزويين بعد تجميعهم داخل المنطقة المقترحة مشيرة إلى أن جيش الاحتلال قد بدأ فعليًّا في وضع الأسس التنفيذية لهذا المخطط على أرض الواقع في مشهد يُنذر بتحولات جذرية في الخريطة السكانية.
ويؤكد المرصد أن هذا المخطط الخبيث ما هو إلا سجن للإنسانية خلف الأسلاك، وتسويق للهجرة من الجذور باعتبارها خلاصًا، وأن الهدف منه الإمعان في إذلال الفلسطينيين وتجويعهم، وخلق بيئة مثالية للتهجير القسري، وإفراغ القطاع من سكانه؛ وهو الهدف الرئيس للصهاينة منذ بدء حرب الإبادة في أكتوبر 2023م، وأن هذا المخطط يحقق للصهاينة مآربهم في احتلال كل أرض فلسطين، واجتثاث الفلسطينيين من أرضهم التاريخية.
وحقيقة لا نكاد نستوعب قدرة الكيان على التبجح حين يُطلق مصطلح "الهجرة الطوعية" كخيار كريم، ولا ندري كيف تكون "هجرة طوعية" تحت حصار وتجويع وتجريف كامل لكل أشكال الحياة، وكيف تكون "طواعية" على أشلاء أكثر من 50 ألف شهيد، وعلى حطام قطاع مدمر بالجملة، وعلى حساب تشريد وتجويع نحو مليوني إنسان؛ فالهروب هنا ليس خيارًا طوعيًّا، وإنما شكل من أشكال النجاة من جحيم احتلال لم يعرف التاريخ له من قبل مثيلًا.
وحدة الرصد باللغة العبرية