في إطار المساعي المستمرة لدعم استقرار الصومال ومكافحة خطر التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، وافق المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي خلال دورته الـ47 المنعقدة في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية على تخصيص تمويل طارئ قدره (10 ملايين دولار) لصالح بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم الاستقرار في الصومال (AUSSOM).
جاء ذلك الإعلان من الاتحاد الإفريقي بعد أيام من دعوة مصر المجتمع الدولي لتوفير دعم مالي مستدام لنجاح مهام مواجهة الإرهاب بمقديشو. ويهدف هذا التمويل إلى تعزيز قدرات البعثة الجديدة التي انطلقت مطلع عام 2025م، خلفًا لبعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية (ATMIS)، في مواجهة التحديات الأمنية المتفاقمة، خاصة مع استمرار حركة الشباب في شن هجمات دامية ضد القوات الحكومية والمدنيين على حد سواء.
وأوضح الاتحاد الإفريقي أن المخصصات الجديدة ضرورية لتلبية المتطلبات التشغيلية العاجلة للبعثة، مشيرًا إلى أن الضغوط المالية الراهنة تهدد بتقويض جهود دعم الأمن، وإعادة بناء مؤسسات الدولة الصومالية.
كما دعا مسؤولو الاتحاد إلى ضرورة تعبئة دعم مالي وسياسي أوسع من الشركاء الدوليين، لضمان استمرارية عمل البعثة الجديدة التي تمثل حجر الزاوية في مساعي الصومال للتغلب على التحديات الأمنية في الصومال. وقد شدد الاتحاد على ضرورة حشد دعم دولي سياسي ومالي واسع لضمان استدامة بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم الاستقرار في الصومال (AUSSOM). أيضًا الضغط على الدول المانحة للوفاء بتعهداتها تجاه الأمن في القرن الإفريقي. إضافة إلى التنسيق مع الأمم المتحدة، والهيئات الإغاثية؛ لضمان حماية المدنيين في المناطق المتضررة([1]).
حركة الشباب: خطر إقليمي وعالمي
هذا ولا تُعد مواجهة حركة الشباب معركة صومالية محلية فحسب، بل هي معركة ذات أبعاد إقليمية ودولية، نظرًا لقدرة التنظيم على تنفيذ هجمات عابرة للحدود، وتهديد الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن. فقد توسعت عمليات الجماعة الإرهابية إلى كينيا، وإثيوبيا، وأوغندا، ما يؤكد على خطورة ترك الصومال بمفرده في هذه المواجهة المعقدة.
وتسيطر الحركة على مناطق واسعة من وسط وجنوب الصومال، وتشن هجمات انتحارية، وكمائن، وهجمات مسلحة تستهدف مؤسسات الدولة، والمقار الحكومية، والقوات الأمنية والعسكرية، والمدنيين، والأسواق العامة، وبعثات أجنبية، والمقار الدبلوماسية. وقد تفاقم هذا التهديد في ظل بدء خطة الانسحاب التدريجي للقوات الدولية، ما يُشكل عبئًا متزايدًا على الجيش الصومالي الذي لا يزال في طور التأسيس.
أهداف بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم الاستقرار في الصومال (AUSSOM):
مساندة القوات الصومالية في العمليات الميدانية ضد حركة الشباب.
بناء قدرات مؤسسات الدولة الأمنية والحكومية.
ضمان الانتقال الآمن من البعثة السابقة ATMIS إلى الاعتماد الكامل على القوات الوطنية.
تهيئة الظروف الملائمة لإجراء انتخابات، واستعادة الحكم المحلي الفاعل.
لكن هذه الأهداف الطموحة تواجه عقبات مالية ولوجستية تعرقل تنفيذها بالشكل المطلوب، ويمثل الدعم المالي المقدم من الاتحاد الإفريقي (10 ملايين دولار) استجابة عاجلة لحالة الاستنزاف المالي، والضغوط التشغيلية التي تواجهها البعثة الجديدة.
ويهدف هذا التمويل إلى:
دعم العمليات الميدانية العاجلة في مناطق التوتر.
تأمين المعدات واللوجستيات الأساسية للتنقل، والاتصال.
تحفيز الدول المساهمة بقوات على نشر وحداتها وفق الجداول المحددة.
منع الفراغ الأمني في المناطق المحررة من حركة الشباب.
ويعكس هذا التمويل كذلك إدراك الاتحاد الإفريقي لخطورة ترك الصومال في لحظة حرجة، خصوصًا مع التأخير في انتشار بعض الوحدات العسكرية من الدول المشاركة.
ختامًا
يمثل التمويل الطارئ الذي أقره الاتحاد الإفريقي خطوة حيوية لتعزيز استقرار الصومال ومكافحة إرهاب حركة الشباب، لكنه يظل حلًّا مؤقتًا يتطلب إرادة دولية شاملة، ورؤية إستراتيجية طويلة المدى، تُدمج فيها الجوانب الأمنية، والسياسية، والتنموية؛ لضمان القضاء الكامل على التهديد الإرهابي، وبناء مستقبل آمن، ومستقر للصومال، وشعبه.
ومن ثمَّ فإن النجاح في مكافحة إرهاب حركة الشباب يتطلب:
تعزيز قدرات الجيش الوطني الصومالي عبر التدريب، والدعم التكنولوجي والاستخباراتي.
توسيع عمليات مكافحة الإرهاب لتشمل المجالين الإعلامي والفكري لمحاربة أيديولوجيا الشباب.
ضمان إشراك العشائر والمجتمع المدني في الجهود الأمنية؛ لضمان استدامة المكاسب الميدانية.
دعم إصلاح القضاء والعدالة؛ لتمكين الحكومة من محاكمة المشتبه بهم، وضمان الردع.
إطلاق مبادرات مصالحة محلية لاحتواء المقاتلين السابقين، وتأهيلهم مجتمعيًّا.
وحدة الرصد باللغات الإفريقية
([1]) الاتحاد الأفريقي يوافق على دعم طارئ بقيمة 10 ملايين دولار لبعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال